حقوقيون: الحكم في قضية الطفلة غيثة غير متناسب ويجب تصحيحه استئنافيا

أثار الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ببرشيد، والقاضي بالحبس 10 أشهر نافذة في حق الشاب المتسبب في حادثة دهس الطفلة غيثة بشاطئ سيدي رحال بمدينة الدار البيضاء، موجة واسعة من الرفض الشعبي، رافقها غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر العديد من النشطاء أن العقوبة “لا ترقى إلى مستوى الفعل المرتكب”، كما رأى حقوقيون أن الحادث يجسد استهتارًا خطيرًا بسلامة الأطفال في الفضاءات العمومية.
وكانت الطفلة غيثة، البالغة من العمر أربع سنوات ونصف، قد تعرضت يوم 15 يونيو 2025 لحادث مروّع بشاطئ سيدي رحال بالدار البيضاء، حينما دهستها سيارة رباعية الدفع كانت تجر دراجة مائية “جيت سكي”.
وأثار الحادث حينها حملة تضامن وطنية واسعة تحت وسم #العدالة_لغيثة، عبّر خلالها الآلاف عن تضامنهم المطلق مع أسرة الطفلة، كما رأى النشطاء أن صرخة والدها المكلوم تمثل صوت كل أب مغربي يخشى على أطفاله من الإهمال والفوضى المنتشرة في بعض الشواطئ والفضاءات العامة.
وفي هذا السياق، قال رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، إنه من الضروري تسجيل تساؤل مشروع حول كيفية التكييف القانوني للواقعة، خاصة في ظل التزامات المغرب بموجب اتفاقية حقوق الطفل، حيث أشار إلى المواد 6 و19 و39 التي تفرض حماية حياة الطفل وضمان إنصافه.
كما لفت السدراوي الانتباه إلى مسألة التباين في الأحكام القضائية، مستحضراً قضية صفعة قائد تمارة التي شهدت تشددًا ملحوظًا، والحكم الصادر ضد الصحافي حميد المهدوي بسنة ونصف حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 150 مليون سنتيم، “على خلفية حلقة عبّر فيها عن رأيه”، معتبرا أن كل ذلك يطرح إشكالية تناسب العقوبة وتوحيد المعايير.
وفي غضون ذلك، جدد السدراوي دعوته إلى التفعيل الفعلي للمواثيق الدولية، وضمان عدم الإفلات من العقاب في الجرائم التي تمس الأطفال، مع التأكيد على ضرورة تصحيح الحكم خلال مرحلة الاستئناف.
وطالب الفاعل الحقوقي بفتح تحقيق من قبل الجهات القضائية العليا، معتبرًا أن المصلحة الفضلى للطفل يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
من جانبه، قال الناشط الحقوقي عمر أربيب، إن الحكم الصادر ليس نهائيًا، ولم يكتسب بعد قوة الشيء المقضي به حتى يتم البت فيه استئنافيا، موضحا أنه لا يرغب في الخوض في مسألة العقوبة الحبسية، إذ أبرز أن الهدف ليس سجن الأشخاص بقدر ما هو حماية الأرواح.
لكن المتحدث شدد، في نفس الوقت، على أن “السائق ارتكب عدة أخطاء بالشاطئ، وكان من الممكن أن تكون نتائج الحادث أكثر خطورة وربما مميتة بالنسبة للطفلة، ولذا اعتبر أن ما وقع يعكس نوعًا من التهور الذي يجب التصدي له بحزم لحماية سلامة المواطنين، خاصة الأطفال”.
وفيما يتعلق بالشق المدني من الحكم، أكد أربيب أنه “يجانب الصواب”، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن إنصاف أو جبر ضرر حقيقي في ظل الإصابات البليغة التي لحقت بالطفلة على مستوى جميع أطرافها، وما عانته أسرتها من أذى نفسي ومادي كبير، بحيث أوضح “أن التعويض المحكوم به لا يعكس حجم المعاناة”.
وعبر أربيب عن أمله في أن تتم مراجعة الحكم خلال مرحلة الاستئناف، بما يجعله أكثر عدلا وإنصافا لحقوق الطفلة وأسرتها، كما يرى أن تحقيق العدالة الحقيقية يتطلب تقديرًا يتناسب مع حجم الفعل وخطورته، ومع الضرر الكبير الذي لحق الضحية.