story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

حقوقيون: إلغاء ذبح الأضاحي هو نتيجة لفشل السياسات الفلاحية بالمغرب

ص ص

يرى عدد من الحقوقيين أن القرار الملكي، القاضي بعدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة، عرّى “عجز الحكومة عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين وفشل سياساتها العمومية في الحفاظ على القطيع الوطني”.

وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي أن القرار الملكي الأخير “يعكس وعيًا عميقًا بالمعاناة الحقيقية للمواطنين، ويدعو إلى ضرورة فتح نقاش وطني جدي حول سياسة تدبير قطاع المواشي والفلاحة بالمغرب”، الذي، وفق تعبيره، أثبت “فشلًا ذريعًا” في ضمان الأمن الغذائي، وتوفير اللحوم والأضاحي بأسعار معقولة للمستهلك المغربي.

واعتبر السدراوي، أن الاختلالات التي يعرفها قطاع الأعلاف واللحوم، والارتفاع المبالغ فيه في الأسعار، هي نتيجة “لفشل السياسات الفلاحية الرسمية، وعلى رأسها مخطط المغرب الأخضر”، الذي بحسبه، لم يحقق العدالة الاجتماعية في المجال الفلاحي، “بل ساهم في تعميق الفوارق بين الفلاحين الكبار والصغار، وجعل الأمن الغذائي رهينة لتقلبات السوق ولوبيات الاحتكار”.

وفي هذا السياق، طالب رئيس الرابطة بفتح تحقيق شفاف ومستعجل حول طرق توزيع الدعم الفلاحي الذي خصصته الدولة خلال السنوات الأخيرة لكبار موردي الأغنام وأصحاب الضيعات الكبرى، مشيرا إلى “وجود شبهات قوية حول استفراد لوبيات اقتصادية نافدة بحصة الأسد من هذا الدعم، مقابل إقصاء صغار الفلاحين والكسابة”، ما أدى إلى تفاقم الاحتكار وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

وشدد السدراوي على أن الوقت قد حان لإعادة تقييم شامل للسياسات الفلاحية بالمغرب، محملًا المسؤولية السياسية والمؤسساتية لكل الجهات المتورطة في ما وصفه بـ”نهب المال العام الموجه لدعم الفلاحين والمربين”، داعيا إلى إصلاحات عميقة تضمن العدالة الاجتماعية والغذائية، وتجعل من القطاع الفلاحي رافعة للتنمية العادلة بدل أن يكون أداة للاغتناء غير المشروع.

ومن جانبه، أرجع عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قرار إلغاء ذبح الأضاحي لهذا العام إلى “عجز الحكومة عن التخفيف من حدة الأزمة رغم إطلاقها عدة برامج لدعم المربين”، مشيرًا إلى أن هذه البرامج لم تحصن القطاع من التلاعبات التي شهدها السوق في السنوات الماضية.

وأوضح تشيكيطو، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الدولة قدمت دعمًا مباشرًا للموردين والمربين، وعمدت إلى تخفيض أسعار الأعلاف عبر الاستيراد، إلى جانب وضع برامج لمواجهة ندرة المياه، “إلا أن كل هذه التدابير لم تحدّ من الغلاء، ولم تستطع كبح جشع الوسطاء والمضاربين الذين استمروا في التحكم في الأسعار”.

وأضاف المتحدث ذاته أن الأزمة الراهنة تكشف عن تحديات في التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأزمات المناخية والزراعية، حيث لم تتمكن السياسات المتبعة من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الحيواني أو ضمان استقرار السوق، مما جعل أسعار الأضاحي تصل إلى مستويات غير مسبوقة، لتصبح عبئًا ثقيلاً على المواطنين، حتى من الطبقة المتوسطة.

وفي ظل هذه الظروف، شدد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان على أن القرار الملكي جاء كإجراء استثنائي يراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعيشه المغاربة، ويعكس الحاجة إلى إعادة تقييم السياسات العمومية المتعلقة بالقطاع الفلاحي، بما يضمن عدالة في التوزيع وحماية للقدرة الشرائية للمواطنين.

وأكد المتحدث ذاته أن القرار الملكي “لا يرتبط بجهة معينة، وإنما جاء استجابة للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت في ندرة الأضاحي وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق”، ما جعل الاحتفال بهذه الشعيرة يمثل عبئًا ماليًا ثقيلًا على العائلات المغربية، حتى من الطبقة المتوسطة، التي باتت تعاني من الأعباء الإضافية.

وأشار رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن المضاربين وتجار الأزمات والمناسبات لعبوا دورًا في تفاقم الوضع، مستغلين ارتفاع الطلب لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، مشددا على أن ارتفاع أسعار المحروقات ساهم بشكل مباشر في غلاء جميع المنتجات المرتبطة بالأضحية، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على الأسر المغربية.

وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، قد أعلن مساء الأربعاء 26 فبراير 2025، في رسالة ملكية أن الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، أهاب بالمغاربة عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة نظرًا للتراجع الكبير في أعداد الماشية وتداعياته السوسيو-اقتصادية.

وقال الملك في الرسالة، التي تلاها أحمد التوفيق، إنه “من منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير للمؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزامًا بما ورد في قوله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة”.

وأضاف الملك أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب المغربي وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: “هذا لنفسي وهذا عن أمتي”.

وأهاب بالمغاربة بأن يحيوا عيد الأضحى “وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.