حزب الاستقلال.. عميد فكر الموالاة
هو أب الأحزاب المغربية وأعرقها تاريخا، تمرّس على مجاورة السلطة كما لعب أدوار المعارضة في مسرح الحسن الثاني السياسي. حمل السلاح في عهد الاحتلال بعد أن رسخ الحزب الوطني وجوده وانتشرت خلاياه عبر التراب الوطني وتقوّت تنظيماته، ليستقر عزمه على الخروج من مرحلة “احراج” ادارة الحماية ببعض المطالب المتعلقة بالاصلاحات إلى الاقدام على الخطوة الحاسمة بتقديم عريضة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944 الذي أصبح تاريخ الميلاد الرسمي للحزب، لتصيبه الطلقات “الصديقة” في عهد الاستقلال.
برز منذ فجر الاستقلال كحزب يتقن لغة الخشب كما يبرع في لغة الصراع، أنعش العمل السياسي بالبلاد لما أحدثته كلمة “استقلال” من صدى في صفوف الجماهير باعتبارها مرادفا لكلمة “جهاد”، لكنه واصل بحثه عن الاستقلال بـ”حكومة منسجمة” الى ما بعد 1956. عكس الأحزاب التحررية في البلدان التي مرت بمحنة الاحتلال، لم يسبق للحزب أن انتشى ببلوغ السلطة في المغرب المستقل باستناء السنة اليتيمة التي شغل فيها أحمد بلا فريج منصب الوزير الأول بجوار ولي للعهد شديد الغيرة على سلطات والده التنفيذية، اسمه مولاي الحسن، لتتاح له الفرصة بعد انتخابات 2007 لحيازة الوزارة الأولى.
“إذا كان للغرب من فضل فهو كونه دائم الحركة ولا يرضى بما نال، إن روحه التي تنقصنا هي الإيمان بالتطور الفكري الدائب واعتبار ما كان في عهد سابق ليس من الضروري أن يستمر في العهود الأخرى”. ليس الحديث هنا للمهدي بن بركة أو عبد الرحيم بوعبيد، بل لعلال الفاسي، الفقيه العلامة الذي ولد في فاس سنة 1910 والتحق بجامعة القرويين كطالب سنة 1926، وسيظل حزب الاستقلال مرتبطا باسمه وبإنتاجه الفكري وبخطابه السياسي.