story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

جيل “التيكتوك” وأسامة المسلم.. الجيل الذي يقرأ العوالم التي تستهويه

ص ص

كاتب أربعيني قادم من السعودية، “صالح” يافعي المغرب مع فعل القراءة، يحدثهم عن العوالم السحرية وعما وراء الطبيعة، تتكلم رواياته لغة “الجن والإنس” معا لتخترق في الآن ذاته وجدان جيل “قيل عنه إنه جيل هجر القراءة واستبدلها بالتيكتوك”.

هو الكاتب أسامة المسلم الذي “خلق” الحدث يوم أمس السبت 11 ماي الجاري بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، بعد أن حج جيل بأكمله إلى المعرض أملا في رواية ممهورة بتوقيع هذا الكاتب الذي “اجتمع حوله اليافعون من كل صوب”.

 “سأعانق الخوف مبتسمًا على أمل أن أموت كما ولدت”

أسامة المسلم، رواية “خوف”.

“هروب” نحو الفانتازيا

كانت “نجوى” ذات الـ16 ربيعا حاضرة يوم أمس بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، تكبدت عناء القدوم من مدينة تطوان إلى الرباط بحثا عن توقيع من كاتبها المفضل أسامة المسلم، لكنها عادت في النهاية دون أن تحصل عما كانت تريد.

تحدثت “نجوى” إلى “صوت المغرب” بينما يعلو وجهها تعب أقرب للخيبة، تقول “إنها أول مرة آت فيها إلى معرض الكتاب، أتيت من أجل الحصول على توقيع من أسامة المسلم” تسترسل “لقد قرأت كل أعماله حتى أنني كررت قراءة رواية خوف مرتين”.

وتحمل نجوى بين يديها كل أعمال الكاتب تقريبا، بينما لا تحمل أي كتاب آخر، تقول إنها “اكتشفته عن طريق يوتيوبر مغربي يحكي القصص الواردة في هذه الروايات” وحينما استمعت نجوى إلى تلك المقاطع شدتها تلك العوالم ورغبت في اكتشاف المزيد، وفق تعبيرها.

وحينما سألنا نجوى ما الذي يدفعها نحو “الفانتازيا والخيال”، أجابت أنها تستمتع كثيرا وهي “تهرب” من الواقع إلى الخيال، وتضيف “أن ما يجعل هذا الكاتب مميزا في نظرها هو قدرته على مزج الخيال بالواقع، وعبرت عن ذلك بقولها “إنه يجعلني أحس أن ما أقرأ حقيقي فعلا”.

“الأسئلةُ في هذا العالمِ أكثرُ من الأجوبةِ فلا تحرص على المساهمةِ في فائضٍ وتهمل التعويضَ في نقص”

أسامة المسلم، رواية “هذا ما حدث معي”.

هذا ما حدث “معنا”

قدم أنس ذو الـ17 سنة هو الآخر من مدينة القنيطرة إلى معرض الكتاب بالرباط، لنفس الغاية التي أتت من أجلها نجوى.. لقاء الكاتب أسامة المسلم.

يقول أنس إن الذي حدث معه ومع هؤلاء اليافعين الآخرين، “هو أن الكاتب زج بهم في عوالمه السحرية” وقال “إني مثلا أحس أني أعيش تلك المغامرات مع شخصيات أسامة المسلم، وواصل “أصادف أحيانا عبارات تقولها الشخصيات أحسها عميقة جدا”.

وتابع أنس قائلا “إن ما يدهشه أيضا في كتابات هذا الروائي، قدرته على استحضار شخوص من رواياته السابقة بطريقة تجعلك تحس أن كل ذلك يحدث داخل عالم واحد وأن هناك دائما رابطا بين كل تلك القصص”.

ومن ضمن ما يجعل هذا الكاتب السعودي “مميزا” في أعين الجيل الذي يقرأ له إلى جانب الخيال والسحر، أجمع جل الشباب الذين تحدثت إليهم “صوت المغرب” إلى أنه “متواصل جيد” ويترجم ذلك وفقهم “حضوره الدائم على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعله معهم”.

“الكره إحساس لا يستحقه إلا من كنت تحمل له في قلبك يوما شيئاً من الحب و عدا ذلك فلا تقدم له سوى الشفقة”

أسامة المسلم، رواية “بساتين عربستان”

شرخ أم وصاية ؟

مشاهد تدافع الشباب الذين هم مثل نجوى وأنس، أثارت التفاعلات بين من يرى أن ذلك “يترجم حجم الشرخ بين الأجيال” وبين من يرى أن “انتقاد الذائقة القرائية لهذا الجيل، نوع من أنواع الوصاية”.

وممن أجهر بهذا الرأي الأخير الشاعرة والكاتبة المغربية سكينة حبيب الله والتي قالت في تدوينة لها على موقع فايسبوك ” كاشفة جداً صدمة الوسط الثقافي المغربي باكتشافه – متأخراً- وجود قاعدة جماهيرية من عشرات الآلاف من الشباب (اليافعين على وجه الخصوص) في المغرب يقرؤون لأسامة مسلم الذي يكتب في نوع أدبي، يمثل اهتمام فئة كبيرة من القراء في العالم ولا يزال يترفع عنه الكاتب المغربي وينظر إليه بشيء من الاستصغار”.

وتابعت معتبرة أن “هذه الصدمة تسلط الضوء على الهوة العميقة بين أسئلة وانشغالات الشباب وبين الماء الذي تحرثه الدوائر الأدبية”.

وقالت إنه “في كل بلد، تجد بيست سيلرات من هذه الفئة، لكن في المغرب، يكتفي المثقف ببكائيات من قبيل أن الشاب المغربي لا يقرأ سوى دقيقة واحدة في السنة دون أن يقدم له كتاباً واحداً يحاكي عوالمه أو يتحداها، بل دون أن يتوقف لحظة ليلقي نظرة على ما يوجد داخل رأس هذا الشاب ويفهمه”.

وخلصت إلى أن “هذه الساحة لا تزال فارغة في المغرب، والشباب – المراهقون على وجه الخصوص – ينتظرون كاتباً يتحدى خيالهم ويقدم لهم متعة ابنة هذا العصر، وجبة تمزج بين التخييل والتاريخ والأسطورة والخيال العلمي، دون تثاقف”. تقول سكينة حبيب الله.

‏” الصمت حكمة إلا عندما ترى ظلماً أو تسمع حماقة ”

أسامة المسلم، رواية “عصبة الشياطين”

عن العوالم الـ”آسرة”

ويكتب أسامة المسلم الروايات من نوع الفانتازيا والفانتازيا التاريخية بقصص وأحداث ذات طابع تشويقي وبسرد الأحداث على الطريقة السينمائية، مع توظيف أسماء غريبة لأبطال شخصياته.

وكانت “خوف” أول رواية تصدر له سنة 2015 ثم بعدها أصدر ما يقارب عشر روايات في ثلاثة أعوام. وقد ذكر عن رواية خوف “أنها لم تكن معدة للنشر وإنما كانت عبارة عن مذكرات للكاتب أو سيرة شبه ذاتية له شخصيًا وأن بعض أجزائها كانت جزءًا لما مر به”.

وأكمل مسيرته في عالم الفانتازيا “الغامضة والمخيفة” فأصدر بعدها في نفس السنة رواية “بساتين عربتسان” وعاد في هذه الرواية لعصر ما قبل الإسلام متبعا فيها طابع الفانتازيا الغامضة، وألحقها بخمسة أجزاء أخرى، فتبدأ السلسلة بكتاب “بساتين عربستان” ثم الجزء الثاني الذي يحمل عنوان “عصبة الشياطين”ثم الجزء الثالث بعنوان “رياح هجر” لينهي بذلك سلسلة أحداث متشابهة.

وبعدها أصدر أجزاء أخرى تحمل أحداثا وزمنا وشخصيات جديدة إلا أن بعضها متصل بماضي الأحداث الأولى، وحمل الجزء الرابع عنوان “العرجاء”، ثم الجزء الخامس الذي أسماه “الساحرة الهجينة”.

وإلى جانب هذه العناوين أصدر أسامة روايات أخرى تحمل ذات الطابع “الغرائبي”، ولم يحز هذا الكاتب السعودي شعبية واسعة لدى الشباب في الأوساط العربية فحسب بل ترجمت رواياته إلى اللغة الإنجليزية وحتى الصينية وقريبًا ستترحم إلى اللغتين الفرنسية والإيطالية.