حقوقيون يستنكرون “التعذيب والاعتقال التعسفي” بالمغرب ويعتبرونه “ممارسة ممنهجة”

سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “استمرار مسلسل الانتهاكات الجسيمة في المغرب”، مشيرة إلى أن “التعذيب والاعتقال التعسفي أو بسبب الرأي ممارسة ممنهجة”، كما أن “حالات القتل في مخافر الشرطة وفي السجون وغيرها من ضروب المعاملة القاسية والمهينة قائمة كذلك”.
وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في البيان العام الصادر عن مؤتمرها الوطني الرابع عشر، والذي توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، بتشكيل الهيئة المستقلة للحقيقة، بهدف “كشف الحقيقة عن كافة الانتهاكات الجسيمة، وضمنها ملفات ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير، وتحديد المسؤوليات وتفعيل مبدأ المساءلة”، مع الاعتماد على مقاربة شمولية في مجال جبر الضرر، وإنصاف الضحايا وحفظ الذاكرة والاعتذار الرسمي من طرف الدولة.
كما دعت إلى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة باعتبارها حداً أدنى، وتأمين الشروط اللازمة لعدم التكرار من خلال بالإسراع بإصلاحات سياسية ودستورية وقانونية وتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لعدم الإفلات من العقاب وللتثقيف في مجال حقوق الإنسان.
المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي
وشددت الجمعية على ضرورة وقف كل أشكال الاعتقال بسبب التعبير عن الرأي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي الذين من بينهم معتقلي حراك الريف، ومدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، وصحافيين ومدونين، ومستعملي وسائط التواصل الاجتماعي، ونشطاء الحراكات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية، ونقابيين وطلبة، ومعطلين ونشطاء صحراويين، ومناهضين للتطبيع، “ومواطنين يتم اعتقالهم في إطار الانتقام منهم ومن أقاربهم المنتقدين لسياسات الدولة”.
وأدانت تعرض معتقلي الرأي لمجموعة من الانتهاكات، “منذ لحظة التوقيف وأثناء المحاكمات غير العادلة، التي تتوج بأحكام قاسية”، مطالبين الدولة بالتفاعل الإيجابي مع القرارات الصادرة عن فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي لفائدة مجموعة من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وذلك بإطلاق سراح المعتقلين منهم، وجبر ضرر وتعويض المفرج عنهم.
كما طالبت “بوقف المتابعات والاستنطاقات والاستفزازات، التي يتعرض لها العديد من النشطاء بسبب الرأي والتعبير، والتجمع السلمي، والإبداع الفني والأدبي، بينهم مناضلين في الجمعية”، معربة عن استعدادها للاستمرار في النضال إلى جانب عائلات المعتقلين السياسيين، وكافة القوى المناضلة للمطالبة بوضع حد للاعتقال السياسي، والمتابعات بسبب الرأي والتعبير.
كما أعربت عن استعدادها أيضا للنضال أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وفي طليعتهم معتقلو حراك الريف، ومناضلي الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنشطاء الصحراويين، إلى جانب الإراج عن معتقلين على خلفية ما يسمى بالسلفية الجهادية أو في إطار قانون الإرهاب، أو إعادة محاكمتهم مع تمتيعهم بكافة شروط المحاكمة العادلة.
“استغلال السياق الدولي”
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن الدولة “استغلت السياق الدولي المتردي لإحكام قبضتها الأمنية على كل مفاصل الحياة، وتصعيد هجمتها العدوانية على الحركة الحقوقية والديمقراطية، والتضييق على المواطنين”، معتبرة أنها تواصل قمع الحركات الاحتجاجية المطلبية، ومصادرة الحق في التنظيم، وتسخير القضاء لإصدار الأحكام الجائرة، فضلاً عن التشهير بالمناضلين. وأضافت أن “اللجوء للمقاربة القمعية يهدف إلى فرض مزيد من التحكم في الفضاء العام ومواقع التواصل الاجتماعي لتكميم الأفواه”.
كما شددت على أن الدولة “مستمرة في نهجها التصفوي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي الاستيلاء التعسفي على المزيد من الأراضي وتهجير أصحابها، مثل أراضي الجموع والسلالية وأراضي الكيش والحبوس، وأراضي القبائل في الصحراء والملك الغابوي والأراضي المملوكة للدولة، وتقديمها كهدايا لمافيا العقار والفلاحين الكبار”.
وأشارت إلى أن السلطات العمومية أقدمت على “هدم الآلاف من البنايات والمنازل تعسفيا في العديد من المدن مثل الرباط، والدار البيضاء، ومراكش، والمحمدية، بدون تعويض أو إيجاد بدائل لضمان الحق في السكن بدعوى توفير العقار اللازم لاستقبال التظاهرات الكروية”.
تفاقم الأوضاع المعيشية
أما على المستوى الاجتماعي، فنبهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى “تفاقم الأوضاع بسبب الأزمة الاقتصادية التي انعكست على أغلب شرائح وفئات المجتمع”؛ إذ ارتفعت الأسعار، وتفاقمت أوضاع الفقر والهشاشة، وتراجعت القدرة الشرائية لعموم المواطنين، وتزايدت نسبة البطالة التي وصلت لأرقام قياسية غير مسبوقة خاصة في صفوف الشباب.
كما تدنت الأجور وتجمدت، بحسب بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي أشارت إلى أن الشغيلة تعاني هي الأخرى من الإجهاز على حقها في الحماية الاجتماعية، “وتسويغ الطرد التعسفي والتسريحات الجماعية اللاقانونية، بالإضافة إلى الإجهاز على حقها في التنظيم النقابي وفي الإضراب الذي كرسه القانون التنظيمي للإضراب بعد فرضه قسرا على الفرقاء الاجتماعيين والشغيلة”.
وذكرت أن قطاع الصحة يعرف بدوره “تدهورا مضطردا” أمام خوصصة جل المستشفيات والخدمات الصحية، والنقص الحاد في الموارد البشرية واللوجستيكية، وهو “ما يفضح زيف الخطابات الرسمية المطمئنة بشأن الحماية الاجتماعية”.
القضايا الخارجية
هذا وعبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن استيائها من استمرار النزاع حول الصحراء، منذ عشرات السنين مع “ما نتج عنه من ضحايا ومآس إنسانية، وإهدار للطاقات الاقتصادية، وعرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة”، مؤكدة في نفس الوقت على موقفها بشأن الحل الديمقراطي والفوري للنزاع، والتصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها.
كما استنكرت استمرار سكوت الدولة عن احتلال إسبانيا لسبتة ومليلية والجزر الشمالية، “وتهاونها في المطالبة باسترجاعها”، مشددة على ضرورة العمل على تحريرها وإرجاعها للمغرب. وجددت إدانتها لتوقيع الدولة المغربية، يوم 10 دجنبر 2020، لاتفاقية التطبيع وإمعانها في تطبيع علاقتها مع إسرائيل لتطال مختلف المجالات، بما فيها المجال العسكري والأمني والسيبراني والمخابراتي، رغم فظاعة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال وحلفاؤه على الشعب الفلسطيني.
ونبهت إلى أن التطبيع يشكل “خطراً على الشعب المغربي على كافة الأصعدة كإبرامه للعديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية المكرسة لتبعية أكبر للسياسات الإمبريالية والصهيونية المهددة للسيادة المغربية واستقرار المنطقة ككل”.