جمعيات تحذر: تعديلات المسطرة الجنائية تهدد مسار الشفافية وتمنح حماية للفساد
بعدما دخل القانون 03.23 المتعلق بالمسطرة الجنائية حيز التنفيذ ابتداء من الإثنين 8 دجنبر 2025، ترى العديد من جمعيات المجتمع المدني في هذا القانون “انحرافا تشريعيا” يهدد مسار الشفافية ويمنح الفساد حماية “غير مسبوقة.”
و في هذا السياق اعتبرت مبادرة الجمعيات ضد التعديل الحكومي للمادتين 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية أن “المادة 3 هي أخطر ما جاء في التعديل”، كونها تنصّ على أنه لا يمكن مباشرة أي تحقيق أو رفع دعوى عمومية إلا بأمر صريح من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وبعد إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بطلب من هيئات محددة بشكل ضيق.
و أضافت أن “النيابة العامة تفقد على مختلف مستوياتها سلطة المبادرة”، فيما تُجرّد هيئات المجتمع المدني من حقها في التبليغ، ويحرم الضحايا من رفع دعاوى مدنية، كما تصبح التبليغات التي يفرضها القانون على الموظفين العموميين، بموجب المادة 42، “بلا قيمة ولا أثر”.
وأكدت مبادرة الجمعيات ، في بيانها أن هذه الصيغة تمنح مرتكبي جرائم الفساد والاختلاس “حصانة شبه مطلقة”، لأن تحريك المتابعة “لن يكون ممكنا إلا بإرادة السلطات العمومية التي تم حصرها بشكل صارم، باستثناء حالات التلبس”.
ورغم خطورة التعديلات، تقول المبادرة إن الحكومة “تجاهلت آراء ثلاث مؤسسات دستورية” و هي الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ،والمجلس الوطني لحقوق الإنسان معتبرة إياها مؤسسات عبّرت بوضوح عن “رفضها لهذه التعديلات” كونها تُضعف حماية المال العام وتناقض مقتضيات الدستور واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
كما اعتبرت الجمعيات أن الحكومة “تعمدت نشر القانون بسرعة قبل عرضه على المحكمة الدستورية”، خشية إلغائه إذا أثارت الجهات المخول لها ذلك مسألة عدم دستوريته.
وأكد البيان أن تطبيق هذا القانون سيزيد من تعميق أزمة الفساد التي يعيشها المغرب منذ سنوات، مشيرا إلى أن البلاد تراجعت من المرتبة “73 عالميا سنة 2018″ إلى المرتبة”99 سنة 2024” في مؤشر الفساد، وهو ما يعكس بحسب الجمعيات “نسقية الفساد واتساعه داخل المؤسسات”.
وخلصت المبادرة في بيانها بالتشديد على استمرار العمل المشترك مع كل الهيئات الحقوقية والسياسية والنقابية “لإسقاط هذا التطاول على الحقوق الأساسية للمواطنين والنيابة العامة”، معتبرة أن الهدف هو صون صورة المغرب في المحافل الإقليمية والدولية والوقوف ضد ما وصفته بـ “المؤامرة المحبوكة لحماية الفساد”.