جدل مستمر حول “قانون العقوبات البديلة”
لا زال مشروع قانون العقوبات البديلة يطرح نقاشا كبيرا، بين مؤيد ومعارض، في الوقت الذي صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب عليه، وأدخلت تعديلات توسع من قائمة المحكومين القادرين على الاستفادة من مميزاته.
تعديل القانون الجنائي كان أولى
وفي ذات السياق، عبر عدد من الفاعلين، عن مخاوفهم من اعتماد هذا القانون بصيغته الحالية، وذلك خلال حديثتهم في ندوة نظمها معهد “برومثيوس” للديمقراطية وحقوق الانسان، يوم السبت الماضي، في العاصمة الرباط.
ووجهت النائبة عن حزب العدالة و التنمية ربيعة بوجة، انتقادات حادة للمشروع الذي حمله وزير العدل عبد اللطيف وهبي، واعتبرت النقاش الحاصل اليوم حول اعتماده هضر للزمن التشريعي لأن منظومة القانون الجنائي كانت أولى بالمراجعة، وقالت “فالمفترض أن قانون العقوبات البديلة هو جزء لا يتجزء من منظومة القانون الجنائي والذي أصبح متجاوز ولا يستوعب تطور الجريمة بالمغرب وفرض ضرورة تعديله”.
وأضافت النائبة “أن أهمية مشروع قانون العقوبات مطروحة بل تأخر عن موعده، حيث كان من المفترض أن يعتمد منذ سنوات، لكن الجديد اليوم أنه عندما حضر النص وغابت الإرادة السياسية”.
كما اعتبرت بوجة أن سحب الحكومة للتعديلات التي كان من المفترض مناقشتها حول مضمون بعض مواد القانون الجنائي، بحجة أن الحكومة ترغب في تغييره بمقاربة شمولية، كاول اجراء للحكومة، وبعدها تخلت عنه، يعبر عن غياب الارادة الحقيقية في معالجة المشاكل المطروحة، وفضلت اليوم أن تأتي الحكومة بما وصفته “بمشروع يتيم يجب ان نعترف اننا تاخرنا في فرض العقوبات البديلة وخير دليل واقع السجون” .
تحذير من “شراء الأيام”
وتدافع وزارة العدل على مشروع قانون العقوبات البديلة، حيث أكد هشام ملاطي ممثل مديرية الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل خلال ذات الندوة، أن المشروع يشمل تسع عقوبات، منها السوار الإلكتروني، الخدمة للمنفعة العامة ثم “شراء الأيام” أو الغرامة اليومية حسب ما جاء في مضمون القانون.وطمأن ملاطي المتخوفين من “شراء أيام السجن”، كعقوبة بديلة بكونها سترتبط بمبدأ احترام الدعوة العمومية، حيث أنه لا يجوز التنازل عن الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة تحت أي ظرف كان، دون موافقة الضحية.في المقابل، حذرت البرلمانية بوجة، من أن يتسبب اعتماد الغرامة اليومية في فقدان العقوبة غايتها في الردع وإعادة الإدماج، حيث أن الفصل 35.03 من مشروع القانون جعل حالة العود سببا يحرم من الاستفادة من العقوبات البديلة، لكونه حرمان يبقى مرتبطا بصنف الجريمة، حيث يتيح بشكل غير مباشر للشخص أن يستفيد من العقوبات البديلة، في حالة قيامه بجريمة من صنف آخر.المشروع في صيغته النهائية جعل قيمة “شراء أيام السجن” متناسبة مع دخل الشخص بالاستناد إلى وثائق إتباث دخله، وهو ما علقت عليه البرلمانية بالتحذير من أن ينفذ هذا المقتضى فقط على أصحاب الدخل المحدود، بسب تهرب آخرين من الإعلان عن ثروتهم أو ممتلكاتهم، مشددة على عدم التسرع في اعتماد هذا القانون من أجل تحقيق أهدافه مخافة الوقوع في خطر ارتفاع منسوب الجريمة.
تخوف من حصر العقوبات
في صيغته النهائية، رفع مشروع قانون العقوبات البديلة، مدة العقوبة السالبة للحرية التي يمكن للمحكمة أن تحولها إلى عقوبة بديلة من سنتين الى خمس سنوات، وهو ما سيسهم في توسيع نطاق إعمال العقوبات البديلة لتشمل جرائم ضبطية وتأديبية.
هذا التمديد قال أنس سعدون ممثل المجلس الوطني لحقوق الانسان، أنه جاء بناء على ملاحظات المجلس حول النسخة الأولى من مشروع قانون العقوبات البديلة.وجدد سعدون، ما جاء في رأي المجلس الوطني لحقوق الانسان حول المشروع محط الجدل، وخصوصا تخوفه من أن تطبق العقوبة البديلة كبديل للسجن موقوف التنفيذ، وهو ما قد لا يحقق الأثر المرجو منها من مواجهة ظاهرة اكتظاظ السجون وتزايد حالات العود أو التنصيص على العقوبات البديلة في القانون وبقاء تفعيلها محتشما على أرض الواقع.