جدل حول الاستعانة بالأساتذة في الإحصاء ونقابي: هدر الزمن المدرسي مسؤولية الدولة
أثار تزامن موعد انطلاق عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى مع الدخول المدرسي لهذه السنة، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الحقوقية والنقابية المتابعة للشأن التعليمي، خاصة بعد مشاركة الآلاف من رجال التعليم في العملية التي تستمر طيلة شهر شتنبر.
وعد حقوقيون مشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء، التي تنطلق من فاتح شتنبر المقبل إلى الثلاثين منه، سلوكاً يتعارض مع مصلحة التلاميذ، فضلاً على أنه “إقصاء لعدد كبير من حاملي الشهادات العاطلين عن العمل”.
وقال عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن “مكان رجل التعليم في شهر شتنبر هو القسم من أجل المصلحة الفضلى للتلاميذ ومن أجل صورة المدرسة العمومية وليس الإحصاء”، مضيفاً أنه “كان على النقابات اتخاذ موقف لصالح التلاميذ من خلال التعبير عن رفض ذلك”، حسب تعبيره.
في المقابل، حمّل عبد الرزاق الإدريسي الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE، في حديثه إلى “صوت المغرب”، مسؤولية “هدر الزمن المدرسي ” للدولة ومؤسساتها، مشيراً أنها ليست “مسؤولية نساء ورجال التعليم ولا النقابة”.
وأوضح الإدريسي أنه يتوجب على الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تدبير الإحصاء الوطني بشكل يراعي مصلحة التلاميذ، “ولا يمس بحق بناء وبنات شعبنا في التعليم من الأولي إلى العالي”، مشدداً على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار “أن المدرسين لديهم التزام تجاه تلاميذهم”، في شهر شتنبر.
من جهته، ذكر مصطفى الأسورتي عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم أن عملية الإحصاء “محطة تاريخية ووطنية مهمة لا تتم إلا مرة في كل عشر سنوات، ولها أهميتها القصوى على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي”، مشيراً إلى أن الأساتذة المشاركين فيها “لم يخالفوا القانون ولم يسلبوا حق غيرهم، بل مارسوا حقهم الذي منحته لهم الدولة والجهة المشغلة”.
وشدد الأسورتي، في تدوينة على صفحته في منصة فايسبوك، على أن المشاركين في هذا الاستحقاق موظفون من مختلف القطاعات وليس التعليم فقط، “ما يجعل هذه الحملة متهالكة في أسسها ونبل نواياها”، حسب تعبيره، وأضاف: “ليس هناك من هو أحرص على المدرسة العمومية وحق التلاميذ في التعليم من الأساتذة أنفسهم”.
ودعا عضو المكتب الوطني للنقابة التعليمية التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى “توجيه سهام النقد لوزارة الداخلية والتربية الوطنية والمندوبية السامية للتخطيط والدولة بشكل عام، عوض الاستئساد على الحائط القصير وعلى من مارس حقه المشروع كموظف عمومي يساهم رفقة موظفين آخرين في إنجاح استحقاقات وطنية مهمة سواء تعلق الأمر بالاحصاء أو الانتخابات والاستفتاءات وغيرها”.
أما الأكاديمي عمر إحرشان فعد الاستعانة بالأسرة التعليمية في عملية الإحصاء “دليلاً على الاستهانة بالتحصيل الدراسي لأن هذه العملية ستؤخر بداية الموسم بشهر وستعمق هدر الزمن الدراسي”، متسائلاً “ألم يكن الأولى الاستعانة بفئات أخرى مثل الطلبة الباحثين وستكون فرصة لهم لتعلم أشياء كثيرة؟”
وأضاف إحرشان، في تدوينة على حسابه في منصة فايسبوك، “مرة أخرى تؤكد الوزارة الوصية عدم التكافؤ بين التعليم العمومي والخاص، وعدم احترامها للغلاف الزمني المنصوص عليه لضمان جودة التحصيل”.
يذكر أن الدراسة ستنطلق بشكل فعلي وإلزامي، حسب المقرر الوزاري رقم 016.24 بشأن تنظيم السنة الدراسية 2024/2025، يوم الإثنين 9 شتنبر 2024، بالنسبة للتعليم الأولي وأسلاك التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، على أن تبدأ يوم الإثنين 30 شتنبر 2024 بالنسبة لأقسام التربية غير النظامية وأقسام الفرصة الثانية.
وقبل تلك التواريخ يعود الأطر والموظفون بالوزارة إلى مقرات عملهم بتاريخ 2 شتنبر، وفي الثالث من الشهر نفسه يلتحق أطر التدريس أيضا بمقرات عملهم، كما ترتقب بداية عودة التلاميذ لمدارسهم حسب مستوياتهم، بين الرابع شتنبر والسادس من الشهر نفسه.