جبهة دعم فلسطين: التطبيع في تصاعد وهدفنا إسقاطه وتحصين المجتمع المغربي
حذّر مناهضو التطبيع من ما وصفوه بـ”تصاعد خطير” في مظاهر التطبيع، مشيرين إلى أن ذلك يأتي في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفي الضفة الغربية، رغم الهدنة المعلنة.
وأوضحت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، خلال ندوة صحافية خُصصت لتقديم حصيلة خمس سنوات من توقيع اتفاقية التطبيع، يوم الثلاثاء 16 دجنبر 2025، أن هذه المرحلة عرفت توسعًا في مظاهر التطبيع شمل مجالات متعددة، من بينها التعاون العسكري، واستعمال الموانئ المغربية، إضافة إلى التطبيع التربوي والأكاديمي، مقابل “تصاعد التضييق على مناهضي التطبيع”.
وقدّمت الجبهة حصيلة لأنشطتها خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2025، قالت إنها شملت تنظيم 11 مسيرة وطنية شعبية، و17 يومًا وطنيًا احتجاجيًا، وأكثر من 210 مسيرات محلية، و700 وقفة احتجاجية، و33 ندوة أو مهرجانًا، و90 فعالية ومبادرة، مع تسجيل منع أزيد من 33 تظاهرة خلال الفترة نفسها.
“سنسقط التطبيع”
في هذا الصدد، قال معاذ جحري، عضو المكتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، إن السنتين الأخيرتين شهدتا “حربًا جهنمية”، مشيرًا إلى أن الإبادة لا تزال مستمرة في غزة رغم الاتفاق. وأضاف: “قد تكون الحرب غيّرت إيقاعها وحدتها لكنها لم تتوقف”، داعيًا إلى “إبقاء الأعين مفتوحة، واستمرار الدعم”.
وأكد جحري أن من أهم الرسائل التي تود الجبهة تأكيدها عدم التراجع عن وتيرة نضالها. واعتبر أن إسقاط التطبيع، رغم تحوله إلى خيار استراتيجي للدولة مما يصعب المهمة، “هدف ممكن التحقيق”، مستحضرًا تجربة إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي سنة 2000 بفعل الضغط الشعبي.
وأشار جحري إلى أن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع سوف تطوّر أداءها وأشكال نضالها في المعركة ضد التطبيع، مع الاستمرار في الدعم، والمساندة، والتضامن مع الشعب الفلسطيني.
دعوة لليقظة
من جانبه، ذكر أبو بكر الونخاري، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أن الجبهة وأعضاءها يواجهون منذ سنوات تضييقًا ممنهجًا، يشمل المنع والقمع والاعتقالات والمحاكمات، مشددًا على أن ذلك “لن يثني الجبهة عن مواصلة نضالها”.
واعتبر الونخاري أن التطبيع “مسألة حياة أو موت” بالنسبة للشعب المغربي، لأن الاحتلال الإسرائيلي – بحسبه – يستهدف المغرب كما يستهدف فلسطين.
ودعا إلى إدراج مناهضة التطبيع ضمن الشعارات المركزية للحركة الاحتجاجية بالمغرب، إلى جانب إسقاط الفساد والاستبداد، مطالبًا المغاربة باليقظة والاستمرار في دعم جميع أشكال النضال التي ستدعو إليها الجبهة مستقبلًا، ومواصلة كل أشكال الدعم والنصرة للشعب الفلسطيني.
وأكد أن الجبهة المغربية لدعم فلسطين مصممة على مواصلة مناهضة التطبيع، وفضح اتفاقياته، وكشف كل أشكال التطبيع والوقوف ضدها، وقال: “لن تثنينا المتابعات، ولا المحاكمات، ولا الاعتقالات، ولا القمع الذي يتعرض له المناضلون”.
تحصين المجتمع ضرورة
بدوره، أوضح الطيب مضماض، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن تأسيس الجبهة سنة 2020، مباشرة بعد توقيع اتفاقية التطبيع، كان بهدف تحصين المجتمع المغربي في مواجهة محاولات “جعل العقل المغربي يتقبل هذا الكيان”.
وأبرز أن الجبهة تتوفر اليوم على 32 فرعاً في مختلف المدن المغربية بعد توسيع شبكتها، مع تركيز خاص على العمل الميداني داخل فئات اجتماعية القطاعات المهنية. وأشار إلى أن الجبهة استهدفت فئات محددة، من بينها النساء والجامعيون والمهندسون، معتبراُ أن الحقل الأكاديمي والتربوي يشكل أحد ميادين الصراع الأساسية ضد التطبيع.
وأكد أن العمل الميداني في هذه المرحلة سيتركز في عمق المجتمع المغربي، “وتولي الجبهة ذلك أهمية كبرى وقيمة أكبر من أي جهد آخر”، من أجل تحصين الشعب المغربي في مواجهة الخطر الصهيوني.
“عزل المطبعين”
أما إسماعيل الغزاوي، الناشط في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي إس” (BDS)، فشدد على أن معركة “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الشعبي، وأحيت روح النضال، مؤكداً على أن المقاطعة تظل من أنجع وأبسط الوسائل السلمية لمواجهة التطبيع.
وأوضح الغزاوي أن الجبهة المغربية لدعم فلسطين تتابع وترصد مختلف مظاهر التطبيع، سواء على مستوى الشركات أو التظاهرات الرياضية والثقافية والعلمية، داعياً إلى عزل كل المتورطين فيه، لأن “التطبيع ينهار عندما يفقد جدواه الاجتماعية”.
وقال: “عندما يُترك المطبعون معزولين، ينهار التطبيع من تلقاء نفسه، ولا تعود له جدوى. وبعزل التطبيع ومحاصرته يتحقق الانتصار، ويُقدَّم الدعم للشعب الفلسطيني بشكل فعّال”.
وشدد أعضاء السكرتارية الوطنية للجبهة، خلال الندوة الصحافية، على أن الهدنة المعلنة لم توقف العدوان الإسرائيلي، معتبرين أن ما يجري في غزة والضفة الغربية يشكل إبادة جماعية وتطهيراً عرقيًا وتهجيرًا قسريًا ممنهجًا.
تضييق وتطبيع
وقدمت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، في الندوة الصحافية، حصيلة مفصلة لنشاطها خلال سنتين من الإبادة، شملت تنظيم 11 مسيرة وطنية كبرى، و17 يومًا وطنيًا احتجاجيًا، وأكثر من 210 مسيرات محلية و700 وقفة، مقابل منع وقمع عشرات التظاهرات.
كما كشفت عن معطيات قالت إنها توثق “تورط” الموانئ المغربية، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، في عبور وشحن مئات الحاويات المحملة بالعتاد العسكري الموجه إلى الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى صفقات تسلح مباشرة بين المغرب وإسرائيل خلال سنة 2025.
وسجلت الجبهة، في السياق ذاته، ما اعتبرته توسعًا للتطبيع التربوي والأكاديمي، من خلال التضييق على المضامين الداعمة لفلسطين، وفتح الجامعات المغربية أمام باحثين ومؤسسات أكاديمية إسرائيلية.
وأفادت الجبهة بأن مناضليها ومناضلاتها، إلى جانب مناهضي التطبيع عمومًا، تعرضوا لمنع وقمع عدد من الوقفات والمسيرات السلمية، إضافة إلى متابعات قضائية واعتقالات، مشيرة إلى حالات قالت إنها ذات خلفية سياسية.
وسردت الجبهة عددًا من الملفات، من بينها متابعات في حق نشطاء شاركوا في وقفة أمام متجر كارفور بسلا في نونبر 2023، وأحكام صدرت في حقهم ابتدائيًا واستئنافيًا، إلى جانب استمرار اعتقال مناضلين بسبب تدوينات مناهضة للتطبيع.
وتطرقت الجبهة إلى وفاة المناضل سيون أسيدون، عضو السكرتارية الوطنية ومنسق حركة المقاطعة (BDS) بالمغرب، مؤكدة أن ملفه ما زال مفتوحًا، ومطالِبة بكشف الحقيقة وتنوير الرأي العام حول ملابسات الحادث الذي تعرض له قبل وفاته.
كما قدمت معطيات قالت إنها توثق تعزيز التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل، مشيرة إلى صفقات تسلح خلال سنة 2025، وزيارات متبادلة بين مسؤولين عسكريين، ومشاركة عناصر من الجيش الإسرائيلي في مناورات عسكرية بالمغرب.
وفي ما يتعلق بالتطبيع التربوي، أشارت الجبهة إلى واقعة تغيير امتحان موحد بدعوى “الحساسية السياسية” لنص يتناول معاناة لاجئ فلسطيني. كما تحدثت عن مشاركة باحثين من جامعات إسرائيلية في أنشطة أكاديمية بالمغرب، قبل أن يتم تجميد عضوية الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع من طرف الجمعية الدولية للسوسيولوجيا.
وسجلت الجبهة، في السياق ذاته، تنظيم دورات تكوينية وأنشطة أكاديمية بمشاركة إسرائيليين، وفتح نقاشات أكاديمية حول العلاقات المغربية الإسرائيلية.
وتحدثت عن زيارات وتصريحات لمواطنين مغاربة داخل إسرائيل، ومشاركات اقتصادية وتكوينية، وتأسيس جمعيات، وأكد المتدخلون خلال الندوة أن الجبهة ستواصل دعم الشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع، داعين إلى اليقظة والاستمرار في مختلف أشكال الدعم والمساندة.