ثلاثة شباب مغاربة ينجون من جحيم ميامار بفدية.. والعائلات ما تزال تخوض المعارك “وحيدة”
بعد عذاب مرير ذاقوه في جحيم المحتجزات بميانمار، تمكن ثلاثة شباب مغاربة من الافلات من قبضة العصابات الإجرامية، مقابل فدية قدرها 10 ملايين سنتيم دفعها كل واحد منهم، فيما تتواصل معاناة الشباب المغاربة الآخرين وسط معارك تخوضها العائلات “وحيدة” في سبيل تحرر أبنائها.
الفدية ثمنا للحرية
ووفق ما أسرت به مصادر من عائلات الضحايا لـ”صوت المغرب” اليوم الاثنين 24 يونيو الجاري، تمكن في الأيام الأخيرة الماضية، ثلاثة شباب مغاربة من التحرر عن طريق فدية دفعتها العائلات للمافيات ثمنا للحرية، وقالت المصادر إياها إن “الفدية بلغت 10 ملايين سنتيم عن كل شخص”.
وأكدت أن العائلات ما تزال تخوض معاركا بمفردها “بحثا عن سبل ممكنة لإنقاذ أبنائها العالقين في قبضة العصابات التي لا ترحم” مشيرة إلى أنها على تواصل مع منظمات إنسانية دولية تقود جهودا في هذا الجانب، فيما أكدت كذلك “عدم توصلها حتى اللحظة بأي اتصال من طرف السلطات المغربية المعنية بشأن هذا الملف” على حد تعبيرها.
وبعد تمكن هؤلاء الشباب من التحرر، يرتفع عدد المواطنين المغاربة المحررين من قبضة عصابات الاتجار بالبشر إلى حوالي 20 شابا، وفق التقديرات المتداولة منذ تفجر القضية.
وبالمقابل من قصص التحرر “النادرة” لا تنفك قصص التعذيب تنتهي، ففي حديث لها مع “صوت المغرب” اليوم الاثنين 24 يونيو الجاري، أكدت أخت أحد الشباب المحتجزين أن شقيقها الذي يكاد تواصله مع العائلة منعدما، يتعرض “لتعذيب نفسي وجسدي رهيب”.
تعذيب يبتكر نفسه
وقالت المتحدثة إياها إنه “بعد أن اكتشفت العصابات أن الضحية يسرب المعلومات عن الأوضاع هناك، نقلوا أساليب التعذيب من الجسدي إلى النفسي” وتابعت “أنهم منعوا عنه الماء منذ وقت طويل، كما أنهم منعوا عنه الحديث بصفة نهائية”واصفة هذا التعذيب بأنه “يبتكر نفسه في كل مرة”.
وواصلت أنه “يرسل رسائل شديدة الاقتضاب خفية كلما سمحت له الظروف بذلك” وقالت الأخت “إن عائلتها تأمل بشدة أن يطالب الخاطفون فدية مقابل سراح شقيقها” إلا أنها تقول إن هذا الاحتمال ضعيف جدا بل ومستبعد في حالة أخيها، وبررت ذلك بكون أن المهام التي يقوم بها “لا يمكن للعصابة أن تستغني عنها لأنها تدر عن طريقها أموالا تفوق أي فدية بالإمكان دفعها”.
الوسطاء.. حجرة التعثر
وقبل تفجر القضية إعلاميا، قالت المتحدثة ذاتها إن شقيقها كان قد اقترب من التحرر بعد مفاوضات دخل فيها مع العصابات، التي كانت قد اشترطن عليه دفع مبلغ قدره 80 مليون سنتيما، مشيرة إلى أن العائلة كانت مستعدة لدفعها عن طريق بيع منزلها وكل ما تملك.
لكن هذا المسعى توج بالهزيمة، إذ بعد موافقة العاصابات على هذا العرض، تواصلت مع الوسيط الذي قاد هذا الشاب إلى هناك، وهو الذي طالب المافيات بعدم الإفراج عن الشاب.
ورجحت المتحدثة إياها أن إصرار الوسيط الذي ينحدر من أصول مغربية، على عدم الإفراج عن شقيقها نابع من خوفه من أن يجره ذلك إلى السجن في حالة تحرر الشاب ورفع دعوى قضائية ضده.
صاحب أول صرخة
وفي الـ28 من يونيو، تم الإفراج، عن أحد الشباب المحتجزين في مخيمات التعذيب بميانمار، والذي يدعى يوسف، وبعدما دفعت عائلته فدية نظير الإفراج عنه. وأفادت مصادر لصحيفة “صوت المغرب”، أن عائلة الشاب يوسف حولت ما مقداره 8 ملايين سنتيم مغربية لحسابه الخاص، مضيفة أن أطراف تابعين للعصابات الإجرامية بمخيمات ميانمار تكلفوا بتحويلها إلى عملات رقمية.
وكان الشاب يوسف أول من أطلق صرخة استغاثة بمخيمات التعذيب بميانمار من أجل إنقاذ حياته وحياة العشرات من الشباب المغاربة والأجانب، وسرعان ما انتشرت الرسالة لتفجر قضية ما تزال إلى حدود اللحظة عصية على الحل.
يأتي ذلك في وقت تقول فيه عائلات الضحايا إنها تقود جهود تحرير أبنائها وحيدة، وخاضت العائلات وقفات احتجاجية أمام وزارة الخارجية المغربية، إلى جانب رفعها مراسالات إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة تقول فيها “إنها تشعر بالغبن وبالتخلي عنها في محنة إنسانية لا تشرف صورة المغرب” على حد قولها.