توقعات بارتفاع ثمن “البوطا”.. الغاز يخنق القدرة الشرائية للمواطنين

أثار تصريح محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، خلال لقاء حزبي بفاس، بشأن زيادة جديدة مرتقبة في سعر قنينة غاز البوطان بـ10 دراهم مباشرة بعد فاتح ماي المقبل، موجة نقاش جديدة حول تأثير هذه الخطوة على القدرة الشرائية للمواطنين.
وقال أوزين إن المغاربة مقبلون على “مفاجأة كبيرة” تخطط لها الحكومة بمناسبة عيد الشغل، معتبرا أن “الحكومة تتعمد تأجيل إعلان الزيادة لتفادي الاحتجاجات”، إذ اتهمها بانتهاج سياسة “العطاء بيد والأخذ بالأخرى”، في إشارة إلى أن “الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة يتم استرجاعه عبر قرارات الرفع في الأسعار”.
زيادة متأخرة
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، يوسف الكراوي الفيلالي أن الزيادة في سعر قنينة غاز البوطان ذات 12 كيلوغرامًا، والمقدرة بـ10 دراهم، “كان من المفترض إقرارها في نهاية يناير أو بداية فبراير 2025، وفق ما هو مبرمج في قانون المالية، غير أن هذه الخطوة تأخرت، ومن المتوقع أن تُفعّل خلال شهر أبريل الجاري أو بداية ماي المقبل”.
ويرى الكراوي الفيلالي أن هذه الزيادة تأتي في إطار مسار التحرير التدريجي لسعر الغاز، وهو توجه بدأت الحكومة في تنفيذه منذ سنة 2024.
وأشار إلى أن أي زيادة في سعر غاز البوطان سيكون لها تأثير مباشر على كلفة الإنتاج الفلاحي، خاصة في العالم القروي، حيث يُستخدم هذا الغاز بشكل واسع في إنتاج محاصيل كالفواكه والخضر، من بينها البصل، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه المواد في الأسواق.
وتوقع الكراوي أن تؤدي هذه الزيادة، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلى رفع معدل التضخم خلال الفصل الثاني من سنة 2025، من 2.2% إلى حوالي 2.5%، خاصة وأن غاز البوطان يُصنّف ضمن مكونات مؤشر الأسعار عند الاستهلاك الذي يُستخدم لحساب نسبة التضخم في البلاد.
وأوضح المتحدث أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك (IPC) يُعد مكوناً أساسياً في احتساب نسبة التضخم، بحيث يشمل المواد الغذائية والطاقة، موضحا أن أي ارتفاع في أسعار هذه المواد، ومنها الغاز والبترول والكهرباء، يؤدي إلى ارتفاع مباشر في معدل التضخم.
لا إرادة حقيقية لحماية المواطن
من جهتها، أكدت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني، أن “المعطيات المتعلقة بالزيادة المرتقبة في سعر قنينة غاز البوطان، بما في ذلك توقيتها، غير متوفرة حاليًا بسبب احتكار الحكومة للمعلومة، رغم أن إشاراتها واضحة منذ مشروع قانون المالية”، مشيرة إلى أن “تصور الحكومة يسير في اتجاه رفع الدعم عن المواد الأساسية والإجهاز على صندوق المقاصة بشكل تدريجي، وتنتظر فقط توفر الظروف السياسية والاجتماعية المناسبة لتمرير الزيادات دون احتجاجات”.
وشددت التامني على أن “الحكومة تعتمد سياسة المقايضة في العديد من برامج الدعم، حيث تُقر الزيادة في الأسعار مقابل تقديم بعض الدعم الذي لا يحمل أي تأثير حقيقي على القدرة الشرائية للمواطنين”، مؤكدة أن “هذه الزيادة ستكون بمثابة ثمن مقابل البرامج الدعائية أو الدعم الذي تروج له الحكومة”.
وفيما يتعلق بحماية القدرة الشرائية للمواطنين، لفتت التامني إلى أن “الحكومة لا تملك الإرادة الحقيقية لحمايتها”، لافتة إلى أنها “لم تتخذ أية خطوات ملموسة لتحديد هوامش الربح أو تسقيف الأسعار بشكل عام، خاصة في ظل غياب التدابير اللازمة للحد من الغلاء الذي يعاني منه المواطنون”.
وتابعت في هذا الصدد أن “الحكومة تخدم مصالح الرأسمال والمصالح الخاصة أكثر من اهتمامها بمشاكل المواطنين، حيث تركز على تحقيق مصالحها عبر زيادة الأسعار وتحرير الدعم، دون أن تعكس احتياجات المواطنين الحقيقية وتطلعاتهم فيما يتعلق بتحسين مستوى معيشتهم”.
وفي السياق نفسه، سبق للوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، أن أعلن، قبل شهرين أن قرار الزيادة غير مطروح حالياً على طاولة الحكومة، لكن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أكد مؤخراً أن الحكومة ستُقدم على تفعيل الزيادة خلال الفترة بين ماي ويونيو المقبلين.
وأوضح الجواهري “أن هذه الخطوة تندرج ضمن خطة حكومية لتقليص الدعم عن بعض المواد الأساسية بهدف تقليص كلفة الدعم”، مشيرا إلى أن ثمن قنينة الغاز، من فئة 12 كيلوغرامًا، سيرتفع من 50 إلى 60 درهماً، وهي الزيادة الثانية في إطار برنامج الرفع التدريجي للدعم.
وكان مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد أكد بدوره أن موعد الزيادة الثانية لم يُحدد بعد، مشيراً إلى أنه سيتم الإعلان عنه عند جهوز القرار، إذ اكتفى بالتأكيد على أن الإعلان سيتم في الوقت المناسب.
ويُذكر أن الحكومة شرعت في تنفيذ خطة لتحرير أسعار قنينات الغاز تدريجياً منذ عام 2024، حيث تمت أول زيادة بقيمة 10 دراهم، ليصل السعر إلى 50 درهماً حاليا.
وبحسب قانون المالية، ستعرف قنينات الغاز زيادات مماثلة خلال سنتي 2025 و2026، في إطار مسار تدريجي لتحرير الأسعار، ما يعني أن السعر سيصل إلى 60 درهماً خلال 2025، ثم إلى 70 درهماً في 2026، وتثير هذه الزيادات تخوفاً واسعاً من انعكاساتها على الفئات الضعيفة والعالم القروي وسوق المواد الغذائية.