توحيد خطبة الجمعة يثير الجدل في المغرب.. علماء يعارضون والوزارة تطمئن
أثار تطبيق الخطبة الموحدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكثير من الجدل في أول أسبوع لها، خصوصا، بعد توقيف خطيب في طنجة، عبر من منبره عن معارضته لتوحيد الخطبة ورأى فيها “إهانة للعلم والعلماء”.
وتفاوتت ردود الأفعال حول الشروع في تنفيذ خطة “تسديد التبليغ” التي أعدها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتضمنت توحيد خطبة الجمعة، بين رفضي كلي وجزئي، وسط طمأنة الوزارة، بكون الإجراء مؤقت.
غير مقبول ذوقا وعقلا وشرعا
أحمد كافي أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية، عبر عن اتفاقه مع فكرة إصلاح الخطاب المقدم في منابر الجمعة، وقال في حديثه إلى “صوت المغرب” إنه إذا كان الغرض هو الإصلاح فهو مطلوب ويجب أن ينخرط فيه الجميع علماء وخطباء لتجويد الخطبة، لكون الخطبة مثل المقررات الدراسية، تحتاج إلى مراجعة وتقييم.
وأضاف كافي أن التجربة الحالية التي أطلقت قبل أسبوع، إذا كان يراد منها قراءة نتائجها للوصول إلى مخرجات تجود المضامين المقدمة فلا حرج من الناجية الشرعية، أما إذا كان توحيد الخطبة دائم “فهو غير مقبول ومرفوض ذوقا وعقلا وشرعا”.
ودافع كافي على موقفه، وقال إن رفض توحيد الخطبة نابع من تنوع الخطباء وتوزيعهم على مختلف مناطق المغرب، وهو وضع يجعل لكل واحد منهم المشاكل التي يعالجها في وسطه من منبره، ما يستدعي ترك فسحة للخطباء لمعالجة القضايا والاختلالات التي يرصدونها داخل مجتمعاتهم.
ويقر كافي بوجود اختلالات في بعض الخطب، إلا أنه يرى أن الاختلالات لا يمكن أن تعالج بالخطب الموحدة، خاصة أن هناك خطباء دكاترة في الدراسات الإسلامية وعلماء، إلا أنه يشير إلى إمكانية مرافقة الخطباء في تحضير خطبهم أو حتى توجيههم لمواضيع معينة، وإعانتهم بالمعطيات والأفكار على أن يقدموها بأسلوبهم وطريقتهم الخاصة.
رفض توحيد الخطب ليس جديدا حسب كافي، وقال إن المغاربة لا يقبلون التوحيد منذ الاستقلال وحتى قبله.
تحنيط معيب
وفي السياق ذاته، دخلت جماعة العدل والإحسان عن الخط، وقال محمد حمداوي مسؤول مكتب العلاقات الخارجية فيها إن خطوة الوزارة بتوحيد الخطبة “تحنيط وتعليب للتبليغ وجعل الخطباء والوعاظ والعلماء مجرد مذيعي قنوات موظفين لديها ينطقون بما يقدمه المخرج في دهاليز الوزارة”.
واعتبر الحمداوي توحيد الخطبة مخالفا للدين والشرع والسنة في الحرية التي أناطها الإسلام بالدعاة من خطباء وعلماء ووعاظ ومؤطرين في اختيار ما يرونه مناسبا لما هو مطروح أمامهم من قضايا مجتمعية، تستلزم التوجيه والإرشاد.
وعلى الرغم من ذلك، يشير حمداوي إلى أن هذا التبليغ يجب أن يتم في إطار علمي مسؤول، وفي سياق ما هو متعارف عليه وطنيا من بعد عن التطرف والتكفير، أو تحريض على العنف.
أول الموقوفين
وكان النقاش حول الخطبة الموحدة أن يمر دون كثير من الضجيج، لولا حادثة توقيف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لخطيب جمعة في طنجة، انتقد من المنبر الخطبة، واعتبرها إهانة للعلماء.
وقال أحمد أجندوز، خطيب جمعة في طنجة، إنه تلقى الأربعاء 3 يونيو 2024 قرار وزير الأوقاف، والذي يقضي بانقضاء تكليفه، وذلك بسبب “الزج بالخطبة الموحدة في حساسيات ضيقة” حسب نص التوقيف، بعد الخطبة التي ألقاها الجمعة 28 يونيو 2024.
الخطيب الموقوف، كانت قد اعتلى المنبر الأسبوع الماضي تاريخ أول خطبة موحدة، وقال للمصلين إن الوزارة وزعت على الخطباء خطبة موحدة، وعبر عن موقفه الرافض لها، وقال إن توحيد الخطبة “غير مقبول بتاتا وكأننا عبارة عن لا شيء”.
ورأى الخطيب في توحيد الخطبة من طرف الوزارة إهانة للخطباء والعلماء ولعلمهم، وقال إن تلقي الخطبة الموحدة “وكأننا لا نصلح لشيء ولا نصلح للخطابة ولا يمكننا أن نكوّن خطبة للمسلمين”.
واعتبر الخطيب أن من مهامه أن يعالج الإشكالات التي يعاني منها المجتمع وأن يتفاعل معها “أما أن تأي خطبة نقرأها، فالسلام عليكم”.
الوزارة تطمئن
من جانبها قدمت الوزارة توضيحات حول الخطة المثير للجدل، وقالت إن الهدف منها إصلاح أحوال الناس والعمل على الإسهام في تخيق الحياة العامة بأخلاق الدين، وانخراط كل القيمين الدينيين فيها حسب قولها هو انخراط في أوجه من البر والإحسان والصلاح والمعروف الذي يعود بالنفع على البلاد والعباد.
وتقول الوزارة إن الخطباء والوعاظ كانوا ولا يزالون يتمتعون بحرية تصحبها مسؤولية في إلقاء خطبهم ومواعظهم، باعتبارهم محل ثقة وكفاءة في ذلك، عدا بعض “الحالات القليلة جدا التي تشذ أحيانا عن هذا الإطار”.
وأضافت الوزارة أن أمر تعميم الخطب مؤقت وليس دائم، يروم حسب قولها التحسيس العام بهذا المشروع وبناء الاستجابة له والتفاعل الإيجابي معه ومدارسة مواضيع بعينها في دروس وعظ منتظمة في خطة المؤسسة.