تواصلوا يرحمكم الله !
أمس الثلاثاء كان ملف استضافة إسبانيا لكأس العالم 2030 بمعية المغرب والبرتغال، الحدث الأبرز في الدولة الإيبيرية، والذي خصصت له وسائل الإعلام المحلية حيزا هاما من النقاش والتحليل واستيقاء المعطيات، وإطلاع الرأي العام الإسباني على آخر مستجدات الملف باعتباره شأنا عاما وحدثا يهم المواطن وقد يكون له تأثير على معيشه اليومي بعد ست سنوات من اليوم.
سبب النزول هو اللقاء الذي دار في نيويورك بين رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وبين جياني إنفانتينو رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية لهيأة الأمم المتحدة، وهو الإجتماع الذي -حسب بلاغ رسمي لديوان سانشيز- تطرق فيه الجانبان لمونديال 2030، وأكد فيه سانشيز لإنفانتينو على استعداد الدولة الإسبانية لإنجاح هذا الحدث العالمي، فيما ذهبت مصادر إعلامية مقربة من الحزب الإشتراكي الحاكم، أن رئيس الحكومة المركزية بمدريد بدد مخاوف رئيس الفيفا بشأن عدم تأثير المشاكل الكبيرة التي تعرفها الجامعة الإسبانية لكرة القدم على ملف التنظيم.
كما تحدثت وسائل الإعلام الإسبانية في ذات السياق عن لقاء بيدرو سانشيز برئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش مباشرة بعد لقائه بإنفانتينو، وذكر بيان ل”لامونكلوا” أن الطرفان استعرضا الكثير من الملفات المشتركة بين البلدين، من بينها ملف التنظيم المشترك لكأس العالم 2030، وهي النقطة التي غابت عن بيان ديوان أخنوش الذي يخبر باللقاء، ولا ندري هل ذلك كان سهوا أو تم بشكل مقصود !!
ما جرى في نيويورك بشأن ملف تنظيم كأس العالم 2030، تزامن أمس مع زيارة لجنة التفتيش التابعة ل”الفيفا” لمدينة لاكورونيا الإسبانيا وهي إحدى المدن المرشحة، وجرت هذه الزيارة تحت تغطية إعلامية واسعة، قدم فيها المسؤولون المحليون بإقليم غاليسيا كافة المعطيات لرجال ونساء الإعلام وبالتفصيل الممل حول وفد الفيفا والمنشآت التي تمت زيارتها، وطريقة تحرك أعضائها ونوعية أسئلتهم الدقيقة، والملاحظات التي تم تدوينها في أفق المصادقة على الملف يوم 11 دجنبر المقبل.
جزء كبير من الشعب الإسباني اطلع أمس على آخر مستجدات ملف حدث ضخم ستستضيفها بلادهم، وقامت الجهات المسؤولة على الملف بواجبها التواصلي إزاء حق المواطن في معرفة كيف يدبرون مهمتهم.. فماذا عنا نحن في المغرب، البلد الشريك في تنظيم الملف وأكثر الأطراف تخصيصا للغلاف المالي المقتطع من جيوب دافعي الضرائب؟ ماذا نعرف عن تفاصيل ملف التنظيم وأين وصلت الإستعدادات لاستضافة لجنة التفتيش؟ قبل ذلك يجب أن نعرف أولا من هم أعضاء لجنة تنظيم مونديال 2030 بعد رئيسها فوزي لقجع المعين من الملك؟ من هو أو من هم المكلفون بالتواصل؟ ولماذا لا تصدر أية “تنقنيقة” رسمية حول أين وصل التنسيق بين البلدان الثلاثة، وتصورات المنظمين المغاربة لحجم الإستثمار العمومي المرافق لهذا الحدث الضخم، والأرباح المتوقعة منه، وكيفية تدبير الغلاف المالي وأشياء كثيرة أخرى لازالت علبا مغلقة أمام الرأي العام المغربي.
هذا التفاوت الكبير في العقلية التواصلية بين بلدان ستنظم المونديال بشكل مشترك، قد يكون اليوم أمرا ثانويا وغير مؤثر، طالما أنه الآن لازال “بيناتنا” نحن المغاربة، ولكنه سيصبح علامة سوداء في صورة المغرب عالميا مع اقترابنا أكثر فأكثر من سنة 2030، إذ ستدخل على الخط انتقادات أخرى أكثر حدة على غياب التواصل، من دول العالم بعد أن تضعنا تحت مجهرها وتنقب في شادتنا وفادتنا، وفي كيفية تدبير الأمور عندنا.
ورش التواصل يجب أن يفتح عاجلا في التنظيم المغربي للتظاهرات الكروية المقبلة، فنحن أمام استراتيجية دولة بكاملها، رُهنت فيها ميزانيات فلكية من المال العمومي، وقيل أن ذلك سيختزل الكثير من الوقت في الإستثمارات التنموية، ومصير المواطن المغربي خلال العقد المقبل، جزء منه سيحدده حدث استضافة المغرب لكأس العالم.. لأجل كل هذا، تواصلوا معنا قليلا ..يرحمكم الله!