تنامي العنصرية بين أفارقة ومغاربة.. حقوقي: لايجوز تبرير الكراهية بتصرفات فردية لمهاجرين

تعيش منصات التواصل الاجتماعي في المغرب على وقع توتر متصاعد بين مواطنين مغاربة ومهاجرين وافدين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يشتكي هؤلاء من تعرّضهم للعنصرية من طرف المغاربة، في حين يرد مواطنون برفض تلك الاتهامات، بل ويتهمون بدورهم بعض المهاجرين بممارسة عنصرية مضادة تجاه العرب وسكان شمال إفريقيا عامة.
وفي خضم هذا التوتر، برزت صفحة على منصة التواصل الاجتماعي “فايسبوك” تنشط ضد ما تسميه “الاستعمار الأسود العنصري”، من خلال نشر مقاطع فيديو منتقاة لمهاجرين من جنوب الصحراء مقيمين بالمغرب، بهدف التحريض ضدهم، ما يزيد من تأجيج مشاعر الكراهية والانقسام بين الجانبين.
في هذا الصدد، يرى عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الوضع يستدعي مقاربة عقلانية وحقوقية متوازنة، “لا تخلط بين الدفاع المشروع عن حقوق الإنسان واحترام كرامة المهاجرين من جهة، وبين رفض واستنكار التصرفات الفردية المخالفة للقانون التي قد تصدر عن بعضهم من جهة أخرى”.
وأكد تشكيطو أن مثل هذه التصرفات الفردية، سواء صدرت من مهاجر أو مواطن، تبقى “مرفوضة ومجرّمة قانوناً”، ولا يمكن اتخاذها ذريعة لتعميم الاتهامات أو التحريض ضد جماعات بأكملها، مشدداً على أن المسؤولية تقع على الجميع لوقف هذا النوع من “التعميم الخطير”.
ونبّه تشكيطو إلى “تصاعد خطير” في خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي، بل وحتى في بعض المنابر الإعلامية، معتبراً أن هذا التصعيد “يتعارض بشكل صريح مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان”.
وأوضح أن المغرب صادق على عدد من الاتفاقيات الدولية، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، مما يفرض عليه ضمان الحماية الفعلية من كل أنواع التحريض على الكراهية والتمييز.
كما أشار إلى أن الفصل 23 من الدستور المغربي ينص بوضوح على حظر ومعاقبة كل أشكال التحريض على العنصرية أو الكراهية، إلى جانب الفصل 30 الذي يكفل الحق في المساواة والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية دون أي تمييز.
في المقابل، اعتبر رئيس العصبة أن بعض التصرفات العنيفة أو الاستفزازية التي قد تصدر عن أفراد من المهاجرين لا ينبغي أن تُستغل لتبرير خطاب الكراهية أو اعتماد سياسات إقصائية تجاه هذه الفئة، التي تعاني في الأصل من الهشاشة والتهميش الاجتماعي.
وأكد على ضرورة التعامل مع أي خرق للقانون، سواء من مهاجر أو مواطن، في إطار احترام المساطر القانونية، بعيداً عن التعميم أو المساس بحقوق الجالية المهاجرة، بما يضمن العدالة والإنصاف لجميع الأطراف.
ودعا عادل تشكيطو جميع الأطراف، سواء الرسمية أو المدنية أو الإعلامية، إلى تحمل مسؤولياتها في ترسيخ ثقافة التعايش والكرامة الإنسانية، ومحاربة كل أشكال التمييز، حفاظاً على صورة المغرب كبلد يحترم حقوق الإنسان، ويؤمن بالتنوع والعدالة الاجتماعية.