story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
برلمان |

تمرير قانون المسطرة الجنائية.. التامني: تم رفض تعديلات جوهرية بمبررات واهية

ص ص

رغم تمريره بالأغلبية بمجلس النواب، أثار مشروع قانون رقم 03.23 المتعلق بتعديل وتتميم قانون المسطرة الجنائية، جدلاً واسعاً داخل البرلمان وخارجه، خاصة من طرف المعارضة التي ترى أن النص “يفتقر إلى الضمانات الكافية لحماية الحقوق والحريات”، وهو رأي يشاطره حماة المال العام وعدد من القانونيين.

في هذا الصدد، استنكرت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عدم قبول أي تعديل جوهري من التعديلات التي حظيت بنقاش هام داحل المجتمع، في حين “اقتصرت التعديلات التي تم قبولها على تعديلات شكلية أو لغوية لا تمس جوهر النص، كإضافة كلمة أو تغيير مفردة”.

واعتبرت التامني في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” أن المشروع الذي تم تمريره، يوم الثلاثاء 20 ماي 2025، “بعيد كل البعد عن المقاربة الحقوقية، وعن تحقيق العدالة والإنصاف”، مشيرة إلى أن مشروع قانون المسطرة الجنائية “جاء في سياق كان يعرف نقاشاً كبيراً من حيث مضامينه”.

وقالت النائبة البرلمانية: “في هذا الإطار، قدّمنا مجموعة من التعديلات، سواء من طرف المعارضة أو حتى من بعض مكونات الأغلبية. تجاوز عددها 1600 تعديل، شملت جوانب لغوية شكلية، وأخرى جوهرية”، ومع ذلك، “لم يتم قبول أي تعديل جوهري”.

وأوضحت أن من بين التعديلات الجوهرية التي طُرحت للنقاش تهم الحريات، وإعطاء صلاحيات أكبر للنيابة العامة، والحراسة النظرية، بالإضافة إلى ضمانات المحاكمة العادلة، وغيرها من التعديلات التي قُوبلت بالرفض.

وأشارت التامني إلى سحب بعض مكونات المعارضة أيضاً تعديلاتهم، خاصة المرتبطة بالمادتين 3 و7، اللتين آثرتا الجدل في ما يتعلق بمحاربة الفساد، معتبرة ذلك تعزيزاً “لتوجه يرفض كل تعديل جوهري”. وأضافت أن المادتين المذكورتين “تمسان بحق المجتمع المدني في محاربة الفساد، وتحدّان من أدواره الدستورية”.

وتابعت قائلة: “الدستور يخول للمجتمع والمواطنين التبليغ عن مظاهر الفساد، ونهب المال العام، إلا أنه لم يكن هناك تفاعل إيجابي من طرف الحكومة مع التعديلات التي تكرس هذه الصلاحيات”.

واستنكرت التامني تبرير رفض هذه التعديلات أو سحبها من قبل بعض فرق المعارضة بكون أنه ليس من حق الجمعيات مقاضاة المرشح في ظل وجود آلايات أخرى، معتبرة إياها “مبررات واهية وغير منطقية”، وذكرت أن عدد قليل من البرلمانيين هم من حافظ على تقديم هذه التعديلات، واعتبرت رفضها “محاولة لوضع المنتخب فوق القانون”.

وقالت إن التعديلات التي تقدمت بها المعارضة “لم تلق آذاناً صاغية”، سواء تعلق الأمر بالحراسة النظرية، أو بتسجيل الاستنطاق صوتاً وصورة، أو بحضور المحامي، وكذلك بتعزيز دور الدفاع، لافتة إلى أن ذلك يعطي انطباعاً بأن “التوجه العام للحكومة هو المضي لحماية الفساد وليس محاربته”.

وذكرت برأي المؤسسات الدستورية حول مشروع القانون، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي الاجتماعي البيئي، والذي اعتبر أن هاتين المادتين لا يجب أن تمرا بتلك الصيغة، مشيرة إلى أن هذا الرأي “لم يُؤخذ بعين الاعتبار وتم ضربه عرض الحائط”.

من جانبه، قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام: “كنا ننتظر من وزير العدل وبعض البرلمانيين الموالين له أن يشحذوا أدواتهم القانونية والدستورية والحقوقية للدفاع عن التعديلات التي تمس المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وإقناع نواب الأمة والرأي العام برجاحة وجهة نظر الحكومة عبر مرافعة رصينة ومؤسسة على أرضية قانونية وسياسية ودستورية صلبة بلغة حجاجية تروم إقناع برلمان الأمة بضرورة وأهمية التصويت على المادتين المذكورتين. لكن للأسف لا شيء من ذلك حدث”.

واستنكر لجوء وزير العدل إلى ما وصفه بلغة “المعاطية “و”المعيار”، في سعي “لإقناع نواب الأمة بأنه يتوفر على معطيات خطيرة ضد جمعيات حماية المال العام”، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب “يتقنونه جيدا لتهريب النقاش الحقيقي الذي يهم المجتمع ومصيره إلى مكان آخر”.

وطلب الغلوسي من وزير العدل أن “يبلغ القضاء بالجرائم التي يعلم بوقوعها، وأن لا يتستر عليها وإلا كان هو محل مساءلة”، معتبراً أن “الأمر يتعلق بجرائم خطيرة كالابتزاز والنصب والرشوة وغيرها، وعلى الضحايا الذين مستهم هذه الجرائم أن يسارعوا إلى تقديم الشكايات إلى الجهات القضائية المختصة لمعاقبة كل المتورطين دون استثناء”.

واعتبر الغلوسي أن تمرير المادتين 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية من طرف ما سماها “حكومة زواج السلطة بالمال” لن يمكن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف القيام بمتابعات وتحريك الأبحاث في جرائم المال العام تلقائياً، أو بناء على شكايات ووشايات كما هو عليه الأمر حالياً بمقتضى المسطرة الجنائية الحالية.

وأوضح أن ذلك بسبب أن الحكومة أرادت إبعادهم عن هذه المهمة، ولسان حالها يقول – بحسب تعبيره – “نحن نملك البرلمان والحكومة وكل شيء، ووظفنا البرلمان للتشريع لمن ينتمي إلى أحزابنا، وسنحميهم من سلطتكم، سلطة القانون والقضاء”، وهو ما يعني “عدم استقلال النيابة العامة”.

وأشار إلى أنها “خطوة في اتجاه جعل النيابة العامة تحت سلطة الحكومة”، معتبراً إياها جريمة “تهدم وتنسف في واضحة النهار تجربة قضائية مهمة لها ما لها وعليها ما عليها”، في إشارة إلى تجربة أقسام جرائم المال العام في دائرة نفوذ محاكم الإستنئناف المحدثة بمقتضى مرسوم 445-11-2 بتاريخ 4 نونبر 2011.