تلاميذ مغاربة يحققون أفضل نتيجة منذ 30 سنة في أولمبياد الرياضيات بأستراليا

في إنجاز أكاديمي لافت، حقّق الفريق الوطني المغربي المشارك في الأولمبياد العالمي للرياضيات 2025، المُنظم بأستراليا، مجموع 106 نقطة وميداليتين برونزيتين، مسجّلًا بذلك أعلى نتيجة له منذ ثلاثة عقود، وثاني أفضل أداء في تاريخه ضمن هذه التظاهرة الدولية الرفيعة.
وتمكّن التلميذان ياسين كموح وحمزة عشاق من التتويج بميداليتين برونزيتين، بعد أن حصلا على 26 و24 نقطة على التوالي، في أداء وصفته جمعية رياضيات المغرب بأنه “يعكس تميزًا علميًا ومهارات عالية في حل المسائل ذات المستوى العالمي”.
كما حصد أربعة أعضاء آخرين من الفريق الوطني ميزات شرفية، وهم: محمد أمين حلحول (17 نقطة) ومحمد وسيم أعبيدا (15 نقطة) وسامي مساوي (13 نقطة) وياسر مساعد (11 نقطة).
وفي السياق، عبّر حسن حلحول، والد التلميذ محمد أمين حلحول، عن سعادته البالغة بالإنجاز الذي حققه الفريق المغربي المشارك في أولمبياد الرياضيات الذي نُظم بأستراليا، موضحا أن شعوره، وشعور باقي أولياء الأمور، كان مزيجًا من الفخر والفرحة الغامرة، خاصة أن هذا التتويج رفع الراية المغربية عالية بين رايات الدول الكبرى المشاركة.
وأشار المتحدث، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن هذا الإنجاز يُعتبر تاريخيًا، “إذ لم يتحقق مثله منذ سنة 1983، وقد تمكن الفريق المغربي من احتلال المرتبة 57 على مستوى الترتيب العالمي، وهو أمر لم يكن سهلًا، بالنظر إلى التحديات التي واجهها التلاميذ في التوفيق بين التحضير للباكالوريا وبين التدريبات المكثفة التي أقيمت بمدينة بنجرير، بإشراف من وزارة التربية الوطنية التي بذلت مجهودًا في تأطير المشاركين ودعمهم”.
وأكد حلحول أن الدور الذي قامت به جمعية رياضيات المغرب لا يقل أهمية عن مجهودات الوزارة، “بل إن لهذه الجمعية فضل كبير في دعم وتحفيز التلاميذ المشاركين، خصوصًا الذين سبق لهم خوض غمار هذه المسابقة، حيث كانوا على دراية بقيمتها وبأهمية تمثيل المغرب في محفل عالمي من هذا الحجم”.
وخصّ بالذكر زياد أومزيل، الذي لعب دورًا كبيرًا في مرافقة التلاميذ وتحفيزهم ومتابعة تفاصيل يومهم بشكل دائم، إلى جانب أطر الوزارة الذين لم يدخروا جهدًا في التأطير والمواكبة.
وأضاف أن المشاركة المغربية في هذا النوع من الأولمبياد، التي تركز على المسائل العلمية الدقيقة، وخصوصًا الرياضيات، تتطلب دعمًا مؤسساتيًا مستمرًا ومجهودًا منسقًا، مشيرًا إلى أن التلاميذ المغاربة أبانوا عن قدرات متميزة وكان بإمكانهم تحقيق نتائج أفضل، لولا ضغط الامتحانات الذي زاحم تحضيراتهم، في حين أن دولاً أخرى مثل السعودية تُعفي تلاميذها من اجتياز امتحاناتهم وتخصص لهم مدربين من دول متقدمة مثل الولايات المتحدة والصين.
واعتبر أن تفوق المغاربة في الرياضيات ليس وليد اللحظة، “بل هو امتداد لمسار تاريخي عريق منذ عهد المرابطين، حيث كان الاهتمام بالعلوم والفلك والرياضيات جزءًا من الهوية الثقافية والفكرية المغربية”.
وأكد أن هذا التميز العلمي المغربي لا ينبغي أن يُفاجئ أحدًا، فالعقل المغربي معروف بميوله نحو التجريد والدقة والتحليل، وهي مقومات أساسية في علم الرياضيات.
وعبّر عن أسفه لكون الفريق لم يتمكن من حصد ميدالية برونزية ثالثة، موضحًا أن التلميذ محمد أمين كان قريبًا من تحقيق ذلك، لكن النقاش الذي دار حول تقييم إحدى حلول المسائل حال دون حصوله على النقاط الكافية. ورغم ذلك، اعتبر نيل الفريق لميداليتين برونزيتين إنجازًا كبيرًا ومصدر فخر للجميع.
وفي ختام تصريحه، دعا حسن حلحول إلى مزيد من التنظيم والدعم والاهتمام الرسمي بهذا النوع من المشاركات العلمية، كما شدد على ضرورة إعطاء جمعية رياضيات المغرب دورًا أكبر وصلاحيات أوسع للتعاون مع الوزارة من أجل تحسين جودة التأطير والتكوين، مبرزا أن الكفاءات المغربية، سواء من الأساتذة أو التلاميذ، قادرة على تحقيق نتائج أفضل بكثير، إذا ما تم توفير الظروف الملائمة والدعم اللازم.
وفي هذا السياق، أكدت جمعية رياضيات المغرب، في بلاغ لها، أن هذا الإنجاز جاء نتيجة عمل جماعي متواصل خلال الموسم الدراسي 2024/2025، شمل ستة تربصات حضورية ومتابعة أسبوعية مكثفة عن بُعد، بتأطير من نخبة من الأطر التربوية والعلمية وبشراكة مع اللجنة المركزية بوزارة التربية الوطنية.
وبهذه المناسبة، وجّهت الجمعية تهانيها الحارة لتلاميذ الفريق على هذا الأداء التاريخي، كما عبّرت عن شكرها العميق للمؤطرين والمشاركين السابقين في الأولمبياد الذين ساهموا في إعداد الفريق الوطني، مشيدة بجهود الأسماء التالية:
أمزيل زياد الدين
معاذ المعتصم
سعد الشعيري
عبد القيوم قدوري
آدم الخراز
معاذ النوة
عصام الطويل
هادي مولين
وخلص البلاغ إلى التأكيد على أن هذا التتويج يمثل “حافزًا قويًا لمواصلة العمل على تكوين جيل علمي متميز يرفع راية المغرب عاليًا في المحافل الدولية”.