story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

تقرير يوصي بالاستثمار في اليد العاملة للهروب من “فخ الدخل المتوسط”

ص ص

بالرغم من الانجازات الاقتصادية التي حققها على مدى العقود الأخيرة، لا يزال الاقتصاد المغربي يواجه صعوبة في تجاوز عتبة “الدخل المتوسط” إلى “الدخل المرتفع”، وهو تحدي لم يقتصر فقط على المغرب بل يواجه أزيد من 100 دولة حول العالم، فيما بات يعرف في القاموس الاقتصادي ب”فخ الدخل المتوسط”.

ويشير مصطلح “فخ الدخل المتوسط” إلى حالة تواجهها الدول عندما يتباطأ نموها الاقتصادي بعد فترة من التقدم السريع. مما يجعلها حبيسة تصنيف البلدان “متوسطة الدخل”، فحسب معطيات البنك الدولي، لم يتمكن سوى 34 اقتصاداً متوسط الدخل منذ سنة 1990 من التحول إلى وضعية الاقتصاد مرتفع الدخل، وكان أكثر من ثلث هذه الدول إما مستفيداً من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو من احتياطيات النفط تم اكتشافها فيما بعد.

وفي تفسير أسباب استمرار المغرب ضمن هذا “الفخ”، أشار تحليل اقتصادي حديث نشره “معهد كارينغي للسلام” إلى تأخر المغرب في الاستثمار بالعمالة التي تعتمد على المعرف والابتكار، مبرزا أن نموذج النمو الذي يعتمده المغرب حاليا يقوم على الصادرات التي تتعامل مع المنافسة من الدول ذات الدخل المنخفض في الصناعات كثيفة العمالة، وكذلك من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع في القطاعات التكنولوجية.

وللهروب من هذا “الفخ” دعا التقرير الذي صاغه المحلل الاقتصادي والمستشاري المالي “ألكسندر كاتب” إلى زيادة الاستثمار في رأس المال البشري، واستكشاف محركات جديدة للنمو تتجاوز التصنيع، مثل الخدمات المعتمدة على المعرفة. مبرزا أنه في عام 2023، احتل المغرب المرتبة 70 من بين 132 دولة في مؤشر الابتكار العالمي، في الوقت الذي كان فيه من الممكن أن تحتل مرتبة أعلى لو لم يتذيل ترتيب الدول من حيث العمالة المعتمدة على المعرفة (المرتبة 111 عالميا).

وأبرز ذات المصدر أن انخفاض اليد العمالة المعتمدة على المعرفة، أدى إلى انتشار سلوكيات الريع على حساب الابتكار. موضحا أنه لتغيير هذا الوضع، “يجب على المملكة أن تتعامل بشكل أكثر حزماً مع “الرأسمالية المتواطئة”، التي تعرقل الكفاءة الاقتصادية، وكذلك مع المحسوبية، والفساد، والرشوة، التي تعيق التماسك الاجتماعي”.

وأردف الخبير، أن التأخر في جودة العمالة المبنية على المعرفة، ما هو إلى انعكاس لضعف جودة التعليم، حيث أن 18 في المائة فقط من الطلاب المغاربة حققوا مستوى الكفاءة الثاني على الأقل في اختبارات برنامج التقييم الدولي للطلاب في الرياضيات، مقابل متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 69 في المائة.

ويذكر أن تقريرا سابق للبنك الدولي قد صنف 108 من البلدان على أنها متوسطة الدخل، من بينها المغرب، حيث يتراوح نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي السنوي في هذه البلدان ما بين 1.1 ألف دولاراً و14 ألف دولاراً. ويبلغ عدد سكان ها مجتمعة 6 مليارات نسمة، ما يمثل نحو 75 بالمائة من سكان العالم، ويعيش اثنان من كل ثلاثة من سكانها في فقر مدقع، كما أنها تنتج أكثر من 40 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي وأكثر من 60 بالمائة من الانبعاثات الكربونية.

وتواجه هذه البلدان تحدياتٍ أكبر بكثير من البلدان التي نجحت من قبل في الإفلات من فخ الدخل المتوسط والوصول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل، وتتمثل هذه التحديات في الزيادة السريعة في أعداد سكانها المسنين، وتصاعد وتيرة إجراءات الحماية الاقتصادية، وسرعة التوجه نحو التحول الطاقي.

وللخروج من “فخ الدخل المتوسط” اقترح ذات التقرير استراتيجية مبنية على ثلاثة مراحل تتعلق بمرحلة التنمية التي تمر بها البلاد، على جميع البلدان، حيث يمكن للبلدان منخفضة الدخل أن تركز فقط على السياسات المصممة لزيادة الاستثمار كمرحلة أولى، وبمجرد وصولها إلى وضعية الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، عليها التحول نحو توسيع نطاق سياساتها ليشمل المرحلة الثانية وهي الاستثمار والتكنولوجيا، وهي المرحلة التي يتم فيها اعتماد التطورات التكنولوجية الواردة من الخارج وتعميمها في مختلف قطاعات الاقتصاد.

وعلى مستوى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، ينبغي أن تتحول البلدان مرة أخرى إلى المرحلة النهائية وهي: الاستثمار والتكنولوجيا والابتكار. وفي مرحلة الابتكار، أبرز التقرير أنها لن تكون مستوردة للأفكار والتكنولوجيات العالمية، بل ستتصدر المشهد.