story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تقرير يحذر من تدهور البيئة والموارد المائية في قرية “إميضر” بسبب أنشطة التعدين

ص ص

حذر تقرير حديث من أن منطقة “إميضر”، الواقعة في الجنوب الشرقي لمراكش، تعاني من نقص شديد في الموارد المائية، يهدد سبل العيش المحلية، وذلك بسبب الأنشطة التعدينية التي تهدد بشكل كبير الموارد المائية المحلية التي يعتمد عليها السكان، والمتمثلة في المياه الجوفية المستخرجة عبر الآبار الضحلة والخطارات التقليدية، التي يعتمد عليها السكان للشرب والري.

وأورد التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات تحت عنوان “الانتقال المائي العادل في المغرب”، أن استئناف عمليات استخراج الفضة في المنطقة منذ عام 1969 قد أسفر عن “استنزاف كبير للمياه”، إذ تستخدم شركة المعادن بإميضر (SMI) ما يعادل 1555 مترًا مكعبًا من المياه يوميًا، وهو أكثر من 12 مرة من الاستهلاك اليومي لجميع سكان إميضر، مبرزا أن “هذا الاستنزاف يتسبب في جفاف الأنهار وتقليص المياه الجوفية التي تعتمد عليها القرية”.

وأشار التقرير إلى أن نشاط المنجم بدأ يؤثر بشكل متزايد على الموارد المائية المحلية، إذ أنه في عام 2004، عندما بدأت الشركة في استخدام آبار جديدة في جبل عليبان، لاحظ السكان المحليون انخفاضًا كبيرًا في تدفق المياه، مما أدى إلى جفاف الخطارات، وهي قنوات المياه التقليدية التي كانت تستخدمها القرية بشكل مستدام على مر السنين،

ولفت التقرير إلى أن هذا “التراجع كان غير متوقع”، خاصة أن الخطارات كانت معروفة بقدرتها على الصمود حتى في فترات الجفاف القاسية.

وتابع التقرير موضحًا أنه بالإضافة إلى “الاستيلاء” على المياه، يتسبب المنجم أيضًا في تدهور البيئة، حيث يعاني السكان من تلوث المياه والتربة نتيجة المخلفات الصناعية المترتبة عن استخراج الفضة، مشيرا إلى أنه في عام 1987، تسببت تسربات السيانيد في نفوق 25 رأسًا من الماعز، وفي السنوات الأخيرة، عانى 50 رأسًا من الأغنام من نفس المصير.

ومن ناحية أخرى، أشار المصدر ذاته، إلى أنه في عام 2011، بدأت الجمعيات المحلية في مطالبة شركة (SMI) بحق سكان المنطقة في الحصول على فرص عمل من خلال وظائف موسمية، حيث كانت الشركة تحقق “أرباحًا ضخمة” من استخراج الفضة، دون أن “توفر أي فوائد اجتماعية أو اقتصادية للسكان المحليين”، مبرزا أن “المفاوضات مع السلطات المحلية والشركة فشلت في تلبية هذه المطالب، ما دفع السكان إلى الاحتجاج”.

وأضاف التقرير أن الاحتجاجات ضد استغلال الموارد المائية وتلوث المياه بدأت في عام 2011، حيث قطع السكان إمدادات المياه إلى المنجم في اعتصام على جبل “عليبان”، واستمر هذا الاعتصام حتى عام 2019، حيث دعا النشطاء إلى إصلاحات بيئية، وتوفير فرص عمل محلية، وتطوير بنية تحتية تخدم سكان إميضر بشكل مستدام.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن السلطات العمومية، في البداية، كانت مستعدة للحوار مع الجمعيات المحلية، حيث تم عقد عدة اجتماعات حتى عام 2013، إذ قدمت السلطات بعض العروض الاستثمارية التي تشمل بناء قناة ري، وتوفير فرص عمل محلية، مستدركا أن هذه العروض “لم تكن كافية” بالنسبة للسكان، وهو ما أدى إلى استمرار الاحتجاجات.

وأشار التقرير إلى أن “القمع الأمني بدأ في عام 2014، إذ تم اعتقال العديد من النشطاء الذين كانوا يشاركون في الاعتصام، واستمرت هذه السياسة القمعية حتى عام 2019، التي انتهى خلالها الاعتصام، إلا أنه لم يتم تحقيق المطالب الأساسية للسكان”.

وتابع المصدر أنه مع مرور الوقت، بدأ الوضع البيئي في إميضر في “التدهور بشكل متسارع”، حيث “جفت الأنهار المحلية لمدة عامين، وبدأت الخطارات التقليدية في التدهور، مما تسبب في صعوبة استدامة الأنشطة الزراعية، ودفع بعض المزارعين إلى مغادرة أراضيهم”.

وإلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى أن “البعض من سكان إميضر أصبحوا يعتمدون على الأحواض الجديدة ونظام الضخ لاستمرار أنشطتهم الزراعية، بينما كانت الشركة تستمر في توسعاتها التعدينية”، موردا أن استمرار هذا الوضع أدى إلى “مزيد من الضغط على الموارد المائية، وهدد استدامة الحياة في المنطقة”.

وفي غضون ذلك، أكد تقرير المعهد على ضرورة تطوير سياسات مائية تأخذ بعين الاعتبار التحديات المحلية وتحترم حقوق المجتمعات في الوصول إلى المياه، مشددا على أن “هذه الصراعات تتعلق بالحقوق الأساسية للسكان في الحصول على موارد المياه، كما أنها تمثل قضية محورية بالنسبة للانتقال المائي العادل في المغرب”.