story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

تقرير وطني: 70% من الشباب المغربي لا يثقون في المنتخبين والمؤسسات

ص ص

كشفت نتائج تقرير وطني جديد لجمعية “المواطنون” عن “أزمة ثقة حادة” بين فئة الشباب والمؤسسات المنتخبة، حيث صرّح 7 من كل 10 شباب بعدم ثقتهم في المنتخبين أو في المؤسسات الرسمية، في ما اعتُبر “مؤشرًا واضحًا على شك ديمقراطي ممنهج يهدّد أسس المشاركة السياسية لدى الأجيال الصاعدة”.

ويظهر هذا الشك، وفقًا للتقرير الذي أتى بعنوان “كيف يرى الشباب الالتزام المواطن؟”، ليس في شكل صدام مباشر، بل في أنماط عزوف عن المشاركة، وانسحاب تدريجي من الفضاء العام، أو لا مبالاة متزايدة ناتجة عن شعور بعدم الفعالية.

وتشير المعطيات إلى أن الأسباب الرئيسة لهذا التراجع تتمثل في “غياب نتائج ملموسة” على أرض الواقع، و”صعوبة التواصل مع المنتخبين”، إلى جانب إحساس الشباب بأنهم يُعاملون كفئة يجب “تحسيسها” بدل اعتبارهم فاعلين أساسيين وشركاء في صناعة القرار.

وفي بعض المناطق، عبّر شباب مشاركون في الاستبيان عن “خيبة أملهم” من مشاورات لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة، أو مشاريع تم إطلاقها “دون إشراكهم الفعلي”، مما “يعمّق الإحساس بوجود ديمقراطية شكلية لا تترك أثرًا في الحياة اليومية للمواطنين”.

وأفاد التقرير بأن فئة واسعة من الشباب المغربي تنخرط بشكل ملحوظ في النقاش العمومي عبر الإنترنت، خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، مسجلا أن أكثر من شابين من بين كل ثلاثة (68%) يستعملون هذه المنصات الرقمية للتعبير عن آرائهم حول مواضيع سياسية أو اجتماعية.

لكن هذا الحضور الرقمي الشبابي، لا يجد ما يقابله من تفاعل من طرف المؤسسات العمومية، التي يصفها التقرير بأنها “غائبة أو غير نشطة” على المنصات الرقمية الأكثر ارتيادًا من قبل الشباب، مضيفا أن “الحملات الحكومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي نادرة، وغالبا ما تتسم بالاتجاه الواحد، دون تفاعل حقيقي”.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن التعليقات والتساؤلات التي يطرحها المواطنون، تظل غالبا “دون رد”، مبرزا أن ذلك يعزز لديهم شعورا بالتجاهل أو الاحتقار، مشددا في الوقت ذاته، على أن “الصمت الرقمي” من طرف المؤسسات يساهم في “إضعاف الثقة”، ويبعد الشباب أكثر فأكثر عن القنوات الرسمية للمشاركة في الشأن العام.

وأبرز التقرير أن نصف الشباب المغربي تقريبًا (50%) لا يشاركون في آليات المشاركة الرسمية مثل توقيع العرائض أو الإدلاء بالرأي في المشاورات العمومية، رغم توفر منصات إلكترونية لهذا الغرض (من قبيل chikaya.ma أو بوابات الوزارات).

وعزت الجمعية هذا العزوف إلى عدة عوامل، منها ضعف تصميم هذه المنصات، وعدم ملاءمتها لأنماط استخدام الشباب، إضافة إلى تعقيد الواجهات، وغياب التفاعل أو التغذية الراجعة، وانعدام التكيف مع الهواتف المحمولة، الأمر الذي يجعل من هذه المنصات، حسب التقرير، مجرد “واجهات رمزية”، لا أدوات فعلية للمشاركة أو التأثير في القرار العمومي.

وحذّرت جمعية “المواطنون” من استمرار “فجوة رقمية مقلقة” تعيق اندماج فئات واسعة من الشباب المغربي في آليات المشاركة الرقمية، حيث أظهرت المعطيات أن فقط شابًا واحدًا من كل ثلاثة (32%) صرّح بأنه شارك حصريًا عبر الإنترنت في آليات ديمقراطية تشاركية.

وأرجع التقرير هذا الضعف إلى مجموعة من العراقيل البنيوية التي تواجه الشباب القروي وشبه القروي، من بينها سوء تغطية الإنترنت، ضعف التجهيزات الرقمية، وغياب تكوينات في المهارات الرقمية الأساسية، “ما يخلق نوعًا من القطيعة المزدوجة تكنولوجية ومعرفية تعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية داخل الفضاء الرقمي”.

وأكد المصدر ذاته أن هذه الفجوة لا تعني فقط غياب الأدوات، بل تؤدي أيضًا إلى تغييب أصوات شبابية لها الكثير لتقوله عن واقعها ومعاناتها وظروف عيشها، دون أن تجد المنصات أو المهارات التي تمكّنها من التعبير والمشاركة.

وكشفت الجمعية أن 64% من الشباب سبق لهم أن روجوا لقضية اجتماعية أو سياسية عبر الإنترنت، ما يعكس دينامية رقمية قوية، لكنها تصطدم بغياب شبه تام للحوار المؤسساتي داخل هذه الفضاءات.

فالمؤسسات العمومية، حسب التقرير، لا تزال غائبة أو غير نشطة على المنصات الرقمية التي يرتادها الشباب يوميًا، مثل فيسبوك، إنستغرام، أو تيك توك، أما الحملات الحكومية، فتُوصف بأنها “نادرة وذات طابع عمودي”، حيث يغيب فيها التفاعل الحقيقي أو الرد على تعليقات الشباب، ما يُشعرهم “بالإقصاء أو حتى بالاحتقار”.

وفي المقابل، أبرز التقرير الوطني أن المغرب يشهد منذ سنوات حركية شبابية متزايدة في إنتاج محتوى رقمي مواطني، يتخذ شكل بودكاستات، قنوات يوتيوب، أو مدونات محلية تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية بمنظور نقدي ومسؤول.

هذا الزخم، الذي يتوزع على مختلف جهات المملكة، يُعد وفق التقرير “شكلًا حديثًا من الصحافة المدنية”، ويعبّر عن مشاركة مواطِنة نشطة تعزز النقاش العمومي، وتنقل انشغالات المواطنين خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف الإعلام التقليدي.

واستدرك المصدر ذاته، لكن، “ورغم ما تحمله هذه المبادرات من طاقة إبداعية وقيمة ديمقراطية مضافة، فإنها تبقى معزولة عن أي دعم مؤسساتي أو مواكبة من الجماعات الترابية”. كما يفتقر أصحابها إلى الاعتراف الرسمي أو إمكانيات التشبيك والتطوير، ما يجعلها طاقات “مهملة”، في الوقت الذي يمكن أن تُشكل رافعة حقيقية لتجديد العلاقة بين الشباب والمؤسسات، وتعزيز ثقافة المساءلة المجتمعية.

وأشار التقرير إلى أن 67% من الشباب طالبوا بالحصول على تكوينات مخصصة وولوج أفضل للمعلومة العمومية، لتمكينهم من تطوير مشاريعهم الرقمية المواطِنة، وخلق أثر فعلي على مجتمعاتهم المحلية.

ويعد هذا التقرير ثمرة عمل ميداني استمر لأكثر من سنة شمل الجهات الإثنتي عشرة للمملكة، وقد تم خلاله الاستماع إلى آراء ومقترحات أكثر من 1100 شابة وشاب من مختلف الخلفيات والمناطق الحضرية منها والقروية، سواء من الطلبة أو العاطلين أو النشطين، وذلك من خلال مقاهي المواطنة، ومجموعات التركيز.