تقرير: متابعة الصحافيين بالقانون الجنائي تعيق حرية التعبير في المغرب

رصد تقرير صادر عن مركز عدالة لحقوق الإنسان استمرار حجم التحديات التي تواجه الصحافيين ووسائل الإعلام في المغرب، مشيرًا إلى أن حرية الصحافة شهدت “تطورات ملحوظة منذ بداية عام 2025، إلا أن الضغوط على الصحافيين المستقلين لا تزال قائمة”.
وأوضح التقرير، الذي يوثق أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب خلال الفترة الممتدة من 1 يناير إلى 23 فبراير 2025، أن القانون الجنائي لا يزال يُستخدم في ملاحقة الصحافيين بسبب نشرهم لمحتويات ناقدة، مما يدفع العديد منهم إلى ممارسة الرقابة الذاتية لتفادي المتابعات القضائية.
ووفقًا للتقرير، “الذي استند إلى تحليلات دقيقة للتغطية الإعلامية المكتوبة والسمعية البصرية، بالإضافة إلى معطيات منظمات حقوقية دولية”، فإن المغرب تقدم في تصنيف حرية الصحافة لعام 2024 حسب تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود”، حيث انتقل من المرتبة 144 إلى المرتبة 129 من أصل 180 دولة.
حميد المهداوي
وفي سياق حرية الصحافة، تطرق التقرير إلى قضية الصحافي حميد المهداوي، مشيرًا إلى أن المحكمة الابتدائية بالرباط قضت في حقه بعقوبة السجن النافذ لمدة عام ونصف، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 150 مليون سنتيم، بعد إدانته بتهم تتعلق بـ”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، والقذف، والسب العلني” في حق وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
ودعا دفاع وهبي القضاء خلال أطوار المحاكمة، إلى الحكم على المهداوي بتعويض مدني قدره 10 مليون درهم (مليار سنتيم) لصالح موكله عبد اللطيف وهبي، وإجراء افتحاص على مستوى مداخيل قناة الصحافي بمنصة يوتيوب، وعائداتها بالدرهم المغربي بخصوص الحلقات التي تناولت الطرف المشتكي موضوع الدعوى، مع إصدار أمر قضائي بتحويلها إلى جمعيات ومؤسسات خيرية.
محمد زيان
كما أورد المركز في تقريره قضية النقيب ووزير حقوق الإنسان الأسبق محمد زيان، الذي يواجه محاكمة مستمرة وهو في سن الـ 82، حيث تقرر تأجيل قضيته إلى 9 أبريل 2025، على خلفية اتهامه بـاختلاس أموال عمومية مخصصة للأحزاب السياسية.
ووفق تقرير الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (هِمَم)، فإن زيان يقضي عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات في قضية أخرى تتعلق بـإهانة رجال القضاء وموظفين عموميين.
وفي هذا الصدد، أعربت هيئات حقوقية عن قلقها بشأن الوضع الصحي لمحمد زيان داخل السجن، مؤكدة أنه يعاني من أعراض الشيخوخة وأمراض مزمنة، معتبرة أن “محاكمته ذات طابع سياسي، وتهدف إلى قمع آرائه ومواقفه”.
نشطاء 20 فبراير
من جهة أخرى، تناول التقرير الحقوقي قضية إدانة أربعة نشطاء في مدينة تيفلت، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالمدينة أحكامًا بالسجن في حق ثلاثة نشطاء من حركة 20 فبراير، وهم فؤاد البلبال ونور الدين الدغوغي بأربعة أشهر نافذة، وياسين صابر بغرامة مالية نافذة.
وأصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة أربعة أشهر في حق رشيد عقبي، رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، وذلك على خلفية مشاركتهم في وقفة احتجاجية سلمية لدعم أسرة تلميذين، رفضت إدارة إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة تمكينهما من شواهد المغادرة بدعوى عدم أداء المستحقات المالية.
“تضييق”
وفي سياق آخر، أعرب مركز عدالة لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إثر اعتقال الناشط الحقوقي رضوان القسطيط، الذي يواجه متابعة قضائية أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بطنجة.
وأشار المركز، في بيان رسمي، إلى أن “هذا الاعتقال يندرج ضمن التضييق من السلطات العمومية على الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية والمناهضة للتطبيع”، معتبرًا أن “المتابعة القضائية ضد القسطيط تمثل انتهاكًا لحرية الرأي والتعبير”.
وأعلن مركز عدالة، للرأي العام الوطني والدولي مطالبته بإطلاق سراح القسطيط فورًا، داعيًا الجهات القضائية إلى إسقاط المتابعة عنه وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، وذلك انسجامًا مع التزامات المغرب الأممية في مجال حقوق الإنسان.
وخلص التقرير إلى أنه في رد رسمي على هذه القضايا، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، يوم 10 فبراير 2025، أن الحكومة تحترم حرية الصحافة وتعمل على تعزيزها من خلال إصلاحات قانونية جديدة.