تقرير: قطر والوساطة في نزاع الصحراء.. دور محتمل لكنه لم يُطلب رسميًا
سلّطت صحيفة “إنديبنديينتي” الإسبانية الضوء على إمكانية اضطلاع قطر بدور وسيط في نزاع الصحراء المغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، استنادًا إلى تجربة سابقة للدوحة في هذا الملف وسجلها الواسع في مجال الوساطات الدولية، لكنها أكدت في المقابل أن “هذا الدور يظل غير مطروح رسميًا في ظل غياب طلب صريح من الأطراف المعنية”.
وأبرزت الصحيفة، في تقرير لها بعنوان “قطر، هل تكون الوسيط بين المغرب والصحراويين؟”، أن قطر بدأت تاريخها في الوساطة بملف الصحراء مطلع سنوات الألفين، حين تدخلت للإفراج عن نحو مئة أسير حرب مغربي كانوا محتجزين لدى البوليساريو في مخيمات تندوف بالجزائر، في عملية إنسانية نُفذت في فبراير 2004 وانتهت بنقلهم إلى مدينة أكادير.
ووفق المصدر ذاته، “لم تقتصر تلك العملية على بعدها الإنساني، بل كشفت عن قدرة الدوحة على التحرك بهدوء داخل نزاع معقد تحكمه الشكوك التاريخية والتنافسات الإقليمية، وهو ما أسهم في ترسيخ صورتها كفاعل قادر على التواصل مع جميع الأطراف”.
وأضافت الصحيفة أن “تلك الوساطة شكلت محطة مؤسسة لمسار قطري توسع لاحقًا ليشمل نزاعات أخرى، من بينها غزة وأفغانستان واليمن وكولومبيا، حيث اعتمدت الدوحة مقاربة تقوم على خفض التصعيد وإدارة الأزمات بدل فرض حلول نهائية”.
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أن “الوساطة تشكل ركنًا ثابتًا في السياسة الخارجية القطرية، إذ ينص دستور البلاد على دعم تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية، وهو ما انعكس على توجه دبلوماسي واضح منذ عام 2004”.
كما لفتت إلى أن “قطر راكمت خبرة مؤسساتية في هذا المجال، خاصة بعد استحداث مناصب وزارية مخصصة للوساطة سنة 2023، وتوسيع شبكة المبعوثين الخاصين، رغم محدودية عدد سكانها واعتمادها الكبير على الأجانب”.
ورغم ذلك، أكد المصدر ذاته أن “أي وساطة قطرية في نزاع الصحراء تبقى غير قائمة حاليًا”، إذ نقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية تأكيده أن “الدوحة لم يُطلب منها رسميًا الاضطلاع بأي دور وساطة، وأن المغرب والجزائر تربطهما بقطر علاقات جيدة”.
وفي الاتجاه ذاته، نقلت “إنديبنديينتي” عن مسؤولين قطريين أن “النزاع، في مرحلته الحالية، مستقر عسكريًا ويُدار أساسًا على المستوى السياسي والسردي”، مشددين على أن “الدوحة لا تتدخل إلا بطلب صريح من جميع الأطراف”.
وأبرز التقرير أن “قطر تحافظ في الوقت نفسه على علاقات قوية مع المغرب والجزائر، وتُعد مستثمرًا مهمًا في الجزائر”.
وفي سياق التطورات الدولية، ربطت الصحيفة النقاش الحالي بقرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر، والذي دعا إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي.
كما توقفت الصحيفة عند تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بشأن السعي إلى التوصل إلى اتفاق بين المغرب والجزائر في غضون 60 يومًا، مقابل تشكيك جبهة البوليساريو في حياد الولايات المتحدة وتمسكها الحصري بإطار الأمم المتحدة.
وأكدت الصحيفة “تمسك البوليساريو الحصري بإطار الأمم المتحدة”، معتبرة أن “إدارة ترامب لا تمثل وسيطًا نزيهًا أو متوازنًا، ومشددة على إيمانها بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، ورفضها مناقشة النزاع خارج هذا الإطار”.
ونقلت “إنديبنديينتي” آراء محللين اعتبروا أن “أي وساطة خارج إطار الأمم المتحدة تواجه صعوبات كبيرة بسبب تحفظ الجزائر وجبهة البوليساريو، رغم الإقرار بأن قطر تبقى، نظريًا، المرشح الإقليمي الأكثر قبولًا”.
غير أن “هؤلاء المحللين أشاروا، في المقابل، إلى أن الجزائريين سيبدون حذرًا إزاء أي وساطة خارجية، ولا سيما القادمة من منطقة الخليج، بعد متابعتهم بقلق منذ عام 2011 لدور دول الخليج في النزاعات التي شهدتها ليبيا وسوريا واليمن، ومؤخرًا السودان”.