story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

تقرير: غياب الشفافية أبرز إشكالات الدعم العمومي لقطاع الصحافة بالمغرب

ص ص

نبه تقرير حديث إلى أن مبدأ الشفافية يمثل أبرز الإشكاليات المتعلقة بالدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر، مشيرا إلى أن أبرز الإشكاليات المرتبطة بتوزيع الدعم المالي العمومي تتعلق بمبدأ الشفافية وعدالة معايير التوزيع.

وأشار التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات إلى عدم نشر الحكومة الحالية قوائم المقاولات المستفيدة من هذا الدعم، خلافًا للعرف الذي اتبعته الحكومات السابقة، ما حال دون تمكين المواطنين من الاطلاع عليها.

ولفت إلى أن وزارة الاتصال كانت تصدر تقارير دورية حول “إحصائيات البطاقة المهنية للصحفيين”، تتضمن لوائح بأسماء الصحفيين وأرقامهم الترتيبية والمؤسسات التي يعملون بها، لكن المجلس الوطني للصحافة، بعد توليه الاختصاصات، تخلى عن هذه الممارسة.

وأوضح أنه في الوقت الذي ظل فيه نشر قوائم الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية مطلبًا ملحًا للمهنيين، اكتفى المجلس بالإعلان في 2021 عن خوضه اتصالات ومشاورات مع لجنة حماية المعطيات الشخصية لنشر لوائح الحاصلين على البطاقة لسنتي 2020 و2021، دون أن يعلن عن نتائج هذه المشاورات أو ينشر القوائم الكاملة، ما يؤشر، بحسب التقرير، إلى “وجود توجه نحو حجب المعلومة”.

اختلال معايير التوزيع

وفي هذا السياق أوضحت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أن معايير توزيع الدعم “لم تكن عادلة ولا منصفة”، مشيرة إلى وجود تفاوتات كبيرة بين المقاولات الصحفية، حيث تضاعف دعم بعض المقاولات أكثر من 20 مرة ليصل إلى مبالغ بمليارات الدراهم، في حين لا تتجاوز دعم مقاولات أخرى 30 ألف درهم فقط.

ولفت التقرير إلى التنوع الكبير في نوعية الحوامل الإعلامية، حيث يعفي الحامل الإلكتروني للصحيفة المقاولة من تكاليف الطباعة والتوزيع والنقل، والتي تُقدر بحوالي 50 إلى 60 في المائة من التكاليف لو كان الحامل ورقيًا، مشددا في هذا الصدد على ضرورة أن تراعي مساطر الدعم هذه المتغيرات لضمان توزيع أكثر عدالة ومنصفة.

انحسار في المحاسبة

ووقف المعهد على أن آخر تقييم للدعم العمومي المخصص للصحافة يتضمنه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، والذي يحمل عنوان “تقييم دعم الصحافة المكتوبة”، ما يشير إلى أن هذا التقييم يعكس “وضعية قديمة”، ويركز بشكل أساسي على الدعم المقدم للصحافة الورقية.

وأضاف التقرير أن صرف الدعم العمومي في أي قطاع يجب أن يرتكز على مبدأي الجدوى والنجاعة، موضحًا أنه رغم أن هذا الدعم ساهم في ضمان أداء أجور الصحفيين وحماية حقوقهم الاجتماعية، فإنه في المقابل أثار تساؤلات حول جدوى صرف أجور أرباب المقاولات الصحفية الخاصة.

وأشار إلى أن المجلس الوطني للصحافة نبه إلى إشكالية النجاعة، مشددًا على أن “نتيجة هذا الدعم الاستثنائي تمثلت في التفاوتات الصارخة التي أنتجها المعيار المستحدث لأجور العاملين، ومضاعفته لأكثر من عشر مرات لفائدة قلة قليلة من المقاولات الكبرى، في حين لم تتلق المنشآت الصحفية المتوسطة والصغيرة حتى مبلغ الدعم الذي كانت تحصل عليه ضمن الدعم العادي”.

المساس بالاستقلالية

وأشار المعهد إلى أن الدعم تحوّل من مساعدة المقاولات الصحفية على بناء نموذج اقتصادي مستدام إلى صرف رواتب العاملين وواجبات انخراطهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مثل موظفي الإعلام العمومي.

وأبرز المصدر ذاته، أن ذلك يثير تساؤلات حول استقلالية الإعلام، خاصة مع الربط بين هذا الدعم وتحول بعض الجرائد الإلكترونية والمطبوعة إلى منابر للدفاع عن السياسات الحكومية.

وفي هذا السياق، نقل التقرير تصريح نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الذي اعتبر أن “الدعم الاستثنائي كان استثنائياً بحق ولا يمكن أن يعود بهذه الصيغة لأنه مخالف للقانون، وخاصة المادة 7 من قانون الصحافة والمرسوم المرتبط بها.

وتابع أن أنه إذا كانت صيغة الدعم تتجه نحو صرف الرواتب مباشرة للعاملين، فيجب إعادة النظر في القانون، مع التساؤل حول الفائدة التي سيجنيها الصحفيون من حصولهم على أجورهم من الحكومة، فضلاً عن أن ذلك يمس استقلالية الصحافة مبدئياً، إضافة إلى أن المقاولات هي التي يجب أن تتحمل مسؤولية دفع أجور موظفيها وتحفيز أدائهم حسب التقرير.

في المقابل، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بضرورة “الرفع من قيمة الدعم العمومي المباشر وغير المباشر المخصص لقطاع الصحافة، لضمان توسيع النشر وتعزيز التعددية والتنوع، ودعم تحديث وتأهيل الشركات الصحفية وضمان استدامتها”، مع التشديد على أن “توزيع الدعم يجب أن يراعي هذه الأهداف لضمان استمرارية القطاع وتنوعه”.

مقاربات بديلة

وأكد التقرير على أهمية اعتماد مبادئ الشفافية والمحاسبة والنجاعة لضمان بيئة ديمقراطية حقيقية تتمتع فيها المقاولة الصحفية بالاستقلالية، ويحظى الصحافيون بالكرامة، “لا سيما في ظل تطبيق قرار تحديد أسقف دعم التسيير والاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع”.

وأوضح التقرير أن هذه المسؤولية تتوزع على عدة جهات، من بينها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، “التي يقع على عاتقها نشر تفاصيل المبالغ المالية الخاصة بالدعم العمومي بشفافية حسب كل منبر إعلامي، إضافة إلى نشر لائحة الجرائد المستفيدة من الإعلانات الإدارية وعدد الإعلانات الممنوحة لكل مقاولة، فضلاً عن عدد الصحفيين المعتمدين”.

كما أشار إلى دور المجلس الأعلى للحسابات في القيام بالتدقيق المالي والمحاسبي لمعرفة أوجه صرف الدعم المالي العمومي، بالإضافة إلى المجلس الوطني للصحافة الذي ينبغي عليه نشر قائمة بأسماء الصحفيين الحاصلين على بطاقة الصحافة والمؤسسات المشغلة لهم.

وأضاف أن رئاسة النيابة العامة تقع على عاتقها مسؤولية نشر لائحة الجرائد الإلكترونية والمطبوعات الورقية المصرح بإنشائها، بالإضافة إلى المتابعات القضائية المتعلقة بالصحفيين، كما نوه التقرير بدور أعضاء البرلمان في مساءلة هذا القطاع الحيوي.