تقرير: تحسين القدرة الشرائية تتصدر مطالب المغاربة والفقر يهدد العيش المشترك

كشفت نتائج النسخة الثالثة من البحث الوطني حول الرابط الاجتماعي – القطب المدني، أن المطالب الاجتماعية للمغاربة تهيمن عليها الاعتبارات المادية، حيث أصبح تحسين القدرة الشرائية العامل الأكثر أهمية لضمان العيش المشترك السلمي، إذ سجل هذا العامل ارتفاعًا ملحوظًا على مدى السنوات الأخيرة، منتقلاً من 7% في عام 2011 إلى 26% في عام 2023.
وأوضح التقرير، الذي أنجزه المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، أن تزايد هذه التطلعات الاقتصادية، خاصة تضاعف الاهتمام بقضية تحسين القدرة الشرائية أربع مرات بين عامي 2016 و2023، يعكس تحول الطبقات الوسطى نحو النزعة المادية، كما يبرز انضمام بعض فئات هذه الطبقة إلى الفئات الفقيرة في مطالبها.
وبالمقارنة مع العوامل الأخرى، لا يزال توفير العمل للجميع يحتل مرتبة متقدمة بنسبة 18% في عام 2023، لكنه لم يشهد القفزة نفسها التي عرفتها القدرة الشرائية، وفي المقابل، تراجعت أهمية الاستقرار من 22% في عام 2011 إلى 12% في عام 2023.
أما الديمقراطية وحرية المعتقد، فقد حافظتا على مستويات متقاربة، في حين بقيت عوامل مثل التعليم، تقليص الفوارق الاجتماعية، العدل، واحترام القيم الثقافية في مراتب متأخرة، وهو ما يشير إلى أن الأولويات باتت تميل أكثر نحو القضايا المعيشية المباشرة.
وفيما يتعلق بالعقبات التي تحول دون تحقيق التعايش السلمي في المغرب، أوضحت الأرقام أن الفقر يشكل أكبر مصدر قلق يعيق العيش بسلام مع الآخرين، حيث حصل على أعلى معدل تقييم في عام 2023، بمتوسط 7.5 من 10، كما أن انعدام الأمن الاقتصادي لا يزال يشكل هاجسًا مهمًا، إذ جاء في المرتبة الثانية.
ومن جهة أخرى، لا تزال العنصرية والتفاوتات الاجتماعية تمثلان مشكلات مقلقة، لكنهما سجّلتا معدلات أقل نسبيًا، حيث بلغت 6.4 و6.3 على التوالي في عام 2023.
وفي المقابل، تراجع كل من التطرف الديني والفظاظة إلى المراتب الأخيرة ضمن قائمة المشكلات التي تؤثر على العيش المشترك، ما يشير إلى أن المخاوف المرتبطة بهما ليست بنفس الحدة التي تعكسها القضايا الاقتصادية.
أما فيما يخص الهوية، فقد أظهرت نتائج الاستطلاعات التي أجراها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية في أعوام 2011، 2016، و2023 أن الهوية المغربية تُعرّف أولًا بالانتماء إلى الإسلام، ثم بحب الوطن، وأخيرًا بالتعلق بالوحدة الترابية للمملكة.
ووفقًا للدراسة نفسها، تقوم الهوية المغربية على ثلاث ركائز رئيسية، تشمل الركيزة الوطنية التي تستند إلى الإسلام، والمغربية، والعروبة، والركيزة الإقليمية التي تجسد التنوع الثقافي من خلال المكونين الأمازيغي والصحراوي الحساني، إضافة إلى الركيزة الشمولية التي تعكس انفتاح المغرب على العالم العربي وإفريقيا والمجتمع الدولي.
كما كشفت الدراسة أن الهوية الإسلامية تحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية بنسبة 9.9 في عام 2023، تليها الهوية المغربية بنسبة 9.6، ثم الهوية العربية بنسبة 9.1، كما تشير النتائج إلى أن الأفراد يولون أهمية أكبر للهويات المحلية والوطنية مقارنة بالانتماءات الإقليمية أو العالمية.
وفي هذا السياق، أورد المصدر ذاته أن القيم المرتبطة بالوطنية تتصدر قائمة المعايير، حيث سجل حب الوطن بالنسبة للمغاربة نسبة 9.2، والانتماء إلى الإسلام 9.3، في حين بلغ التعلق بالوحدة الترابية 8.7 في عام 2023.