تقرير: المنطقة العربية محور رئيسي لحركات الهجرة الدولية

كشف تقرير حديث حول حالة الهجرة الدولية في المنطقة العربية لعام 2025، أن المنطقة العربية لا تزال تشكل محوراً رئيسياً لحركات الهجرة الدولية، سواء كمنطقة منشأ أو عبور أو استقبال، مع تسجيلها تحولات ديموغرافية جديدة في أنماط الهجرة.
وبحسب التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا – الإسكوا بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، فقد بلغ عدد المهاجرين من البلدان العربية 37.2 مليون مهاجر عام 2024، بينهم 18.1 مليون بقوا داخل المنطقة العربية، أي ما يعادل 47.5% من إجمالي المهاجرين العرب، مقارنة بـ 58.5% عام 2010.
وأبرز التقرير، أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال الوجهة الأساسية للمهاجرين داخل المنطقة، حيث تستقبل 74% من المهاجرين القادمين من أقل البلدان العربية نمواً، وفقاً لبيانات التقرير، كما أشار إلى أن الهجرة بين الدول العربية تشهد تراجعاً نسبياً مقارنة بالعقود السابقة، حيث انخفضت من 58.5% عام 2010 إلى 47.5% عام 2024، مع تزايد اتجاه المهاجرين نحو أوروبا وآسيا.
ووفقًا للتقرير ذاته، تُسجّل البلدان العربية معدلات تفوق المتوسط العالمي في أعداد طلبة التعليم العالي الوافدين إليها والمغادرين منها، مع تزايد ملحوظ في النسب خلال السنوات الأخيرة، حيث غادر أكثر من 650,000 طالب من الدول العربية في عام 2022 لمتابعة دراستهم الجامعية في الخارج.
أما فيما يخص التحويلات المالية بالمنطقة، أفاد التقرير بأن عدّة بلدان عربية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التحويلات المالية كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي، موردة أن لبنان هو الأكثر اعتمادًا، إذ بلغت التدفقات الواردة إليه 6.7 مليارات دولار، أي ما يقرب من 31 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي.
ويعد المغرب أيضا من أكثر الدول العربية استفادة من تحويلات المهاجرين، سواء من حيث القيمة الإجمالية أو من حيث مساهمتها في الاقتصاد الوطني، حيث تقدر قيمة التحويلات المالية إلى المغرب بـ 10 مليارات دولار، بينما تقارب نسبة التحويلات من الناتج المحلي الإجمالي 8 في المائة.
أما البلدان العربية الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على التحويلات فهي جزر القمر (21 في المائة)، اليمن (21 في المائة)، دولة فلسطين (19 في المائة)، والصومال (15 في المائة).
كما ركز التقرير على وجود فجوة واضحة في تعامل الدول العربية مع قضايا الهجرة ضمن سياساتها التنموية، “فبينما أظهرت غالبية الدول (20 من أصل 22) بعضاً من التقدم عبر إدراج المهاجرين في سياسة تنموية واحدة على الأقل مثل التعليم أو الصحة، فإن هذا الإدراج يظل محدوداً وغير كافٍ، حيث أن 3 دول عربية فقط هي التي تمتلك استراتيجيات وطنية شاملة للهجرة”.
وأشار التقرير إلى أن “هذا الوضع يعكس نهجاً مجتزأً في التعامل مع الهجرة، حيث تقتصر معظم الدول على معالجة جوانب معزولة كحقوق العمال المهاجرين أو الخدمات الصحية الطارئة دون رؤية شاملة تربط الهجرة بأهداف التنمية المستدامة، مثل خلق فرص العمل أو نقل المهارات”.
ونبه في هذا الإطار إلى أن “هذا القصور يحدّ من قدرة الدول العربية على تحويل الهجرة إلى فرصة تنموية، داعياً إلى تحوّل جذري نحو تبني استراتيجيات وطنية طويلة الأمد للهجرة، تُدمج فيها جميع القطاعات، وتُشرك المهاجرين أنفسهم في صنع السياسات”.
وفي غضون ذلك، قدم التقرير مجموعة من التوصيات الرئيسية لتعظيم الفوائد التنموية للهجرة في المنطقة العربية، حيث ركز أولاً على دمج قضايا الهجرة في السياسات التنموية والقطاعية، مثل التعليم والصحة والعمل، بما في ذلك إزالة العوائق التي تحول دون حصول المهاجرين على الخدمات الأساسية، ومراجعة القوانين لضمان حماية حقوقهم، وإشراكهم في صياغة السياسات.
كما دعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي لتحفيز نقل المعرفة والاستثمار في القطاعات الواعدة، مثل الاقتصاد الأخضر، لخلق فرص عمل جديدة للمهاجرين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.