story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

تقرير: المغرب والجزائر يستحوذان على 90% من الإنفاق العسكري بشمال إفريقيا

ص ص

أفاد تقرير حديث أن المغرب والجزائر استحوذا معاً على نحو 90 في المائة من إجمالي الإنفاق العسكري في شمال إفريقيا، ما يعكس حجم التنافس المحموم بين البلدين على صعيد تحديث وتعزيز ترسانتيهما العسكرية.

وذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، في تقريره الصادر يوم الإثنين 28 أبريل 2025 حول “اتجاهات الإنفاق العسكري العالمي”، أن إجمالي الإنفاق العسكري في إفريقيا بلغ 52.1 مليار دولار خلال عام 2024، منها 30.2 مليار دولار أنفقت في شمال القارة.

سباق نحو العتاد المتطور

في هذا السياق، يرى الخبير الأمني محمد شقير، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن استحواذ الجارين المغاربيين على النصيب الأوفر من الإنفاق العسكري في القارة السمراء يرجع إلى كونهما يعيشان سباق تسلح مستمراً منذ أكثر من عشر سنوات.

وأوضح الشقير أن هذا السباق نحو التسلح “يتطلب بطبيعة الحال تخصيص مبالغ مهمة من ميزانية كل دولة، وتوجيه جزء كبير من الخزينة العامة نحو شراء العديد من أنواع العتاد العسكري، خصوصاً العتاد المتطور”، مما أدى إلى ارتفاع مطرد في الإنفاق العسكري، نتيجة سعي كلا البلدين إلى تحديث وتطوير ترسانتهما، لا سيما في سلاح الجو.

وأشار الخبير الأمني إلى أن المغرب اقتنى مجموعة من طائرات F-16 بنسخ معدلة، بينما اقتنت الجزائر طائرات Su-57، وهي من مقاتلات الجيل الخامس المعروفة بتكلفتها العالية. كما أضاف أن المغرب، بحكم النزاع حول ملف الصحراء المغربية والدفاع عن حدوده خاصة في المنطقة العازلة، اقتنى مجموعة من الطائرات المسيرة، خصوصاً التركية المتطورة ذات الكلفة المرتفعة في نسخها الأخيرة، إضافة إلى استيراد منظومات دفاع جوي متطورة مثل “باتريوت” و”هيرماس”، فضلاً عن دبابات أبرامز الأمريكية.

ونظراً لموقعه الجغرافي المطل على واجهتين بحريتين بطول يفوق 3500 كيلومتر، أكد شقير أن المغرب يعمل أيضاً على تطوير سلاحه البحري العسكري، من خلال اقتناء فرقاطات وسفن حربية وصواريخ، مع بحثه لاقتناء غواصات من فرنسا أو ألمانيا.

مصادر التسلح

من جهتها، سجلت الجزائر ارتفاعاً في إنفاقها العسكري بنسبة 12 في المائة بدعم من عائدات المحروقات، ليصل إلى 21.8 مليار دولار في عام 2024، وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الذي أشار إلى أن الجزائر ظلت أكبر منفق عسكري في إفريقيا، حيث مثلت ميزانيتها العسكرية 21 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي.

وفي هذا الإطار، أشار شقير إلى أن الجزائر تسعى أيضاً إلى تحديث ترسانتها العسكرية عبر اقتناء مقاتلات من الجيل الخامس، وطائرات بدون طيار، ومنظومات صاروخية حديثة.

غير أن الفرق بين البلدين، حسب المتحدث، يكمن في أن المغرب يعتمد سياسة تنويع مصادر تسلحه، مستورداً من شركاء متعددين أبرزهم الولايات المتحدة وفرنسا، التي اقتنى منها قمرين صناعيين لمراقبة التحركات الإقليمية، بالإضافة إلى انفتاحه على دول صاعدة مثل تركيا، باكستان، والهند. بينما تعتمد الجزائر بشكل رئيسي على التسلح الروسي، مما يجعلها أكثر تبعية لمصدر وحيد.

ويرى شقير أنه من الطبيعي أن يخصص البلدان ميزانيات سنوية مرتفعة لتطوير قدراتهما العسكرية، مشيراً إلى أن هذه الميزانيات قد تضاعفت تقريباً خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وأضاف أن المنافسة العسكرية بين الجارين تترجم إلى تسابق محموم نحو التسلح، وهو ما يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانيتيهما السنويتين، في حين كان بالإمكان توجيه هذه الأموال نحو قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأوضح أن هذا الواقع تعزز بشكل خاص في السنوات الأخيرة، خاصة من جانب الجزائر التي تعتبر المغرب عدواً رئيسياً ضمن عقيدتها العسكرية.

الاستثمار في الأفراد

وبعد عامين متتاليين من الانخفاض، يشير تقرير معهد ستوكهولم إلى أن المغرب رفع إنفاقه العسكري بنسبة 2.6 في المائة عام 2024، ليصل إلى 5.5 مليار دولار، مرجعاً هذه الزيادة بشكل أساسي إلى ارتفاع الإنفاق على الأفراد العسكريين.

وفي هذا الصدد، يوضح محمد شقير أن المغرب لا يركز فقط على اقتناء العتاد العسكري، بل يعمل أيضاً على دعم الأفراد العسكريين، من خلال زيادات في الأجور وإدماج المجندين الجدد في سلك القوات المسلحة، تحسباً لأي طارئ عسكري، مما يرفع المخصصات المالية اللازمة لدعم مختلف فئات الجيش، من صغار الجنود إلى كبار الضباط.

وأشار إلى أن الزيادات لا تقتصر فقط على الرواتب، بل تشمل أيضاً الامتيازات الاجتماعية مثل توفير المساكن، مما يزيد الكلفة الإجمالية. وأوضح أن الجيش المغربي يتراوح قوامه بين 300 ألف إلى 350 ألف عسكري، مقابل نحو 500 ألف بالنسبة للجيش الجزائري، ما يجعل من الطبيعي تسجيل ارتفاع سنوي مستمر في الميزانيات العسكرية بفعل الترقيات والزيادات الدورية في الأجور.

خريطة التسلح بإفريقيا

في المقابل، أفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بأن إجمالي الإنفاق العسكري في إفريقيا بلغ 52.1 مليار دولار خلال 2024، مسجلاً زيادة بنسبة 3% مقارنة بعام 2023، وارتفاعاً بنسبة 11% مقارنة بعام 2015.

وأوضح التقرير أن شمال إفريقيا أنفق وحده 30.2 مليار دولار خلال العام ذاته، بزيادة قدرها 8.8% عن 2023، وقفزة بلغت 43% مقارنة بعام 2015.

في حين، تراجع الإنفاق العسكري في دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى 21.9 مليار دولار، بانخفاض بنسبة 3.2% مقارنة بعام 2023، و13% مقارنة بعام 2015.

وعزا التقرير هذا التراجع أساساً إلى انخفاض الإنفاق في جنوب إفريقيا ونيجيريا وإثيوبيا، حيث واصلت جنوب إفريقيا، باعتبارها أكبر منفق عسكري في المنطقة، تقليص ميزانيتها للعام الرابع على التوالي إلى 2.8 مليار دولار، انسجاماً مع استراتيجيتها المالية التي تركز على دعم النمو الاقتصادي والخدمات الاجتماعية.

أما دول الساحل الإفريقي التي شهدت انقلابات عسكرية مؤخراً، فقد سجلت زيادات لافتة في إنفاقها العسكري، إذ خصصت مالي وبوركينا فاسو والنيجر معاً نحو 2.4 مليار دولار للقطاع العسكري في عام 2024. وشهدت مالي زيادة بنسبة 38 في المائة خلال الفترة 2020–2024، وارتفع إنفاق بوركينا فاسو بنسبة 108 في المائة بين 2021 و2024، فيما ارتفع إنفاق النيجر بنسبة 56 في المائة بين 2022 و2024.

كما أعلنت تشاد في 2024 إنهاء تعاونها العسكري مع فرنسا، ورفعت إنفاقها العسكري بنسبة 43 في المائة ليصل إلى 558 مليون دولار، مما رفع العبء العسكري لديها بمعدل 0.9 نقطة مئوية إلى 3.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر ارتفاع نسبي سجل في القارة خلال العام.