تقرير: المغرب مركز عالمي مرتقب في صناعة “بطاريات الفوسفات” للسيارات الكهربائية
في الوقت الذي تتجه فيه صناعة السيارات الكهربائية العالمية نحو التحول إلى بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)، التي تعد الأرخص والأكثر أماناً من بين البطاريات المعروفة حالياً، يقدم المغرب نفسه ليكون مرشحاً ليصبح مركزاً عالمياً لإنتاج هذا النوع، خصوصاً في ظل استحواذه على 72% من الاحتياطي العالمي لمادة الفوسفات.
وحسب مقال منشور على موقع “المعهد الملكي للشؤون الدولية” البريطاني، فإن الامتيازات التي يوفرها المغرب لهذه الصناعة من المرجح أن تضعه في قلب المخططات الاستثمارية لعدد من الدول، من أبرزها الصين التي تحاول الالتفاف على السياسات الحمائية المتزايدة في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تسعى إلى “حماية سلاسل التوريد الصناعية وتقليل اعتمادها على الصين”.
ويبرز دور المغرب المهم في هذه الاستراتيجية من خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني “شي جين بينغ” إلى المغرب أثناء عودته من قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في البرازيل خلال شهر نونبر الماضي، مما يظهر المغرب، حسب المقال، كأحد “ساحات الصراع في حرب تجارية كبرى مرتقبة بين القوى العظمى”.
في هذا الإطار، تسعى الولايات المتحدة من خلال قانون “خفض التضخم” إلى إعاقة جهود الصين للسيطرة على سلاسل التوريد الغربية في الصناعات الخضراء، وخصوصاً السيارات الكهربائية والبطاريات، حيث رفعت إدارة بايدن التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية من 25% إلى 100% هذا العام، كما وافق الاتحاد الأوروبي على فرض تعريفات جمركية تصل إلى 35.3% عليها.
وفي ظل هذا الوضع، يتوقع التقرير أن يدفع الضغط الأمريكي والأوروبي إلى تسريع “التصنيع خارج الحدود” بالنسبة للصين، حيث لجأت الأخيرة إلى نقل عملياتها الإنتاجية إلى الخارج لتجنب القيود الجديدة على الصادرات.
ويمثل المغرب خياراً مثالياً لنقل صناعة السيارات الكهربائية الصينية إلى الخارج، بفضل اتفاقيات التجارة الحرة التي يتمتع بها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عضويته في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA). كما أن قربه الجغرافي من الأسواق الأوروبية والأفريقية والأمريكية يقلل تكاليف الشحن والتأمين.
ويضيف التقرير أن الصين تحاول من خلال وجودها في المغرب تعزيز القاعدة الصناعية وتطوير البنية التحتية اللازمة للتصدير.
وعلى سبيل المثال، وقّع المغرب وشركة “غوشن هاي تك” الصينية مذكرة تفاهم بقيمة 6.4 مليار دولار في يونيو 2023 لإنشاء مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من الرباط، والذي سيكون الأكبر في إفريقيا.
في المقابل، أورد المصدر ذاته، أن المغرب في الوقت ذاته تجنب الاقتراب المفرط من الصين لتفادي ردود الفعل الغربية، وذلك من خلال اتباع نهج ثنائي يعتمد على المعاملات المباشرة بدلاً من الانضمام إلى ترتيبات متعددة الأطراف تقودها الصين مثل مجموعة “بريكس”.
وتابع أنه رغم الفرص، تبقى علاقات المغرب مع الصين محفوفة بالتحديات، خاصة فيما يتعلق بموقف بكين الحذر في ملف الصحراء المغربية. ومع ذلك، يضيف المصدر، يبقى المغرب يراهن على شراكاته مع الصين لتعزيز مكانته كمركز صناعي وتجاري عالمي.