تقرير: الدعم المالي للصحافة بالمغرب قد يقوض حرية التعبير والتعددية الإعلامية

أبدى تقرير حديث تخوفه من أن يصبح الدعم الموجه من طرف الحكومة للمقاولات الصحافية الخاصة أداة “لتدجينها والسيطرة عليها” مبرزا أن ملكية مجموعة من المنابر الإعلامية “تتركز في يد عدد محدود من رجال الأعمال النافذين”.
وكشف التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات أن الحكومة المغربية دفعت منذ أزمة كوفيد-19، أجوراً للمقاولات الصحافية الخاصة “تجاوزت مليار ونصف المليار درهم خلال أربع سنوات”، مبرزا أن هذه الطريقة في صرف الدعم “تضر باستقلالية الصحافة وتعددية وسائل الإعلام وحرية التعبير في البلاد”.
وأوضح أن بعض مديري هذه المقاولات الصحافية يشكلون حالة “تركيز مصالح واضحة”، حيث تتركز ملكية مجموعات صحافية في يد عدد محدود من رجال الأعمال النافذين في مجال الصحافة المكتوبة والمواقع الإلكترونية المؤثرة، الذين “يرتبطون بشكل مباشر أو غير مباشر بالسلطات السياسية، وأحياناً تتداخل مصالحهم مع الدولة”.
وأشار المصدر ذاته، إلى أمثلة بارزة مثل مجموعة “كاراكتير” التابعة لمجموعة “أكوا” القابضة التي يملكها رجل الأعمال ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، ومجموعة “إيكو ميديا”، إضافة إلى “مجموعة هوريزون برس” التي يرأسها رجل الأعمال والوزير السابق منصف بلخياط.

ورصدت الوثيقة أن الدعم الحكومي الموجه إلى قطاع الصحافة والنشر شهد ارتفاعًا مطردًا خلال الأربع سنوات الأخيرة، إذ بلغ 164 مليون درهم سنة 2020، مبرزا “أن أقوى ارتفاع له كان سنة 2024، بعدما وصل إلى 325 مليون درهم”.
ولفت المعهد إلى أن هذا الارتفاع يعود بشكل رئيسي إلى تزايد عدد المستفيدين من الدعم، مشيرا إلى أن هناك من يرى أن دعم الدولة للصحافة يُعد عنصرًا أساسيًا في اقتصاديات الصحافة، لأنه يمكّن مقاولات صحافية غير قادرة بوسائلها الخاصة من تحقيق توازناتها المالية والاستمرار في الصدور.
وأكد أن عدد المستفيدين من هذا الدعم شهد نموًا مستمرًا، وهو ما انعكس على زيادة عدد المقاولات التي تقدمت بملفاتها للحصول على الدعم، خصوصًا الدعم الجزافي المخصص للمقاولات الصحافية بناءً على كتلة الأجور.

وبين التقرير تطور عدد المستفيدين من الدعم العمومي الموجه لقطاع الصحافة خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث ارتفع العدد من 2199 مستفيدا عام 2021، ثم إلى 2309 مستفيدا في 2024، مفسرا ذلك بزيادة الطلب على الدعم، بالإضافة إلى تزايد عدد الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية من المجلس الوطني للصحافة.
وأشار إلى أن بعض الجهات ترى في تخصيص هذا الرقم القياسي من الدعم مؤشرا على المجهود المبذول من طرف الدولة لصالح الصحافة، في حين لا يستبعد آخرون أن يكون الهدف من استدامة هذا الدعم هو “تدجين وسائل الإعلام الخاصة”.

وتبعا لذلك، رصد المعهد وجود استقرار نسبي في عدد المقاولات الصحافية المستفيدة من دعم الأجور، حيث شهد هذا العدد تراجعًا مستمرًا من 136 مقاولة عام 2020 إلى 124 مقاولة عام 2024. وفي المقابل، سجل عدد المقاولات المستفيدة من الدعم الجزافي ارتفاعًا متواصلًا، حيث انتقل من 142 مقاولة في 2020 إلى 207 مقاولة في 2024.
وأوضح أن هذا الارتفاع يعود إلى أن الدعم الجزافي “استفادت منه المقاولات التي تقدمت بطلباتها بعد انصرام الأجل المحدد في 22 ماي 2022، والتي تتوفر على شروط الملاءمة، وشهادة التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى شهادة الوضعية الجبائية السليمة”.