story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
برلمان |

تقرير: الدبلوماسية البرلمانية تفتقر للتأهيل والإمكانيات ومجموعات الصداقة شبه غائبة

ص ص

في تقرير حديث، رصد المعهد المغربي لتحليل السياسات أن مجموعات الصداقة مع برلمانات دول العالم “ساهمت بشكل متواضع جدا” في مسرح الدبلوماسية البرلمانية، منبها إلى مجموعة من التحديات تواجه هذه الأخيرة، أبرزها غياب التأهيل، وضعف الإمكانيات المالية، وهيمنة الطابع المناسباتي.

وأوضح المعهد المغربي لتحليل السياسيات في ورقة نشرها، الخميس 13 فبراير 2025، تحت عنوان “الدبلوماسية البرلمانية: أعطاب متوارثة وفرص ضائعة”، أن مجموعات الأخوة والصداقة، وهي إحدى أهم أدوات اشتغال الدبلوماسية البرلمانية، تحضر بشكل متواضع جدا في مسرح الدبلوماسية البرلمانية، حيث تساهم بنسبة 6% فقط من مجموع أنشطة الدبلوماسية البرلمانية لمجلس النواب خلال السنوات الثلاث الأولى من الولاية التشريعية الحالية 2021-2026.

وقال المعهد إن اللافت للانتباه في تحليل البيانات المتعلقة بمجموعات الأخوة والصداقة، التي يبلغ عددها 148، إن نواب الأغلبية الحكومية هم الأقل حضورا في هذه المجموعات (كل عضو ينتسب إلى مجموعة صداقة واحدة أو اثنتين على الأكثر)، في الوقت الذي يظهر فيه أعضاء فريق التقدم والاشتراكية المعارض، هم الأكثر حضورا في هذه المجموعات، بمعدل عضو واحد في 7 مجموعات.

هذا وتعد مجموعة الصداقة المغربية السينغالية الأكثر استقطابا لأعضاء مجلس النواب المغاربة، وذلك بـ 10 أعضاء، وتعتبر ثلاث مجموعات صداقة: كينيا، والطوغو، وإفريقيا الوسطى، الأقل استقطابا للبرلمانيين بـ4 أعضاء فقط.

وتشير الأرقام، ضمن ورقة المعهد المغربي لتحليل السياسات، إلى أن نحو ثلثي أعضاء مجلس النواب (251 عضوا) منخرطون في مجموعة صداقة واحدة أو اثنتين على الأكثر، إلا أن اللافت للانتباه، وفقا للمصدر ذاته، هو وجود 41 عضوا من أعضاء مجلس النواب لا ينتمون إلى أية مجموعة صداقة، وهو ما يوحي بعدم اكتراثهم للنهوض بأدوارهم في تفعيل الدبلوماسية البرلمانية.

وبينما تساهم مجموعات الصداقة بنسبة 6 في المائة من مجموع أنشطة الدبلوماسية البرلمانية، ترتفع النسبة قليلا بخصوص الشعب الوطنية الدائمة، بحيث تصل مجموع الأنشطة الدبلوماسية التي كان الفاعل الرئيس فيها أعضاء الشُّعب الوطنية الدائمة، إلى 99 نشاطا، بما يمثل نحو 20 في المائة من مجموع الأنشطة الدبلوماسية.

وتشكلت 19 شعبة وطنية دائمة منذ بداية الولاية التشريعية الحالية، تضم في عضويتها ما مجموعه 80 عضوا، يمثلون مجلس النواب لدى المنظمات البرلمانية الدولية والإقليمية.

وتشير ورقة المعهد إلى أن 71 في المائة من أعضاء الشعب الوطنية الدائمة، ينتمون إلى فرق الأغلبية، بـ22 عضوا لفريق التجمع الوطني للأحرار، و18 عضوا لفريق الأصالة والمعاصرة، و17 عضوا للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، وهو ما يتجاوز بنحو 4 نقط مئوية التمثيل النسبي للأغلبية الحكومية في مجلس النواب.

ويأتي الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية في المرتبة الرابعة بثماني مناصب، يليه فريق التقدم والاشتراكية بخمسة مناصب، ثم الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي والفريق الحركي بـ 4 مناصب، لكل فريق، وأخيرا منصبين للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية.

يذكر أن مجلس النواب يشكل في مستهل الفترة النيابية، وفقا للمادة 312 من النظام الداخلي، شعبا وطنية دائمة تمثل المجلس لدى المنظمات البرلمانية الدولية والإقليمية التي هو عضو فيها مع مراعاة مبدأ المناصفة، عملا بأحكام الفصل 19 من الدستور، وذلك على أساس التمثيل النسبي للفرق والمجموعات النيابية والنواب غير المنتسبين.

وتؤكد المادة المذكورة على أن المعارضة تساهم في هذه الشعب الدائمة وفي كافة الأنشطة الدبلوماسية للمجلس بما لا يقل عن نسبة تمثيليتها، طبقا لأحكام الفصل 10 من الدستور، كما تنص أيضا على اجتماع الشعب الوطنية الدائمة بكيفية دورية حسب جدول أعمال محدد لدراسة قضايا تهمها وتعد تقريرا سنويا عن عملها تحيله على مكتب المجلس.

أما مجموعات الأخوة والصداقة فيتم تشكيلها، وفقا للمادة 318 من النظام الداخلي لمجلس النواب، في بداية الفترة التشريعية، مع برلمانات الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات البرلمانية الدولية، على أساس أن يراعى في تكوين هذه المجموعات التمثيل النسبي للفرق والمجموعات النيابية ومبدأ المناصفة.

وتشير المادة ذاتها إلى أن مكتب المجلس يضع نظاما خاصا لهذه المجموعات قبل متم السنة الأولى من الفترة النيابية، يحدد فيه قواعد تنظيم عملها وكيفيات سيرها، وتضع مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية برنامج عملها السنوي وفقا للتوجيهات المحددة من طرف مكتب المجلس، وتحيله على المكتب قصد المصادقة عليه.

هذا وتوقف المعهد المغربي لتحليل السياسات عند اختلالات على مستوى هاتين الآليتين، إذ لم يلتزم مجلس النواب بمقتضيات نظامه الداخلي المتعلقة بمجموعات الأخوة والصداقة والشعب الوطنية الدائمة، وفقا للمصدر ذاته الذي أشار إلى أنه بعد ثلاث سنوات من انطلاق الولاية التشريعية الحالية، “لم تُعِدّ الشعب الوطنية الدائمة أي تقرير سنوي عن أنشطتها، كما أن مجموعات الأخوة والصداقة لم تضع برنامج عملها السنوي، الذي يُفترض أن تحيله على مكتب المجلس قصد المصادقة عليه، بالإضافة إلى ذلك، لم يضع مكتب المجلس نظاما خاصا بعمل مجموعات الأخوة والصداقة، مما يعيق تحقيق الأهداف المنشودة”.

ولفت المعهد إلى وجود تحديات تواجه الدبلوماسية البرلمانية، تتجلى أساسا في محدودية التكوين، وضعف الموارد المالية، وهيمنة الطابع الظرفي، موضحا أن ذلك يظهر “من خلال استقراء التعامل الملكي مع موضوع الدبلوماسية البرلمانية، منذ اعتلائه العرش وحتى افتتاح السنة التشريعية في أكتوبر 2024، واستحضارا لنتائج تحليل البيانات ذات الصلة بالأنشطة الدبلوماسية لمجلس النواب”.

وفي موضوع تأهيل البرلمانيين للقيام بمهامهم في إطار الدبلوماسية البرلمانية، أشارت ورقة السياسات التي نشرها المعهد المذكور، إلى أنه لم يحظ بالاهتمام اللازم، إذ لم يتغير هذا الوضع منذ أن نَبَّهَ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في أبريل 2019، إلى عوائق النهوض بالدبلوماسية البرلمانية، وفي مقدمتها الحاجيات المسجلة على مستوى تكوين المنتخبين.

وقالت الورقة إنه ثمة إشكالا يُطرح بخصوص إجادة البرلمانيين للغات الأجنبية، وهو عائقٌ يَحُولُ دون جعل الدبلوماسية البرلمانية دبلوماسية مؤثرة، لا سيما داخل مجموعات الأخوة والصداقة. وذلك على الرغم من أن نسبة البرلمانيين غير الحاملين لشهادة الباكالوريا قد ارتفعت من الربع، في الولاية التشريعية الماضية، إلى الثلث، في الولاية التشريعية الحالية، وفق معطيات وزارة الداخلية.

أما بالنسبة للإمكانيات المالية، فشددت الورقة ذاتها على أنه يتضح وفق الميزانية الفرعية لمجلس النواب برسم السنة المالية 2025، “عدم رصد أي اعتماد مالي لمجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية للقيام بعملها، حيث خصص المجلس 49.1 مليون درهم لمشروع الدبلوماسية البرلمانية”، بما يمثل 7.6 في المائة من ميزانية المجلس، “إلا أن 22 في المائة منها تهم مصاريف تنقل النواب والموظفين إلى الخارج، و25 في المائة منها عبارة عن تعويضات عن المهمة بالخارج، ثم 29 في المائة من ميزانية الدبلوماسية البرلمانية رصدت للفندقة والإيواء والإطعام”.

وكشفت الورقة أنه عندما تم التوجه بالسؤال إلى أعضاء في مجلس النواب، ورؤساء مجموعات للأخوة والصداقة البرلمانية، عما إذا كان مجلس النواب يرصد ميزانية لعمل مجموعات الأخوة والصداقة، فإن إجابتهم كانت “لا علم لنا بذلك، ولم يسبق لإدارة المجلس أن أخبرتنا بذلك”؟

وفي المقابل يقول عضو في مكتب مجلس النواب، إنه “لا يمكن فتح الباب لرؤساء وأعضاء مجموعات الصداقة للمشاركة في الأنشطة الدبلوماسية خارج أرض الوطن، نظرا لضعف الإمكانات المالية”.

وأكد المعهد المغربي لتحليل السياسات أن الطابع الظرفي مازال يغلب على أداء الدبلوماسية البرلمانية لمجلس النواب، إذ أن أغلب الأنشطة الدبلوماسية “تقتصر على الحضور في المؤتمرات الدولية والإقليمية، واستقبال الوفود الأجنبية داخل مقر مجلس النواب، واحتضان المملكة لأنشطة اتحادات برلمانية دولية وقارية”.

وتابع المعهد “يكفي التأمل في أن الفاعل الرئيس في 53 في المائة من أنشطة مجلس النواب الدبلوماسية، هو رئيس المجلس، وأن أغلب هذه الأنشطة الدبلوماسية تتمثل في حضوره لمؤتمرات دولية، أو استقباله لرؤساء برلمانات صديقة وسفراء معتمدين في المغرب، أو تمثيل الملك في تنصيب عدد من رؤساء الدول”.

وفي هذا الصدد تقول نائبة برلمانية، رئيسة مجموعة صداقة مع إحدى الدول الإفريقية، وفقا للمصدر ذاته، إن رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، كان صريحا مع البرلمانيين في اجتماع معهم، مؤكدا أن الإمكانات محدودة ولا تسمح بتفعيل كل مجموعات الصداقة البرلمانية.

وأشارت إلى أن الرسالة كانت واضحة، ومفادها أن “الهدف من مجموعات الصداقة يتماشى مع الظرفية التي تمر منها المملكة، وما تريده الدبلوماسية الرسمية بتدبير من وزارة الخارجية”.