تقرير: الاستبداد وفشل الحوكمة يفاقمان موجات الهجرة نحو أوروبا

أفاد تقرير حديث بأن “زيادة الاستبداد وإخفاقات الحوكمة” في المغرب والجزائر ودول شمال إفريقيا الأخرى، إلى جانب التدهور الأمني في منطقة الساحل وشرق إفريقيا تؤدي إلى استمرار موجات الهجرة نحو أوروبا.
وتوقع مركز الهجرة المختلطة، في تقريره الصادر في مارس 2025، أن تستمر محاولات عبور البحر المتوسط والمحيط الأطلسي إلى أوروبا أو تزداد، “نظراً لاستمرار العوامل الدافعة للهجرة، وتزايد عداء دول العبور تجاه المهاجرين”.
ويبرز طريق غرب البحر الأبيض المتوسط، الذي يعد المغرب محطة رئيسية فيه، بشكل كبير في مسار المهاجرين القادمين من شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء. ومع ذلك، أصبح هذا الطريق غير متاح بشكل متزايد لمهاجري إفريقيا جنوب الصحراء “بسبب الإجراءات المشددة التي اتخذها المغرب لمنعهم من دخول البلاد”، وفقاً للتقرير.
وذكر التقرير أن المغاربة والجزائريين أصبحوا يشكلون اليوم النسبة الأكبر من المهاجرين عبر هذا الطريق، في حين “يتعرض المهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء لانتهاكات خطيرة من قبل السلطات المغربية، نتيجة الضغوط الأوروبية المتزايدة للحد من الهجرة”، خاصة بعد تعزيز المغرب “آليات المراقبة بفضل الاتفاقيات السياسية مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا”.
وأشار التقرير إلى أن الجزائريين يشكلون 56.7% من المهاجرين عبر هذا الطريق، يليهم المغاربة بنسبة 31.8%، ثم الماليون. كما أوضح أن المغاربة باتوا أكثر من يحاول دخول مليلية، وغالباً ما يفعلون ذلك بالسباحة، خاصة “بعد تصاعد التمييز العرقي الذي يمنع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء من التواجد في المناطق القريبة من المدينة”، عقب مأساة 2022 التي أسفرت عن مقتل 23 مهاجراً أثناء محاولة اقتحام السياج الحدودي لمليلية.
في المقابل، يحاول مهاجرون من جنسيات مختلفة دخول سبتة عبر قوارب صغيرة أو بالسباحة، ومن بينهم سودانيون، ماليون، غينيون، وسنغاليون، ولكن بأعداد أقل.
ووفقاً لمقابلات أجراها مركز الهجرة المختلطة، فإن العديد من المهاجرين الذين وصلوا إلى جزر البليار والسواحل الإسبانية عام 2024 “كانوا قد مكثوا في المغرب لفترة، ثم انتقلوا إلى تونس بعد بدء المغرب في نقل مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء إلى وسط البلاد، ولكن مع تشديد تونس سياساتها، عادوا إلى المغرب مرة أخرى”.

وأشار إلى أن الوافدين إلى الضفة الأوربية يشملون الجزائريين، والمغاربة، والسوريين وبعض المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بما في ذلك الماليين وبعض السودانيين.
ومع تشديد الرقابة على طريق غرب البحر المتوسط من قبل المغرب، زاد النشاط على الطريق الأطلسي، الذي يستخدمه المهاجرون القادمون من السنغال، وموريتانيا، والمغرب.
وذكر التقرير أن الطريق الأطلسي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المهاجرين الماليين، إذ أصبحوا يشكلون النسبة الأكبر بـ 36%، يليهم السنغاليون (27%)، الغينيون (9%)، المغاربة (8%)، الموريتانيون (7%)، والغامبيون (6%).
وعزا المصدر تصاعد أهمية هذا الطريق إلى الصعوبات المتزايدة في الطرق التقليدية الأخرى، “حيث أصبح دخول المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى المغرب أكثر صعوبة، كما أصبحت تونس أكثر عدائية تجاه المهاجرين، في حين أصبح الطريق عبر الجزائر أكثر خطورة”.
صفقات هجرة وانتهاكات
وقال مركز الهجرة المختلطة إن السياسات الأوروبية تهدف إلى الحد من الهجرة غير النظامية، لكنها مدفوعة بالضغوط السياسية لإظهار موقف صارم تجاه الهجرة. ونتيجة لذلك، “ركزت تلك السياسات على تقييد الحركة بدلاً من حماية المهاجرين، من خلال عقد صفقات مع دول استبدادية أو شبه استبدادية”.
وأشارت المؤسسة ذاتها إلى أن هذه الصفقات، التي تكلف ملايين اليوروهات، تتضمن عادةً تعزيز الرقابة الحدودية مقابل تقديم مساعدات تنموية عبر وكالات الأمم المتحدة لمعالجة “الأسباب الجذرية” للهجرة. ومع ذلك، تواجه هذه الاتفاقيات انتقادات واسعة، إذ يُنظر إليها على أنها “تحالفات قصيرة المدى، بدوافع سياسية، دون تأثير هيكلي دائم”.
وحذر المركز من أن التعاون مع أنظمة غير ديمقراطية “يؤدي إلى انتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان بحق المهاجرين، مما يقوض صورة أوروبا كمدافع عن القيم الإنسانية، ويمنح تلك الدول نفوذاً سياسياً أكبر في المستقبل”.
كما أشار التقرير إلى أن المغرب يستخدم تدفقات الهجرة كورقة ضغط سياسية. وأورد أن “إسبانيا والاتحاد الأوروبي دفعا للمغرب مبالغ طائلة للحد من الهجرة، مما أدى إلى انخفاض الأعداد، لكن يمكن للمغرب تغيير موقفه في أي وقت وفقاً لمصالحه”.