story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
برلمان |

تفعيل مبادرة “تقصي حقيقة دعم المواشي” يواجه تحدي جمع موافقة ثلث النواب

ص ص

أعلنت ثلاث مكونات برلمانية بمجلس النواب، وهي الفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن مبادرة دستورية ترمي إلى تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بشأن الدعم الحكومي الموجّه لاستيراد المواشي منذ أواخر سنة 2022، وكذا بخصوص تدبير قطاع تربية المواشي بصفة عامة.

وفي بلاغ مشترك صدر الاثنين 07 أبريل 2025، عبّرت الفرق الثلاثة عن “رغبتها الصادقة” في انخراط باقي مكونات المجلس، سواء من الأغلبية أو المعارضة، في دعم هذه المبادرة، التي تهدف إلى “استجلاء الحقيقة الكاملة، ومراقبة وتقييم السياسات العمومية ذات الصلة، من أجل تجويد القرار العمومي وتعزيز الشفافية والنجاعة في التدبير”.

ويأتي هذا التحرك البرلماني في سياق جدل متصاعد داخل الرأي العام الوطني حول دعم حكومي وُصف بـ”السخي”، والذي تجاوز، حسب وثائق رسمية، كلفة إجمالية قدرها 13 مليار درهم شملت إعفاءات من الرسوم الجمركية، وتحمّل الدولة للضريبة على القيمة المضافة عند استيراد المواشي، إضافة إلى دعم مباشر لاستيراد الأغنام الموجهة للذبح في عيد الأضحى خلال سنتي 2023 و2024، وهي إجراءات تبلغ تكلفتها الإجمالية مليارات الدراهم.

تحدي النصاب القانوني

وفي تفسيره لآليات تشكيل هذه اللجنة، أوضح أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، أن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق يتطلب وفقًا للفصل 67 من الدستور، أن تكون المبادرة من الملك أو من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من جهات أخرى مثل رئيس الحكومة. 

وأوضح العلام أن هذه اللجنة يجب أن تتعامل مع موضوع غير خاضع لمتابعة قضائية أو مرفوع في محاكم مختصة، كما يجب أن يكون الموضوع جديدًا بالنسبة للجنة، ملفتا إلى أن اللجنة يجب أن تنجز مهمتها في فترة زمنية محددة في ستة أشهر، لتقدم تقريرًا بهد ذلك إلى مجلس النواب، يُنشر في الجريدة الرسمية كاملاً أو جزئياً.

وفي ما يتعلق بعدد النواب المطلوب لتفعيل اللجنة، أوضح المتحدث أن ذلك يستوجب موافقة ما لا يقل عن ثلث أعضاء مجلس النواب (131 عضوًا). واستنادًا إلى هذا المعطى، أشار إلى أنه حتى في حال انخراط جميع الفرق البرلمانية المعارضة في المبادرة، فإنها ستظل بحاجة إلى ستة أعضاء إضافيين لبلوغ النصاب القانوني، خصوصًا بعد عدم توقيع حزب الاتحاد الدستوري على المبادرة.

وفي سرده لإحدى السيناريوهات الممكنة، أشار العلام إلى أنه إذا انضم بعض أعضاء حزب الاستقلال أو من أحزاب أخرى إلى المعارضة، يمكن أن يتحقق النصاب اللازم لتشكيل اللجنة، مستدركا أنه في حال عدم حدوث ذلك، “ستواجه المعارضة صعوبة في تحقيق هذا الهدف”.

اختبار للنواب

من جانبه أكد رشيد حموني، النائب البرلماني ورئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أحد الأطراف المعلنة، عن المبادرة، أنه سيتم مراسلة جميع رؤساء الفرق البرلمانية، سواء من الأغلبية أو من المعارضة، من أجل الانخراط في المبادرة التي تندرج في إطار الدور الرقابي للبرلمان. 

وأشار حموني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن “الأرقام المتداولة والإشاعات التي تتناقلها الأوساط المختلفة بشأن دعم استيراد اللحوم تحتاج إلى أن يُسلَّط عليها الضوء من قبل البرلمان، الذي يجب أن يضطلع بمسؤوليته الكاملة في هذا السياق”.

وقال المتحدث ذاته، إنه من خلال هذه المبادرة، “سيتضح من هم البرلمانيون الذين يرغبون فعلاً في أداء دورهم الرقابي، ومن هم الذين قد يكونون متورطين أو لا يرغبون في فتح هذا الملف”، مؤكدا أن الأمر “لا يقتصر على المعارضة فقط، بل هو مبادرة وطنية حقيقية أطلقتها مكونات مختلفة داخل البرلمان”.

وأضاف أن المبادرة “ضرورية وغير متعلقة بانتماء حزبي واحد دون غيره، حيث ستتم مراسلة النواب دون النظر إلى انتمائهم الحزبي لضمان الوصول إلى النصاب القانوني، ليتم بعد ذلك مراسلة رئيس مجلس النواب لتفعيل اللجنة المعنية بالتحقيق”.

وفي حال عدم الوصول إلى النصاب القانوني، أكد حموني أن “الرأي العام سيكون هو الحكم، وسيكتشف المواطنون من الذين يسعون فعلاً لضمان وصول اللحوم إلى المواطنين بجودة وسعر مناسب، ومن لا يريد أن تُكشف الحقيقة”، مضيفا أن “الكرة الآن في ملعب جميع النائبات والنواب”.

وأشار إلى أن “بعض الفرق البرلمانية قد أظهرت موقفاً واضحاً ومبدئياً، بينما لا يزال البعض الآخر يتردد ويبحث عن مبررات”، مبرزا أن ذلك يمثل “اختبار حقيقي للنزاهة والمسؤولية، حيث سيظهر ما إذا كانت جميع المكونات البرلمانية ستقوم بدورها الكامل في الرقابة أم أن هناك من يفضل الصمت والتواطؤ”.

لجنة تقصي الحقائق

ووفق الفصل 67 من الدستور والقانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، فإن لجان تقصي الحقائق تمثل هيكلا مؤقتا للجان النيابية بمجلس النواب، يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين.

ويناط بهذه اللجان جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها، حيث تنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء، بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس.