تفاصيل مذكرة “الجماعة” حول المدونة.. التشبث بزواج القاصرات والتعدد
قدمت جماعة العدل والإحسان تصوراتها لإصلاح مدونة الأسرة بشكل تفصيلي في مذكرة نشرتها اليوم الخميس 4 يناير 2024، وذلك بعدما أنهت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة استماعها لمقترحات وتصورات أزيد من مائة هيئة.
وأبدت الجماعة رأيها في ثمانية مواضيع مرتبطة بالمدونة، معلنة رفضها لمنع تزويج القاصرات، ومطالبة بالمحافظة على تعدد الزوجات، مع دعمها لمطالب حماية المرأة في حالة الطلاق ومنحها حق الحضانة في حالة زواجها بعد الطلاق.
وتقول الجماعة إن وثيقتها الثانية حول مدونة الأسرة، تنطلق فيها من المرجعية الدينية بالاستناد إلى القرآن والسنة والاجتهاد دون إغفال ما توصلت إليه الحكمة البشرية من حلول ناجعة متعلقة بالأسرة وأخذا بعين الاعتبار لحاجيات الناس ومطالبهم وما تغير من أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
مقترحات الجماعة، تقترب كثيرا من الآراء التي عبر عنها حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح والتنظيمات القريبة منهما، بما يوحي بتوحد موقف الإسلاميين من القضايا الخلافية الكبرى في تعديل المدونة.
نضج القاصر للزواج
تمسكت الجماعة بضرورة الحفاظ على المقتضيات القانونية التي تسمح بتزويج القاصرات دون سن الـ18، مع تقديمها لتوصيات حول الموضوع.
وتقول الجماعة إن الممارسة أظهرت إشكالات في تزويج القاصرات باللجوء للزواج بهن دون توثيق، ما أدى إلى الإضرار بهن وضياع حقوقهن، وتوقف مسيرة القاصر التعليمية فور تزويجها وتحملها أعباء البيت وتربية الأطفال، وعدم تحديد سن الزواج.
وتدافع الجماعة في مذكرتها على زواج القاصرات شريطة “استحضار النضج الجسدي والعقلي للقاصر، والمستوى البيئي والاجتماعي للقاصر ومراعاة فارق السن بين الزوجين والحرص على ألا يكون كبيرا”.
كما دعت الجماعة لترك السلطة التقديرية للقاضي للنظر في زواج القاصر، مع التنصيص على إلزامية اعتماد خبرة طبية لتحديد الكفاءة البيولوجية والنفسية والعقلية للقاصر، وإجراء البحث الاجتماعي بواسطة المساعدة الاجتماعية، وإنجاز بحث حول الخاطب الذي يريد الزواج بالقاصر والحرص على الاستماع إلى القاصر على انفراد.
كما أوصت الجماعة بتحدد السن الأدنى لزواج القاصر في 16 سنة، وذلك قياسا على سن الرشد الجنائي، حيث يحاسب صاحب هذا السن على المخالفات والجرائم التي يرتكبها.
“التعدد من المباحات”
دافعت الجماعة في مذكرتها على المقتضيات القانونية التي تسمح بتعدد الزوجات مع إشارتها إلى إمكانية تقييده.
وقالت الجماعة إن التعدد “يندرج ضمن المباحات الشرعية، وهذا المباح يمكن تقييده درءا للمفاسد التي تنجم عن الاستهتار في استعمال هذا الحق”.
وتمسكت الجماعة برفض مطلب إلغاء التعدد “لأن فيه نوعا من التجني والمصادرة لحقوق الناس، خصوصا إذا كانت هناك أسباب واقعية وموضوعية تقتضيه، إذ المنع المطلق قد يفتح أبواب العلاقات غير الشرعية”، مشيرة إلى إمكانية منح سلطة تقديرية للقاضي لضمان حماية الزوجة والأبناء في حالة التعدد.
وطالبت الجماعة بإلغاء إعمال المحكمة لمسطرة الطلاق للشقاق تلقائيا في حالة رفض الزوجة قبول التعدد وإصرار الزوج عليه حتى وإن لم تطلب الزوجة التطليق، داعية إلى أن يترك الاختيار للزوجة، بين أن تبقى على عقد الزوجية أو أن تطلب حَلَّه.
“الوساطة” لتقليص الطلاق
وأمام الارتفاع الكبير لنسب الطلاق، دعت الجماعة إلى ضرورة التصدي للظاهرة بتعدد المتدخلين وتنويع زوايا المعالجة التي يتشابك فيها ما هو اجتماعي بما هو اقتصادي وثقافي وتربوي، مشددة على أن المقاربة القانونية واجهة واحدة من واجهات متعددة.
ودعت الجماعة إلى الإسراع في تقنين مؤسسة “الوساطة الأسرية” لمحاصرة تزايد حالات الطلاق، لتكون الوساطة مرحلة تمهيدية لمسطرة الشقاق قبل اللجوء للقضاء، مع مطالبتها بضرورة تكوين قضاة متخصصين في قضاء الأسرة.
ومن بين ما اقترحته الجماعة جعل الطلاق على مراحل، بحيث تقضي المحكمة بمجرد طلب الإذن بالطلاق بحكم استعجالي بأداء نفقة معجلة للزوجة والأطفال تضمن لهم حالة من الاستقرار المادي، وتحميهم من تداعيات وقوع الطلاق إلى حين انتهاء المسطرة.
كما أيدت الجماعة مطالب إعادة النظر في الاجتهاد القضائي القاضي بحرمان طالبة التطليق للشقاق من حق المتعة، معتبرة أن “الأصل أن يراعى في منحها المتعة من عدمها أسباب الطلب ومدة الزواج وقدرة الطليق وغيرها من الاعتبارات التي تحمي حقوق الطرفين”، مع التأكيد على إبقاء الطلاق بيد القضاء وتحت مراقبته.
الإرث والعلاقات خارج الزواج
لم تحِد الجماعة عن المواقفها المعروفة للإسلاميين حيال مسألة المساواة في الإرث والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
وفي هذا السياق، تمسكت الجماعة بضرورة منع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج بدعوتها إلى “تجريم الزنى وإلحاق العقوبة بالمقترفين له”، مع مطالبتها بـ”تصحيح الوضع” في حالة ولادة طفل من علاقة خارج إطار الزواج، وذلك من خلال “إنشاء زواج صحيح بعقد شرعي”.
أما الإرث، فإن الجماعة تقول “إن المطالبة بالمساواة في الإرث بحجة الاجتهاد أو التجديد في الأنصبة أو الحجب أو إلغاء التعصيب بإطلاق فيها ما فيها من إلغاء أحكام نصت عليها أدلة شرعية”، مشيرة إلى إمكانية فتح باب الاجتهاد في المواريث.
ومن بين ما تقترحه الجماعة لحل الإشكالات المطروحة في الإرث، وخصوصا ممن يخشون تشرد بنات أو زوجة بعد وفاة الأب أو الزوج “إمكانية إبرام عقود قيد حياته وباختياره كالعُمرى والهبة والوصية بشروطها كي يحافظ على ما يخشى فواته”.