تعثر المشاريع التنموية بالحسيمة.. مطالب بفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين
طالبت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بفتح تحقيقات نزيهة وشاملة لبحث الأسباب التي أدت إلى تأخر المشاريع التنموية في الحسيمة، داعية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يثبت تورطه في سوء التدبير أو الإهمال.
وقالت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بإقليم الحسيمة، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إن التأخير في تنفيذ المشاريع التنموية، سواء في الحسيمة أو غيرها من المناطق، “لا يمكن اعتباره مسألة تقنية بحتة أو مجرد عرقلة إدارية”.
واعتبرت الهيئة هذا التأخير “اعتداء مباشر على الحقوق الأساسية للمواطنين، من الصحة إلى التعليم، ومن الكرامة الاقتصادية إلى العدالة الاجتماعية”.
وأشارت إلى أن مشروع الحسيمة منارة المتوسط “يمثل مثالا صارخا على ما يمكن أن يؤدي إليه سوء التدبير”، بينما كان قد أُعلن عنه كجزء من رؤية طموحة لتحقيق تنمية شاملة في المنطقة، مشددة على أن “ما كان يُفترض أن يكون رمزا للأمل تحول إلى رمز للإخفاق، وأدى تأخره إلى تعميق مشاعر التهميش وإشعال احتجاجات شعبية واسعة في منطقة الريف”.
وذكرت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية أنه من بين الآثار المترتبة على تأخر المشاريع التنموية تتجاوز الخسائر المالية لتطال النسيج الاجتماعي والسياسي.
وأوضحت أن هذا التأخير تسبب على المستوى الاجتماعي في “حرمان فئات واسعة من السكان من الخدمات الأساسية”، وهو ما يعمق الإقصاء والتفاوت الاجتماعي، وفقاً للبلاغ ذاته.
أما سياسياً، فيضيف البلاغ أن تأخير المشاريع التنموية يساهم في “إضعاف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”، مؤكداً أن ذلك “يؤدي إلى تفاقم الإحباط العام، وهو ما يُهدد الاستقرار الاجتماعي”.
هذا ودعت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية (الفرع الإقليمي بالحسيمة) إلى اتخاذ خطوات ملموسة وفورية لمعالجة أزمة التأخير التنموي ومكافحة أوجه الفساد المرتبطة به، وذلك من خلال عدة آليات بينها تفعيل الرقابة ومحاسبة المسؤولين وتعزيز دور المجتمع المدني.
وفي هذا الصدد، طالبت إلى جانب فتح التحقيق حول تأخر المشاريع بنشر تقارير دورية شفافة حول تقدم المشاريع التنموية، مع تسليط الضوء على العراقيل والجهات المسؤولة عنها.
كما حثت على تمكين الجمعيات المحلية والهيئات الرقابية من المشاركة في متابعة تنفيذ المشاريع والإبلاغ عن أي تجاوزات، إضافة إلى إطلاق مبادرات حوارية بين الحكومة والمجتمع المحلي لتحديد الأولويات التنموية وضمان التزام الدولة بوعودها.
وطالبت الهيئة الحقوقية أيضا بضرورة التأكيد على أن المشاريع التنموية ليست مجرد مبادرات حكومية، عادّة إياها حقوقاً أساسية للمواطنين يجب الوفاء بها في إطار العدالة الاجتماعية.
هذا ودعت، الحكومةَ إلى تحويل التزاماتها إلى واقع ملموس، وربط المسؤولية بالمحاسبة دون استثناءات أو اعتبارات سياسية، منبهة إلى أن “استمرار التأخر في المشاريع التنموية، والإخفاق في تحقيق العدالة الاجتماعية يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار المغرب ومصداقية مؤسساته”.
كما حذرت من كون كلفة الفساد التي تقدر في المغرب بـ50 مليار درهم سنوياً، وفقاً لتقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، “ليست سوى وجه واحد من أوجه الخلل العميق الذي يعتري منظومة الحكامة في البلاد”.
في حين، تضيف الهيئة “يتمثل الوجه الآخر لهذا الخلل في التأخر المزمن الذي يطال المشاريع التنموية الكبرى، وما يترتب عليه من كلفة اجتماعية، اقتصادية، وحقوقية جسيمة”، معتبرة أن التأخير في إنجاز هذه المشاريع “لا يعكس فقط فشلا إداريا، بل يشكل انتهاكا ممنهجا لحقوق الإنسان وتهديدا لاستقرار المجتمع وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”.