story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تضييق على الصنابير و”أصل الداء” في الزراعات المستنزفة للماء

ص ص

لم تعد أزمة الماء “الصعبة” التي تعيشها البلاد مجرد أرقام جافة يستعرضها المسؤولون الحكوميون، بل باتت تتربص بالمعيش اليومي للمغاربة، وتهدد صنابيرهم بعد المذكرات المتتالية التي تصدرها وزارة الداخلية للحد من استنزاف الماء وترشيد استهلاكه.

برامج كثيرة ” دون تنفيذ”

وجوابا عن السؤال المتعلق بالأسباب التي قادت إلى هذه المرحلة من الإجهاد المائي ودفعت السلطات إلى “التضييق على الاستهلاك اليومي للماء” بعدة مدن من المملكة، اعتبر المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، جواد الخراز “أن هنالك قصور في تنفيذ برامج ومخططات وتشريعات تدبير الماء”.

وقال جواد الخراز في حديثه ل”صوت المغرب”، إن “المغرب سطر على مدار السنوات الماضية مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج الوطنية وغيرها من الإجراءات، التي تصب في حكامة المياه إلى جانب إصدار قانون المياه” إلا أن المتحدث سجل قصورا في تنفيذ كل ذلك.

وساق الخراز مثال “عقد الفرشاة المائية” الذي يعد عقدا تشاركيا لإدارة المياه الجوفية من خلال تنفيذ خطة عمل متضافرة يشارك فيها جميع المتدخلين في إدارة موارد المياه من سلطات محلية وفلاحين، وهو العقد الذي قال عنه إنه “كان يعتير في المحافل الدولية “قصة نجاح مغربية”.

ولكن هذه “القصة لم تكتمل”وفقا للمصدر ذاته ، حبث لم تنفذ أي من بنود هذا العقد على أرض الواقع وظلت بالتالي المياه الجوفية معرضة للاستنزاف من طرف الفلاحين الكبار والجهات الاستثمارية دون رقيب أو حسيب.

ولا ينكر جواد الخراز دور التغيرات المناخية في أزمة الماء التي بلغت أرقاما قياسية، إلا أنه بالمقابل يقول، “كان من الممكن أن نكون صارمين أكثر في تنفيذ الشريعات والسياسات لأن أمر الجفاف كان محسوما مع توالي التغيرات المناخية”.

الصادرات “على حساب مياهنا

ويرى المصدر ذاته، أن النموذج الاقتصادي الذي تعتمد عليه المملكة والذي يقوم على تصدير المنتجات الفلاحية المستهلكة للماء بكثرة، هو ما يؤدي “في الحقيقة إلى تفاقم الأزمة وإلى استزاف الفرشة المائية”.

وتابع في هذا الصدد قائلا إنه “لا يعقل اليوم أن نجد على سبيل المثال الأفوكادو المغربية على الموائد الإسبانية، التي هي في الأصل من الدول التي تحظر على نفسها هذه الزراعات”. وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن نمو اقتصادي “يسجل في الواقع على حساب المياه الجوفية”.

ويرى أن الجهد الأكبر في محاولات الترشيد، ينبغي أن ينصب في هذه المرحلة على القطاع الفلاحي، نظرا لكونه المستهلك الأكبر للمياه بنسبة تفوق حاجز 80 بالمائة بينما الاستهلاك اليومي لا يتجاوز نسبة 7 بالمائة.

وهو نفس الموقف الذي عبر عنه الأستاذ الباحث في علم المناخ عبد الحكيم الفيلالي، الذي أكد في تصريح ل”صوت المغرب” أن الأزمة التي يعيشها المغرب اليوم ليست وليدة هذا الموسم، بل هي نتاج توالي سنوات جافة “دون تدبير معقلن”.

وأكد المتحدث أن “أصل الداء اليوم ليس هو صنابير المغاربة، بل هو القطاع الفلاحي الذي يستنزف هذه الثروة”. مشيرا إلى أن إنتاج كيلو غرام واحد من هذه المنتوجات يستنزف أزيد من 400 لتر من الماء وتساءل “عن قيمة هذا الكيلوغرام أمام تكلفته المائية العالية”.

وأشار الفيلالي في نفس الوقت، إلى استمرار البلاد في تصدير الحوامض، التي تتطلب كمية كبيرة من الماء، “في عز هذه الأزمة”، داعيا إلى “إعادة النظر في النموذج الاقتصادي” الذي يقوم على الرفع من الصادرات الفلاحية دون التركيز على نوعها ومدى استهلاكها للمياه.