“تشتهر بمزيجها الأندلسي المغربي”.. تطوان عاصمة الحوار المتوسطي في 2026
أعلن الاتحاد من أجل المتوسط عن اختيار مدينة تطوان المغربية، إلى جانب ماتيرا الإيطالية، عاصمة للثقافة والحوار المتوسطي لعام 2026، في خطوة تحتفي بـ”التراث الثقافي الغني للمدينتين ورؤيتهما المشتركة للبحر الأبيض المتوسط”.
وذكر بيان صادر عن الاتحاد، الخميس الماضي، أن هذا التتويج، الذي تم بالتعاون مع مؤسسة “آنا ليند”، سيتيح للمدينتين تنظيم مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية على مدار العام، بمشاركة المجتمعات المحلية، بهدف تعزيز الشراكات الثقافية بين دول المتوسط.
وأشار البيان إلى أن المدينتين تتقاسمان إرثاً تاريخياً عريقاً وتقاليد غنية، مما يجعل هذا التقدير شهادة على التزامهما بتعزيز الحوار والتفاهم المتبادل في المنطقة.
ملتقى الحضارات
“تشتهر بمزيجها الفريد من الطراز الأندلسي والمغربي”، بهذه العبارة عرّف الاتحاد من أجل المتوسط مدينة الحمامة البيضاء عند إعلانها عاصمة المتوسط للحوار والثقافة، بحيث أن تطوان كانت بمثابة جسر يربط بين حضارتين فريدتين في الغرب الإسلامي: الأندلس والمغرب.
وأحد أبرز فصول تاريخ المدينة في سياق الحوار الثقافي كان استقبالها للمهاجرين الأندلسيين بعد سقوط غرناطة عام 1492، حيث استقبلت المدينة العديد من الأندلسيين الذين جلبوا معهم علومهم وفنونهم وثقافتهم، مما أثّر بشكل عميق على تطور المدينة التي عُرفت لاحقاً بـ”بنت غرناطة”.
هذا التفاعل بين الأندلسيين والمغاربة خلق مزيجاً ثقافياً فريداً أصبح سمة مميزة للمدينة، ولا يزال الطراز المعماري الأندلسي، بما يمتاز به من منازل بيضاء مزخرفة وحدائق غنّاء، جزءاً من هوية تطوان اليوم.
إضافة إلى ذلك، لعبت المدينة دوراً مهماً كجسر للتبادل الثقافي بين ضفتي المتوسط، مجسدة حواراً حضارياً بين الشرق والغرب، وشمال المتوسط وجنوبه، وبين الماضي والحاضر.
تنوع ثقافي
وفي الثقافة، تعتبر تطوان مركزاً ثقافيا هاماً في مجال الشعر والأدب، حيث احتضنت العديد من الشعراء والأدباء الذين تركوا بصماتٍ واضحة في الثقافة العربية والمتوسطية، كما كانت وجهةً لعددٍ من الكتاب والمثقفين.
وتشتهر تطوان بكونها مدينة الحرف والفنون بامتياز، حيث حافظ سكانها على مجموعة واسعة من الحرف التقليدية التي تتميز بالدقة والجمال، مثل صناعة الفخار، النسيج، الخزف، والجلد. كما تحتل الفنون التشكيلية، مثل الرسم والنحت، مكانة بارزة في المشهد الثقافي للمدينة.
وتعتبر تطوان أيضاً مركزاً مميزاً للموسيقى المغربية، حيث تمتزج فيها التأثيرات الأندلسية بالطابع المغربي التقليدي.
ومن أبرز أنواع الموسيقى التي تزدهر في المدينة، الموسيقى الأندلسية التي تمثل جزءاً كبيراً من التراث الثقافي فيها، والملحون الذي يُعد لوناً موسيقياً مغربياً تأثر بالموسيقى الأندلسية لكنه يحمل طابعاً محلياً خاصاً.
كما تحتضن تطوان الطقطوقة الجبلية التي تنحدر من المناطق الجبلية شمال المغرب، بما في ذلك تطوان، وموسيقى العيطة التي تعد جزءاً أساسياً من الفلكلور المغربي وتمتاز بإيقاعاتها السريعة وكلماتها التي تعبر عن الواقع الاجتماعي والمشاعر الشعبية.
هذا وتعتبر الموسيقى الصوفية أيضا جزءاً من التراث الموسيقي في تطوان، والتي تتميز بترديد الأذكار والأناشيد التي تهدف إلى الوصول إلى حالة من التأمل الروحي.
علاوةً على تأثيرها في تعزيز الحوار الحضاري في منطقة المتوسط، تمثل تطوان نموذجاً حياً لمدينة تنبض بالتنوع الثقافي، حيث يجمع نسيجها الحضاري والثقافي بين التأثيرات الأندلسية والمغربية والإسبانية، ما يجعلها وجهةً فريدةً لالتقاء الثقافات.
تاريخها الطويل، الممتد عبر العصور الإسلامية، مروراً بالوجود الأندلسي، وصولاً إلى الفترة الاستعمارية التي قاومت خلالها وصانت هويتها المغربية الأصيلة، جعل منها مدينة غنية بالثقافة والفنون، لاستمرار تطوان اليوم في تعزيز مكانتها كمركز ثقافي حيوي في المغرب وحوض البحر الأبيض المتوسط.