تسليم جثة مشيور.. هل تبعث الجزائر إشارات مشفرة إلى المغرب؟
أعاد قرار السلطات الجزائرية تسليم جثة المواطن المغربي، عبد العالي مشيور، إلى السلطات المغربية النقاش حول المرحلة التي وصلتها العلاقات الديبلوماسية المغربية-الجزائرية، وتأثير خطوة الجزائر بقبول تسليم المواطن الذي قتل برصاص خفر السواحل الجزائري في الـ29 من غشت الماضي على مستقبل الأزمة الديبلوماسية بين الجارين.
وفي الوقت الذي تحدثت فيه تحليلات عن رسائل جزائرية للمغرب لتحسين العلاقات الديبلوماسية بين الجارين، تؤكد معظم القراءات على أن قرار السلطات الجزائرية لم يتم في الوقت المناسب وأن الخطوة لا تعكس سوى محاولة الجارة الشرقية للتكيف مع واقعها الإقليمي والدولي.
محاولة للتكيف
وفي هذا الصدد، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بمدينة وجدة، خالد شيات، إنه “يبدو أن الجزائر تحاول أن تتكيف مع مجموعة من الضغوطات الممارسة عليها من طرف جهات دولية وأيضا من خلال قراءتها السريعة لواقع ديبلوماسيتها عبر العالم ومحيطها المباشر كما هو الحال مع مالي”.
وأكد شيات أن “هذه محاولة للتكيف فقط وليست محاولة للتغيير، لأنه لا أعتقد أنه في نية الجزائر أن تتغير من أجل أن تتصالح مع المغرب أو تتقترب منه أو تغير مواقفها تجاهه”.
وعلق المتحدث ذاته على الإشارات التي تحاول أن تبعثها الجزائر أن “المحاولات الجزائرية غير كافية بالمطلق” معتبرا أن “النظام السياسي الجزائري يجد صعوبة في التكييف فما بالك بالتغير”.
وأبرز الباحث في العلاقات الدولية أن “النظام الجزائري يحاول أن يتكيف مع الأوضاع، ويعطي الانطباعات على حسن النية ويعطي تصريحات أكثر مما يقوم بأعمال، حيث يستمر هذا النظام في دعم جبهة البوليساريو الانفصالية في مواجهة المغرب وتأييد ذلك وغيرها من الممارسات التي لا تمت بصلة إلى مبدأ حسن الجوار”.
واستنتج الأستاذ الجامعي أنه “لا ثقة تامة لدي بأن تكون للجزائر حسن نية في التعامل مع جارها المغربي” مبرزا أنها “ظرفيا تحاول أن تخفف على نفسها من الضغوطات حتى تستعيد زمام المبادرة الدبلوماسية من جديد”.
قرار “متأخر”
وفي قراءته لقرار تسليم جثة عبد العالي مشيور إلى السلطات المغربية، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بكلية الحقوق أيت ملول-جامعة ابن زهر، محمد الكريني، إن “موافقة الجزائر على تسليم جثة عبد العالي مشيور بعد امتناعها عن ذلك لمدة تقارب 4 أشهر جاء متأخرا”.
وتابع المتحدث ذاته أن “قبول الجزائر بتسليم الجثة لا يمكننا أن نعتبره تصويبا لإعادة العلاقات الدبلوماسية المأزومة بين البلدين، خصوصا وأن هناك ملفات عديدة تسببت في تفاقم الأزمة بي البلدين، كالحملة الإعلامية الفرنسية-الجزائرية على المغرب التي استندت على مزاعم مرتبطة بالتجسس على شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية”.
وطرح الباحث في العلاقات الدولية سيناريوهين للخطوة الجزائرية قائلا: “السيناريو الأول قد يكون بمثابة إعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وحل الأزمة والحد من التصعيد، في حين أن السيناريو الثاني فقد تكون السلطات الجزائرية تخوفت من أن يتعرض الشعب الجزائري الشقيق لنفس الأمر في إطار مبدأ المعاملة بالمثل، لأن العلاقات المغربية الجزائرية غالبا ما تتسم بالمد والجزر رغم سياسة اليد الممدودة للمغرب اتجاه الجزائر”.
وتعليقا على الأنباء التي تداولت خبر استعداد السلطات الجزائرية لتسليم دفعة جديدة من المواطنين المغاربة المحتجزين لديها إلى السلطات المغربية، أشار الكريني إلى أن “الخطوة مهمة إن حدثت ونتمنى أن تكون جدية وإشارة لبداية علاقات متينة وقوية مبنية على التعاون في العديد من المجالات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية”.