تسريب معطيات “الضمان الاجتماعي”.. تداعيات قانونية ومطالب بإصلاحات رقمية

أثارت الاختراقات الأخيرة التي استهدفت النظام المعلوماتي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) وتسريبها لمعطيات شخصية ومهنية لآلاف الموظفين جدلاً واسعًا، خصوصًا فيما يتعلق بتسريب لوائح الموظفين وأجورهم، حيث فتح هذا التسريب نقاشًا حول حماية هذه المعطيات القانونية وحقوق الأفراد في الحفاظ على خصوصياتهم، لا سيما فيما يتعلق بمعلومات الأجور، التي قد تحمل أبعادًا اجتماعية حساسة تؤثر بشكل خاص على بعض الأفراد.
وفي حديثها حول الإجراءات القانونية التي ينبغي على الشركات المغربية اتخاذها في ضوء التسريب الأخير، قالت المحامية كوثر جلال، محامية بهيئة المحامين بالدار البيضاء، أن الشركات مطالبة بالإبلاغ الفوري عن الحادث إلى اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية (CNDP) لإظهار التزامها بالقانون السالف الذكر.
وأوضحت كوثر جلال في هذا السياق، “أن الشركات، رغم أنها لم تكن المستهدفة المباشرة، تتحمل مسؤولية حماية معطيات أجرائها وفقًا للقانون المغربي 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية”.
وتابعت المتحدثة، أنه من ضمن الإجراءات الأساسية أيضًا، يجب على الشركات أن تقوم بإبلاغ الأجراء المعنيين بالمخاطر التي قد تنجم عن تسريب معطياتهم الشخصية، بما في ذلك خطر استخدام هذه المعطيات في أعمال غير قانونية، مضيفة أنه “على الشركات أيضًا أن تتحمل مسؤولية قانونية تجاه المعطيات المسربة وأن تتخذ خطوات قانونية ضد الجهات المجهولة التي تقف وراء هذا التسريب”.
وأكدت في نفس السياق، أنه يجب على الشركات تعزيز أنظمة الأمن السيبراني لضمان عدم تكرار هذه الهجمات، كما يجب الاستفادة من التجارب الدولية في التعامل مع مثل هذه الحوادث، مشددة على أن الشفافية والمصداقية في التعامل مع هذه الوقائع تعزز الثقة بين المواطنين والشركات، وتساهم في تحقيق الأمن الرقمي.
من جانبها، حذرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان من التقاعس المؤسساتي في حماية الأمن الرقمي، مشيرة إلى أن المؤسسات الحكومية يجب أن تتحمل المسؤولية الكبرى بسبب غياب استراتيجيات فعّالة لحماية المعطيات الشخصية وضعف الاستثمار في الأمن السيبراني، مطالبة بإنشاء “المعهد الوطني للأمن السيبراني” كمؤسسة استراتيجية تعنى بتكوين الموارد البشرية وتعزيز قدرات الدولة في مجال حماية الأمن الرقمي.
وطالبت الرابطة في بلاغ لها، الحكومة المغربية بوضع خطة وطنية مستعجلة لحماية الحقوق الرقمية تشمل تعزيز أدوار اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية (CNDP) وتأمين المواقع والخوادم الحكومية، كما دعت إلى إشراك المجتمع المدني والباحثين في صياغة السياسات الرقمية الوقائية.
وفي غضون ذلك، أدانت الرابطة الهجوم على CNSS واعتبرت أنه ليس فقط استهدافًا لمؤسسة عمومية بل تهديدًا لثقة المواطن في حماية معطياته الشخصية وحقوقه الرقمية، محملة المسؤولية الكاملة في الهجوم إلى الجهات الجزائرية المعادية التي تستخدم الحرب السيبرانية كأداة لإضعاف استقرار المغرب.”
وخلصت الرابطة إلى التأكيد على أن الحق في الأمن الرقمي وحماية الخصوصية هو جزء أساسي من منظومة حقوق الإنسان، وأن التفريط فيه يشكل خرقًا خطيرًا يتطلب التصدي له بقوة القانون والإرادة السياسية.
وفي تفاعلها مع الواقعة، أكدت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي على استعدادها لتلقي ومعالجة شكاوى كل شخص ذاتي يعتبر نفسه ضحية لتسريب أو نشر غير قانوني للمعطيات الشخصية، مضيفة أنها ستفتح تحقيقا للتأكد من مدى مطابقة معالجة البيانات المذكورة لمقتضيات القانون رقم 09-08 ونصوصه التطبيقية، “خاصة في ضوء عمليات التحقق الأولية المنجزة من قبل بعض الفاعلين، والتي مكنت من رصد بعض الوثائق المسربة، المنسوبة إلى هذا الهجوم السيبراني، والتي تبين أنها مضللة وغير دقيقية أو مبتورة في كثير من الأحيان”.