story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

تزايد الشيخوخة وانخفاض الخصوبة.. خبير يحذر من تأثيرات خطيرة على استدامة الاقتصاد الوطني

ص ص

أثار التراجع الملحوظ في معدل الخصوبة بالمغرب إلى 1.97 طفل لكل امرأة، والذي أصبح أقل من عتبة تعويض الأجيال المحددة عند 2.1 طفل، (أثار) القلق بشأن مستقبل البلاد، حيث يتوقع أن يؤدي ميل الهرم السكاني نحو الشيخوخة إلى تحديات كبيرة في المستقبل، خاصة على مستوى نقص اليد العاملة، وتأثير ذلك على الاقتصاد والتنمية.

في هذا الصدد، حذر الخبير الاقتصادي ياسين عليا، في حديثه إلى “صوت المغرب”، من أن ارتفاع نسبة الشيخوخة إلى أكثر من 13% من السكان مقابل تراجع نسبة الأطفال دون سن 15 عاماً يعرض الاقتصاد المغربي لمخاطر مستقبلية خطيرة، خاصة على مستوى نقص اليد العاملة.

وأوضح عليا أن التحول الديموغرافي الذي يشهده المغرب يعود إلى التوجه المتزايد نحو الحياة المدنية، مما أدى إلى تأخر سن الزواج لدى الجنسين وتقليص عدد المواليد، كما أشار إلى أن قضاء النساء فترات أطول في الدراسة يسهم في تأخير تكوين الأسر ويؤثر بشكل مباشر على معدل الخصوبة.

كما أشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن نسبة مشاركة النساء في سوق العمل، تعد عاملا مؤثرا في هذا الانخفاض، لافتا إلى وجود مفارقة في هذا السياق، والتي تتمثل في أن مستوى نشاط النساء تراجع خلال الفترة ما بين 2014 و2022 إلى أقل من 20%.

من جهة أخرى، أكد عليا أن القدرة على الإنفاق ما بعد الزواج قد تأثرت بفعل ارتفاع كلفة المعيشة في المدن، خاصة في مجالي الصحة والتعليم، مفسرا أن هذه التحولات دفعت معظم الأسر إلى تقليص عدد الأطفال، من أجل ضمان توفير حياة كريمة لهم.

كما سلط الخبير الضوء على الانتشار الواسع لوسائل تنظيم النسل في المغرب، سواء في الحواضر أو القرى، والتي أدت بدورها إلى خفض معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ.

ومن جانب آخر، ذكر عليا أن المغرب حقق انتقالاً ديموغرافياً سريعاً خلال خمسين عاماً فقط، في حين أن هذا الأمر استغرق في دول أخرى، مثل أوروبا الغربية، أكثر من قرن لإنجازه، مشيرا إلى أن هذه الدول صاحبت هذا التحول بتطور اقتصادي واجتماعي، بينما يواجه المغرب تحديات كبرى بسبب عدم اكتمال بنياته التنموية. 

وفي غضون كل ذلك، دعا الخبير ذاته إلى ضرورة اتخاذ الحكومة لتدابير حقيقية من أجل معالجة هذا الوضع، مشيراً إلى أن تحقيق الإصلاح لا يجب أن يقتصر على سياسة واحدة، وإنما يجب أن تكون لها امتدادات أفقية على مجموعة من القطاعات.

ويرجع السبب في ذلك بحسب عليا إلى التغيرات التي طرأت على البنية الثقافية للمواطن المغربي، حيث أصبح من الصعب العودة إلى الأنماط السابقة، خاصة أن الفئات الصاعدة اليوم بدورها تعيش وفق مقاربة جديدة للثقافة الإنجابية تعكس التحولات الثقافية والاجتماعية الحديثة.

وفي المقابل، أبرز المتحدث نفسه أن “البنية المغربية، لا تزال تتوفر على معطى مهم، على الحكومة استغلاله بشكل جيد، وهو كون بنية التكاثر الديمغرافي لا تزال مرتبطة أساساً بعلاقة الزواج، ما يعني أنه إذا وفرت الدولة العوامل المساعدة على تشجيع الزواج وفتح الأبواب للدعم في هذا الباب، فإنها ستتمكن بدون شك من تغيير البنية الديمغرافية”. 

حيث ذكر عليا في هذا الإطار أن الدولة مطالبة بخلق فرص أكبر للشغل، من أجل الخروج من مستويات البطالة وكذلك الهشاشة الاقتصادية، وذلك إلى جانب تجهيز بنيات تحتية قادرة على الاستقبال في المدارس وفي المستشفيات، فضلا عن تطوير بنية قادرة على الاستقبال وداعمة لقدرة المرأة المشتغلة على المزاوجة بين مهامها المهنية وكذلك واجباتها الأسرية.