ترقيع دونور !
مسؤولو مدينة الدار البيضاء يقولون إن المركب الرياضي محمد الخامس، أو “دونور” كما يفضل البيضاويون تسميته، ستنتهي به أشغال الإصلاح وإعادة الهيكلة في نهاية شهر دجنبر الحالي، وسيكون بإمكان قطبي كازا الرجاء والوداد العودة إلى معقلهما الأسطوري واستقبال جماهيرهما بأبواب مفتوحة.
القيام بجولة في محيط المركب الخاضع للإصلاح حاليا، ستُظهِر لأي إنسان حتى الذي لا يفهم شيئا في البناء و”السيما والياجور”، استحالة الوفاء بالتاريخ المذكور الذي يبدو أنه تم تحديده بطريقة “جيب أفمي وقول”، وليس بحساب تقني أو علمي من أجل إخراج التصاميم الموجودة في “الكاغيط” إلى حيز الوجود.
أحمد بريجة العضو في مجلس مدينة الدار البيضاء في آخر تصريح له لوسائل الإعلام، شعر أن وعد فتح الملعب في شهر يناير المقبل، سيثير الكثير من “الصداع” مع مسؤولي وجمهور الوداد والرجاء، بالنظر لاستحالة الوفاء به، وأيضا تبعا للوتيرة “السلحفاتية” التي تسير بها الأشغال، فبدأ يلمح لذلك بقوله إن فتح الملعب “رهين بالتغلب على المعيقات التقنية”!.. بما يعني تمديد مدة الإغلاق إلى التاريخ الذي ستنتهي فيه المعيقات التقنية وما أكثرها في منشأة رياضية تراكم تاريخا طويلا من “الترقاع” والحلول المؤقتة.
طبعا لا أحد سيطالب بمحاسبة المسؤولين عن فضيحة قطع الثوب التي كانوا يعتزمون “تزيين” المركب بها وتغليف المدرجات من الجهة الخارجية، فالسيدة عمدة المدينة نبيلة الرميلي كانت قد حلت براديو مارس قبل أسابيع، وقالت إن تلك القطع التي وصفها رواد مواقع التواصل الإجتماعي ساخرين ب”الكيلوطات”، قد تم التراجع عن وضعها وإلغاء الفكرة نهائيا، لأن مسؤولي المدينة -حسب العمدةـ يستمعون لرأي السكان الذين “يريدون أن يحتفظوا لمركب محمد الخامس بخصوصياته القديمة”.. هكذا بدون تقديم حساب أو حديث عن الشركة التي فازت بالصفقة، أو إشارة إلى المال العام الذي تلقته أو كانت ستتلقاه مقابل تلك العينات التجريبية التي لم تحض بالقبول.
مركب محمد الخامس ربما هو أكثر ملاعب كرة القدم في العالم خضوعا للإغلاق بمبرر الإصلاح، ففي كل مرة “ترشق” فيها لمسؤولي الدار البيضاء، يتم إدارج ميزانية بملايير السنتيمات في دورة من دورات مجلس المدينة، ويتم الحديث فيها عن إصلاحات جذرية عميقة، ويتم “تطييش” الوداد والرجاء لأشهر إلى ملاعب الرباط ومراكش وأݣادير، لكن بعد كل تلك “الهيلالة” وكل تلك الميزانية الضخمة التي تُصرف، يفتتح المركب أبوابه من جديد، ويكتشف الجميع أن تلك “الإصلاحات العميقة”، لم تكن سوى تغيير العشب، وبضعة أسطل من الصباغة، وفي أحسن الأحوال تغيير الكراسي.
أراهن بالنظر لعدد المرات التي تم فيها ترقيع مركب محمد الخامس، وأيضا للميزانيات الكبيرة والكثيرة التي تم صرفها على لاشيء، أنه لو جُمِعت لأعطت مبلغا ضخما كان كافيا لهدم المركب بشكل كامل، وبناء ملعب جديد مكانه بمعايير حديثة وبطاقة استيعابية أكثر، مثلما شاهدنا في حالات الكثير من الملاعب الأوربية القديمة والمتهالكة (ويمبلي بلندن- سان ماميز ببلباو) والتي تحولت اليوم بعد إعادة بنائها إلى تحف هندسية تسر الناظرين.