تخوفات إسبانية من أن يصبح أمنها الغذائي بيد المغرب
تتعرض المنتجات المغربية لحملة ممنهجة، تشنها المنظمات والجمعيات الزراعية الإسبانية ضد الصادرات المغربية داخل الإتحاد الأوروبي، الذي لا يزال يعتمد المغرب كمصدر أول للخضر والفواكه، في حين تتجه المملكة نحو تقليص صادراتها مراعاة لحاجاتها الغذائية الخاصة، في ظل الإجهاد المائي الذي تعيشه البلاد.
وتتصاعد مخاوف المنظمات والجمعيات الزراعية الاسبانية، من اكتساح شامل للصادرات المغربية للسوق الأوروبية في مقابل الإنتاج المحلي، وذلك إثر تدهور الأوضاع الزراعية في إسبانيا لدرجة تهدد الأمن الغذائي، الذي يخشى الإسبان أن يضحى يوما بيد المغرب.
وحذرت حركة “SOS Rural” التي تمثل جمعيات مربي الماشية والمزارعين والصيادين والنساء الريفيات، في تقرير لها، من الاعتماد الكلي لإسبانيا على المغرب في تأمين غذائها، في غضون العشر سنوات القادمة، في الوقت الذي تشهد فيه إسبانيا أزمة غذائية متصاعدة بسبب الجفاف.
الصادرات المغربية تعمق جرح الاسبان
واعتبرت الحركة الإسبانية، أن السبب المباشر في تدهور الوضع الزراعي بإسبانيا، عائد بالأساس إلى “تقلص المساحات الزراعية والإنتاج الزراعي، فضلا عن تراجع الصادرات الإسبانية داخل الاتحاد الأوربي الذي عمق الجرح وزاد الطين بلة”.
ويرجع سبب تراجع الصادرات الإسبانية داخل دول الاتحاد، حسب أعضاء الحركة، إلى هيمنة وتربع الصادرات المغربية عرش الواردات الأوروبية.
وأشار خبراء إسبان إلى أن الاتحاد الأوروبي له دور “في الوضع المأزوم الذي يعرفه الأمن الغذائي الإسباني، بسبب سياساته التحفيزية للواردات المغربية”، معبرين عن انتقاداتهم “لعدم وجود تمثيل سياسي في إسبانيا أو في أوروبا يدافع عن القطاع الفلاحي المنتج”.
إضافة إلى ذلك، تحمل” SOS Rural” المسؤولية في “اضمحلال الحالة الغذائية في البلد” لسياسة الاتحاد الأوروبي والحكومة الإسبانية القائمة على “تحفيز التوسع الجماعي للزراعة” داخل بلدان تتوفر على قدرات تنافسية غير عادلة.
وفي الوقت الذي يطالب فيه المزارعون الإسبان، الجهات المعنية بتقديم مساعدات كافية لمكافحة الجفاف وغيرها من الإشكالات، التي أضحت تؤثر على السيادة الغذائية للمملكة الإسبانية، يعتقد خبراء إسبان أن إسبانيا التي كانت بمثابة قوة زراعية عالمية، “لن تكون قادرة” على ضمان سيادة أمنها الغذائي، وسط توقعات بانخفاض أكبر للمساحة المزروعة والإنتاج الزراعي.
الطماطم المغربية تكتسح السوق الإسبانية
أشارت ناتاليا كوربالان، المتحدثة باسم حركة “SOS Rural”، إلى أن “الطماطم المغربية هي مثال واضح ومنتوج واحد من بين منتجات أخرى التي أضحت إسبانيا تعتمد على المغرب في توفيرها، الشيء الذي يؤكد أنه مقدر لنا أن يعتمد نظامنا الغذائي الأساسي واليومي على أطراف ثالثة وأهوائهم السياسية”.
وكشفت كوربالان عن أرقام تفيد بأن واردات الطماطم المغربية إلى السوق الأوروبية ارتفعت بنسبة 52% ما بين 2013 و2022، حيث ثم استيراد 557.225 طن من المغرب.
وأكدت المتحدثة، أن المفوضية الأوروبية نفسها تتوقع انخفاضا بنسبة 21,5% في المساحة المخصصة لزراعة الطماطم بإسبانيا، وهي من المنتجات المميزة والأكثر استهلاكا في إسبانيا.
السياسات الأوروبية تتسبب في انتحار”SOS Rural”
وقالت نتاليا كوربالان، إنه في غضون عامين، ستكلف سلة التسوق، الإسبان أكثر بنسبة 27%، وهو الأمر الذي وصفته بأنه “غضب لا يمكن للعديد من العائلات تحمله، وأحد الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة الكبيرة هو التفكيك المتسارع للإنتاج الغذائي في إسبانيا، سواء الزراعي أو الحيواني”.
وأضافت كوربلان، أن السياسات الأوروبية تتسبب في انتحارهم، “كون ظروف الإنتاج غير متكافئة، من خلال وجود بعض المنتجات النباتية المحظورة في منطقة الاتحاد الأوروبي، أو من خلال السماح بظروف عمل شبه عبودية، في الدول المنافسة، تتسبب في تدفق منتجات من المغرب أو مصر بكثرة، فضلا عن يد عاملة من دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بتكلفة منخفضة، في السوق الأوروبية”.