story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تحمل أسماء شخصيات وطنية.. جدل بعد مقترح تسمية شوارع بأكادير بأسماء يهودية

ص ص

أثار مقترح تقدّمت به جمعية المعهد المغربي لحقوق الإنسان، يقضي بتغيير تسمية عدد من المرافق العمومية بمدينة أكادير تحمل أسماء لشخصيات وطنية، مثل علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد، بأسماء شخصيات يهودية مغربية، نقاشًا واسعًا وتباينًا في المواقف بين من اعتبره “مبادرة تُكرّس التعددية الثقافية والاعتراف بالتنوع الهوياتي” الذي ينص عليه الدستور المغربي، وبين من رأى في بعض تفاصيله “مساسًا برمزية شخصيات وطنية بارزة”.

وفي السياق قالت الفاعلة الحقوقية فدوى الرجواني، إن المطلب المتعلق بتسمية بعض المرافق العمومية بأسماء شخصيات يهودية مغربية “يُعد في جوهره مطلبًا عادلًا ومشروعًا، لأنه ينسجم مع مقتضيات الدستور المغربي الذي يعترف بالرافد العبري ضمن مكونات الهوية الوطنية”.

وأوضحت الرجواني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الإشكال لا يكمن في المبدأ، وإنما في الطريقة التي صيغ بها المقترح، مشيرة إلى أن تحديد أسماء بعينها لاستبدالها، مثل شارع عبد الرحيم بوعبيد، يُحوّل النقاش من مطلب دستوري وثقافي مشروع إلى مطلب قد يُفهم منه فتح جبهة مواجهة مع تيارات سياسية وجمهور واسع من المغاربة يكنّ تقديرًا كبيرًا لرمزية هذه الأسماء الوطنية.

وأكدت أن إبراز المكوّن العبري ينبغي أن يتم عبر صياغة المطلب بطريقة أخرى، كاقتراح إطلاق تلك الأسماء على شوارع جديدة أو غير مسماة، خاصة في الأحياء التي استُحدثت مؤخرًا، “بدل اقتراح تغيير أسماء شخصيات وطنية بارزة ترتبط بتاريخ المقاومة والدفاع عن القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.

وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن اختيار اسم شارع “عبد الرحيم بوعبيد” المعروف بحمولته السياسية ومحورية القضية الفلسطينية لديه ولدى حزبه وربطه بهذا النوع من المطالب، “إما يعكس جهلًا وسوء تقدير، أو يحمل سوء نية تتجه لخلق فتن غير موجودة على أرض الواقع”.

وأشارت إلى أن مطلب إطلاق أسماء شخصيات يهودية مغربية على بعض فضاءات مدينة أكادير “لن يعارضه ديمقراطيان اثنان، خاصة إذا كانت تلك الشخصيات قد أسدت خدمات جليلة للمدينة والوطن عمومًا”، لكن ذلك يستوجب، حسب قولها، فتح نقاش عمومي للتوافق حول المبادئ الكبرى المؤطرة لهذا النوع من الاختيارات، في إطار احترام التنوع ورفض أي تمييز على أساس اللون أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.

ومن جانبه، عبّر عبد الله الفرياضي، رئيس جمعية المعهد المغربي لحقوق الإنسان، عن استغرابه من الجدل المثار حول مبادرة جمعيته التي اقترحت إطلاق أسماء شخصيات يهودية مغربية على بعض المرافق العمومية بمدينة أكادير، مؤكدًا أن الأمر “لا يتعلق بأي قرار رسمي صادر عن المجلس الجماعي، بل هو مقترح مدني مستقل رُفع إلى الجهات المنتخبة”.

وأوضح الفرياضي “أن الغاية من هذه المبادرة هي التنبيه إلى الحيف الذي تعرّض له المواطنون المغاربة من أصول يهودية، خاصة في مدينة أكادير، حيث تم إقصاؤهم بشكل ممنهج عبر عقود من التسيير العمومي المتأثر بخلفيات إيديولوجية إقصائية، سواء ذات طابع عروبي أو إسلاموي”، وفق تعبيره.

واعتبر أن المكتب الحالي للمجلس الجماعي يُحسب له أنه “تجاوز تلك الحسابات الإيديولوجية الضيقة”، واعتمد مقاربة تشاركية عبر إشراك الساكنة ومكونات المجتمع المدني في اختيار أسماء الفضاءات العمومية، وهو ما أتاح تقديم هذا المقترح.

وردًا على الانتقادات المرتبطة باقتراح أسماء يهودية بدلًا عن رموز وطنية مثل علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد، قال الفرياضي: “نتفهم ارتباط البعض العاطفي بهذه الأسماء، لكن لا نقبل أن يتحول هذا الارتباط إلى اتهامات في وطنيتنا كما لاحظنا على مواقع التواصل”.

وشدد على أن الأسماء المقترحة تعود لشخصيات محلية من أبناء مدينة أكادير قدّمت لها خدمات جليلة، خلافًا للفاسي وبوعبيد الذين وصفهما بأنهما “أجنبيان عن المدينة”، بل أشار إلى أن بعض المؤرخين باتوا يعيدون تقييم أدوار هذين الرجلين، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقتهما بمنطقة سوس وباللغة الأمازيغية.

واقترحت الجمعية في هذا السياق تسمية عدد من المرافق العمومية بأسماء شخصيات يهودية تركت أثرًا بارزًا في تاريخ المدينة “أولها تغيير اسم شارع علال الفاسي بحي البوركان إلى شارع سيمون ليفي الفاعل السياسي والاقتصادي الراحل الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب ساكنة أكادير”.

كما شمل المقترح تغيير “اسم شارع عبد الرحيم بوعبيد إلى شارع خليفة بن مالكا الحاخام البارز والتاريخي لأكادير والمدفون بمقبرة الحي القديم إحشاش”.

ودعت الجمعية إلى إطلاق اسم “أورنا بعزيز إحدى الناجيات من زلزال 1960 ومؤلفة كتاب مرجعي حول هذه الفاجعة على متحف إعادة إعمار أكادير”.

كما اقترحت أيضًا تسمية المركب الثقافي بحي الداخلة باسم “الفنانة نيطا الكيام تقديرًا لمكانتها في المشهد الفني والثقافي المغربي”.

وأكدت الجمعية في مراسلتها أن هذا المقترح يأتي استنادًا إلى ما نصّت عليه ديباجة الدستور من اعتبار المكوّن العبري جزءًا أساسيًا من الهوية المغربية وإلى القرار الصادر عن المجلس الجماعي والقاضي بإشراك ساكنة أكادير في تسمية المرافق العمومية معتبرة أن المدينة “لا تتوفر إلى حدود اليوم على أي مرفق عمومي يحمل اسم شخصية يهودية مغربية رغم المكانة التاريخية لهذا المكوّن ضمن النسيج المحلي”.