تحسباً لتحديات المستقبل.. عقيد إسباني يدعو إلى الحفاظ على “حسن الجوار” مع المغرب

دعا العقيد الإسباني بيدرو سانشيث إرّاث إلى الحفاظ على حسن الجوار مع المغرب، في سياق التغيرات الجيوسياسية العالمية التي تواجهها إسبانيا وأوروبا.
وقال إراث، خلال حديثه في نادي “لا نويفا إسبانيا” (إسبانيا الجديدة) إن المغرب “حليف لا غنى عنه وضروري لإسبانيا، ولذلك يجب علينا الحفاظ على علاقات حسن جوار”.
وأشار العقيد والخبير في السلام والأمن الدولي إلى أن المشهد الجيوسياسي العالمي الذي تواجهه إسبانيا وأوروبا، يبرز أن “العالم يتغير”. وقال: “لا نعلم كيف ستكون ملامحه خلال فترة زمنية قصيرة. كما أنه ليس واضحًا من سيكون القوة المهيمنة”.
وأضاف سانشيث إرّاث قائلاً: “الأمم المتحدة تُستخدم الآن فقط لطرح المطالب”، مشيراً إلى أن “المثالية أصبحت في المرتبة الثانية، بينما يفرض الواقع نفسه، وتبرز صراعات القوى”.
وتحدث عن قضايا الصحراء الكبرى، واصفاً إياها بـالبحر الكبير من الرمال، الذي تحدّه منطقة الساحل من الجنوب، والمنطقة المغاربة من الشمال”.
وقال إن الإرهاب في الساحل كان محدوداً عام 2010، لكنه اليوم “ينمو بشكل متزايد حتى أصبح المشكلة الكبرى في المنطقة”، مشدداً على الدور البارز للحدود الجنوبية لأوروبا.
وأشار إلى أنه بينما تعتبر الصحراء عنصراً معادياً بالنسبة إلى أوروبا، فإنها تُعدّ على مستوى المنطقة عنصراً أساسياً في الطرق التجارية”، معتبراً أن السيطرة على هذه الطرق أمر جوهري”.
وفي هذا الصدد، قال سانشيث إرّاث إن هذه المنطقة الشاسعة وغير المحددة، يعيش فيها ثلاثة أرباع السكان من الزراعة وتربية المواشي، مشيراً إلى أن “أي اضطراب يمكن أن يؤثر عليهم بشكل بالغ”، كما أن أي نزاع حول الموارد قد يعني الموت جوعاً. وقال: “نحن نتحدث عن بلدان تُرسم حدودها كخطوط مرسومة على الرمال”.
وشدد على أن “الفراغ الجيوسياسي لا وجود له”، موضحاً أنه إذا لم يكن هناك طرف يملؤه، فإن طرفًا آخر سيفعل، “وهذا بالضبط ما تفعله الصين أو تركيا في شمال إفريقيا”، على حد تعبيره.
وتحتل العلاقة بين إسبانيا والمغرب مكاناً بارزاً في النقاشات على مستوى الرأي العام الإسباني، بما في ذلك الأوساط الأمنية والعسكرية وحتى السياسية، بين من يدعو إلى تعزيز الصداقة مع الرباط مثلما عبر عنه العقيد بيدرو سانشيث إرّاث، ومن يحذر منها كونها عدواً محتملاً في المستقبل، خاصة في ما يتعلق بالسيادة على سبتة ومليلية المحتلتين.
في هذا الصدد، كان السفير الإسباني السابق في الرباط، جورجي ديزكايار، قد خرج في حوار نشرته صحيفة “لارثون” (LARAZON) الإسبانية، مارس الماضي، معتبراً أن استرجاع سبتة ومليلية المحتلتين مطلب أبدي بالنسبة إلى المغرب، مشيراً إلى أنه من الخطأ انتظار استسلامه في هذه القضية.
وقال ديزكايار إن المطالبة المغربية بسبتة ومليلية “مسألة أبدية وستظل قائمة دائماً”، مضيفا أن المغرب “يضغط أكثر في بعض الأحيان، بينما يخفف في أحيان أخرى من حدة الخطاب، وفقاً لطبيعة العلاقات الثنائية”.
وتستمر المخاوف في إسبانيا من احتمال مطالبة المغرب باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وقد وصلت هذه المخاوف إلى داخل قبة البرلمان الإسباني في مدريد.
في هذا السياق، طالب حزب “فوكس” اليميني المتطرف الحكومة الإسبانية بتوضيح موقفها، عبر سؤالين كتابيين قدمهما إلى مجلس النواب، يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، للاستفسار عما إذا كانت الحكومة “قد تلقت ضمانات رسمية من المغرب بعدم المطالبة بالمدينتين”.
وفي تقرير نُشر يوم الأحد 23 فبراير 2025، تحت عنوان “خوف في سبتة ومليلية من مسيرة خضراء جديدة بدعم من ترامب”, أشارت صحيفة “إل إسبانول” إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير قلقاً داخل الأوساط العسكرية والأمنية الإسبانية، خاصة مع “تقاربه المعروف مع المغرب”.
وبينما يتجنب السياسيون والمسؤولون المحليون في سبتة ومليلية الإدلاء بتصريحات علنية حول الموضوع، مفضلين التركيز على قضايا مثل فتح الجمارك التجارية، فإن الأوساط العسكرية والأمنية تعيش “قلقاً متزايداً”، وفقاً للمصدر ذاته، إذ تخشى أن تؤثر العلاقة الجيدة بين إدارة ترامب والرباط على الوضع الأمني للمدينتين.