story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

تحالفات صعبة تواجه الحزب الحاكم في جنوب افريقيا

ص ص

تشهد جنوب إفريقيا نقطة تحولات حاسمة. للمرة الأولى في تاريخها الحديث، ستسير البلاد بحكومة ائتلافية بعد الانتخابات العامة الأخيرة التي أُجريت في أواخر مايو. وقد عانى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) من انهيار كامل، ومن المحتمل أن الحزب لن يستعيد الأغلبية في البرلمان الجنوب إفريقي مرة أخرى.

ربما كانت الهيئة التشريعية المنتهية هي الأخيرة التي يمتلك فيها حزب سياسي واحد أكثر من 50٪ من مقاعد البرلمان. ويفتح هذا الجمود السياسي الباب أمام مستقبل سياسي غامض لأول اقتصاد في القارة الإفريقية.

وبالرغم من إعادة انتخاب رامافوزا رئيسا للبلاد بعد تصويت صعب في البرلمان، إلا أن ذلك لم يتم إلا من خلال مفاوضات معقدة، والتي لا زالت مستمرة للوصول الى تشكيلة حكومية ترضي جميع الحلفاء.

فجنوب إفريقيا تعد من بين الدول القليلة التي يكون فيها الرئيس هو نفسه رئيس الدولة ورئيس الحكومة، مجسدا في نفس الوقت السلطة التنفيذية والوحدة الوطنية. هذا النظام الفريد، الذي تخيله بيتر ويليام بوتا -الرئيس ورئيس الوزراء الراديكالي خلال نظام الفصل العنصري- يعتمد على أغلبية نظامية في البرلمان تكون مدعومة من حزب سياسي مهيمن.
وقد أبرزت الانتخابات العامة الأخيرة عدم اتساق هذا النموذج السياسي، ويعزى ذلك إلى فشل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي حكم لمدة ثلاثة عقود، في معالجة القضايا الأمنية الكبيرة، حيث تعاني البلاد من واحدة من أعلى معدلات الجريمة التي تحركها البطالة والفقر.

علاوة على ذلك، يعاني الحزب من صعوبة الحفاظ على وحدته، كما يتضح من انشقاقين كبيرين. وأفرزت هذه الانشقاقات حزبين مهمين أثرا على المشهد السياسي في البلاد، أولهما حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية (EFF)، وهو حزب يساري راديكالي أسسه جوليوس ماليما، وهو زعيم سابق لمنظمة شباب المؤتمر الوطني، وحزب MK، الذي سُمي نسبةً إلى uMkhonto we Sizwe (الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الإفريقي خلال الفصل العنصري) وأسس في أواخر عام 2023 من قبل الرئيس السابق جاكوب زوما، ويشكل اليوم ثالث قوة سياسية، حيث حصل على أكثر من مليوني صوت و58 مقعدًا برلمانيًا.

يفسّر صعود حزب MK جزئيًا فقط الأداء الضعيف لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي. مع انخفاض عدد الأصوات بأربعة ملايين تقريبًا مقارنة بعام 2019. ويبدو أن حوالي مليونين من ناخبي حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أصبحوا من الممتنعين عن التصويت، مما يبرز تزايد الاستياء بعد ثلاثة عقود من حكم الحزب، وست سنوات من الحكم الغير الفعال تحت قيادة الرئيس الحالي سيريل رامافوزا.

الأخير، الذي لم يظهر قيادة حاسمة واعتبر الناخبين مضمونين، فشل في معالجة مشكلة البطالة والفقر المدقع بين غالبية السود. فالفساد السياسي المتجذر أدى إلى تآكل الثقة في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي كان في يوم من الأيام حزب نيلسون مانديلا الذي ناصر المساواة والتقدم، مما يعكس الضيق والقلق السائدين في البلاد. ويبدو أن أيام المجد لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي أصبحت خلفه بشكل نهائي.

على الرغم من خيبة الأمل، هناك أمل في الوصول الى تحالف يرضي جميع الأطراف. ويكمن جوهر هذا التحالف في مواقف حزب التحالف الديمقراطي (DA)، ثاني أكبر قوة سياسية في البلاد، و هو حزب ليبرالي تقدمي متعدد الأعراق بقيادة جون ستينهويزن، ويمثل بديلاً موثوقًا. ستينهويزن، وهو أفريكانر أبيض ولد في دوربان، خلف في عام 2019 موسي ميماني، وهو بانتو تسوانا من جوهانسبرغ، مما يعكس سياسة الحزب الشاملة.

مع ذلك، يكافح التحالف الديمقراطي لكسب دعم كبير في الداخل، الزولو الذي لا يزال يهيمن عليه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وحزب إنكاثا للحرية الذي التحق بالتحالف الرئاسي الجديد، وحزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية، ومؤخرًا حزب MK اللذان فضلا البقاء في المعارضة.

على الرغم من وقع الهزيمة، تمكن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى تشكيل ائتلاف، لكن سلوكه الانقسامي منذ عام 1994 زاد من التصدعات ليس فقط مع المعارضين السياسيين، ولكن أيضًا مع المواطنين، مما يصعّب المهام عندما يتعلق الأمر بتوزيع المناصب الوزارية.

يشكل هذا الواقع السياسي الجديد تحديًا معقدًا، ولن تستفيد البلاد من أزمة سياسية مطولة، وهي بالفعل متضررة من الفوارق العرقية والإقليمية والاقتصادية. يضاف إلى ذلك أن كل حزب سياسي قد شكل نفسه على نمط حكم الحزب الواحد، والفجوة بينهما عميقة جدًا، مما يبعد آمال الوصول الى ائتلاف آمن ودائم.

وفي حين تراكم فيه الأزمات، سيحتم على النخبة السياسية العمل على دستور جديد، غير أن أي إصلاح دستوري قد يعمق الفجوة ويضر بالتوازن الهش لهذا البلد متعدد الأعراق، و قد يضع البلاد على حافة حرب أهلية.