تباين سياسي حول اعتزام المغرب التصويت على قرار وقف تنفيذ الإعدام
أثار اعتزام المغرب التصويت لأول مرة لصالح قرار الأمم المتحدة العاشر، بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، تباينا في المواقف بين الأحزاب السياسية بالمغرب، فبينما اعتبر الإسلاميون أن القرار ” ليس خطوة نحو إلغاء الإعدام”، رحبت أحزاب أخرى من جانبها بهذا القرار، واعتبرته خطوة “حقوقية تاريخية”.
ومن بين الأحزاب التي رحبت بقرار الحكومة، بشأن عزمها التصويت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، حزب التقدم والاشتراكية الذي اعتبر أن “الخُطوة تَطَوُّرٌ هام ومؤشرٌ دالّ، على أمل إقرار المغرب الإلغاءَ التام لهذه العقوبة”.
وقال حزبُ “الكتاب” في بلاغ له نشره اليوم الأربعاء 11 دجنبر 2024، إنه يسجل إيجاباً عــزمَ المغرب التصويت، يوم 15 دجنبر الجاري، لفائدة قرار الالتزام بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي أفق النقاش المنتظر حول مشروع القانون الجنائي، اعتبر الحزبُ أن هذه الخطوة هي تَطَوّر هام ومؤشرٌ دالّ، على أمل إقرار المغرب الإلغاءَ التام لعقوبة الإعدام انسجاماً مع التوجه “الكوني” بهذا الصدد.
ومن جانبه ثمن حزب الأصالة والمعاصرة تصويت المغرب بالإيجاب لأول مرة، على قرار الجمعية العامة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، معتبرا أنها خطوة حقوقية تاريخية، وقرار “حقوقي كبير” يعزز ثقافة وحماية حقوق الإنسان.
وقال حزب “الجرار” في بلاغ أصدره اليوم الأربعاء 11 دجنبر 2024، إنه يثمن هذه الخطوة “الحقوقية التاريخية”، التي ظلت حسبه “مطلبا للحزب ولباقي القوى الحداثية”، مبرزا أن ذلك قرار حكيم ينسجم ومضمون الفصل 20 من الدستور الذي ينص صراحة على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق”.
وخلص حزب الأصالة والمعاصرة إلى أن هذا القرار “الحقوقي الكبير” يدل على مواصلة المغرب السير بخطى ثابتة داخل مسار تعزيز ثقافة وحماية حقوق الإنسان، مبرزا “اعتزازه بما راكمته بلادنا من نجاحات باهرة على المستوى الحقوقي حتى استحقت عن جدارة واستحقاق رئاسة مجلس حقوق الإنسان”.
وكان حزب العدالة والتنمية قد جدد موقفه “المبدئي والثابت” من عقوبة الإعدام، في الجرائم الأشد خطورة والمتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة، والتي تمكن من القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم، لما يحققه من شعور بالإنصاف للمجتمع ولذوي حقوق ضحايا الجرائم الأشد خطورة، التي تهز الرأي العام وتصدم الشعور الجماعي، وهو ما تسهم هذه العقوبة في تهدئة روعه، فضلا عن الوظيفة الردعية التي تحققها.
وقال الحزب في بلاغ له اليوم الأربعاء 11 دجنبر 2024، إن اعتزام تفاعل المغرب مع مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، لا يعدو أن يكون سوى تحصيل حاصل لوضع قائم اختاره المغرب منذ سنة 1993، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وقطعا تفسيره أو اعتماده كخطوة نحو إلغاء عقوبة الإعدام.
واعتبر الحزب، أن المسار التراكمي لتعامل المغرب مع عقوبة الإعدام والذي تكرس سنة 2013، بالمصادقة على القانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري، الذي خفَّضَ حالات الحكم بالإعدام إلى خمس حالات بدل ستة عشر حالة، “هو مسار راشد يعبر عن نضج المغرب في تعاطيه مع هذا الموضوع”.
وأشار إلى أن، ما تضمنه مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي من ضبط وتقليص كبير لعدد حالات الحكم بعقوبة الإعدام، واشتراط عدد من الشروط المتعلقة بظروف المحاكمة وحيثيات الحكم بعقوبة الإعدام من ضمنها إجماع هيئة الحكم، أنه يمثل حالة توازن بين تحديد الحالات الموجبة للحكم بالإعدام وتوفير شروط تجاوز الخطأ أو الاستعمال المتعسف للقانون، وبين تطبيق القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم في حالة الاعتداء المتعمد على الحق في الحياة.
وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد أعلن أن المملكة تعتزم لأول مرة التصويت لصالح قرار الأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، المزمع التصويت عليه قريبا خلال الجمع العام المقبل للأمم المتحدة في 15 دجنبر 2024.
وجاء هذا الإعلان خلال جلسة الأسئلة الشفوية أمام مجلس النواب، يوم الإثنين 09 دجنبر 2024، ردًا على سؤال تقدمت به فرق المعارضة و الأغلبية حول موقف القانون الجنائي المغربي من عقوبة الإعدام و مكانتها في السياسية الجنائية المغربية.
وأكد الوزير أن “هذا القرار يمثل التزامًا من المغرب بتعزيز حماية الحق في الحياة، تماشيًا مع الفصل 20 من الدستور المغربي” الذي ينص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق.”
وأشار الوزير إلى أن هذا الإعلان يمثل تغييرًا تاريخيًا في موقف المغرب، حيث امتنعت المملكة عن التصويت على القرارات السابقة المتعلقة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف أن التصويت المقبل يعكس حرص المغرب على تعزيز سياسته الداعمة لحقوق الإنسان وتكريس مكانته كدولة متقدمة في مجال العدالة الإنسانية، مع الحفاظ على الخصوصيات الوطنية والاحترام الكامل للنقاش المجتمعي.