تاريخ رياضي يضيع !
سلسلة الحوارات التي ينجزها الصحافي والباحث في الشأن الرياضي الدكتور منصف اليازغي في الجهة الشرقية للمملكة خلال شهر رمضان الحالي، مع لاعبين دوليين ومسيرين سابقين في النادي العريق المولودية الوجدية، أمتعتنا بحقائق تاريخية غير متداولة ولم يسبق لها أن دونت في أي من أرشيفات النادي أو الجامعة الملكية المغربية أو الصحافة الرياضية المغربية.
معلومات مثيرة يستخرجها الدكتور منصف من ضيوفه بمهنيته المعهودة، لم تكن ليعرفها الرأي العام الرياضي الوطني، ولكانت عرفت طريقها إلى الضياع لو لم يوافق الشاهدون عليها لتسجيلها للتاريخ.
أي مهتم بالنشاط الرياضي، سواء كان صحفيا أو أكاديميا أو فقط متابعا، بين الفينة والأخرى يكون مضطرا إلى البحث عن معلومة تاريخية حول رياضي أو ناد أو نتيجة مباراة، أو حدث رياضي مفصلي كان له تأثير على مرحلة ما، ويلجأ إلى البحث في الأرشيف لاستيفاء المعلومة الصحيحة التي يبحث عنها، إلا أنه في كثير من المرات يواجه الباحث شحا كبيرا في المعلومات التاريخية الرياضية، مما ينعكس على جودة المنتوج المشتغَل عليه.
في تاريخ المغرب الحديث، عبرت الكثير من الوجوه الرياضية و الأحداث والمنافسات، لكن المؤسف هو أنك لن تجدها موثقة ولو في “كاغيط” أو شريط مصور، إذ أن أغلب ماضينا الرياضي بقي حبيس الروايات الشفوية للذين عايشوه، وكانوا شاهدين على مراحل عديدة زاهية لن تعرف الأجيال القادمة الكثير من تفاصيلها.
فرغم المجهودات الشخصية الكبيرة لجملة من الباحثين المغاربة في التاريخ الرياضي، من حيث تأليف الكتب وطبع السير الذاتية لرموز الرياضة الوطنية، والقيام بجمع المعطيات والأرقام والإحصائيات القديمة وتوثيقها بالوسائل الرقمية الحديثة، إلا أن هذه المجهودات تبقى معزولة ولا تغطي الخصاص الذي يعرفه المغرب في جانب التوثيق التاريخي الرياضي.
الأمر هو من صميم مسؤوليات الدولة ومؤسساتها، وهي التي من المفترض فيها أن تتوفر على سياسة وطنية في توثيق التاريخ الرياضي وربطه بأي استراتيجية عامة في مجال تدبير الثراث، وأركز على التوثيق الرياضي وليس الكروي فقط، لأن الرياضة الوطنية لها رصيدها التاريخي العالمي في ألعاب القوى والجمباز والملاكمة وسباق الدراجات وكرة اليد والسلة والكرة الطائرة وأنواع رياضية أخرى.
التاريخ الرياضي هو جزء من التاريخ العام للبلد، وله رمزية خاصة في الحاضر والمستقبل، وأي مشروع راهِن في أي نوع رياضي، إن بدأناه وكأننا للتو “قطّر بينا السقف”، ولم يكن هناك معرفة برصيدنا التاريخي فيه، وأي أبطال أنجب، وأي إنجاز تحقق وماذا يساوي إسم المغرب فيه عالميا.. فحتما هو مشروع مآله الفشل.