story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حكومة |

بين بذخ الإجازة وضغط الأزمات.. عطلة أخنوش في مرمى الانتقادات

ص ص

أثار قضاء رئيس الحكومة عزيز أخنوش لعطلته الصيفية في سردينيا بإيطاليا جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الذي يعرفه المغرب وارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة، وتواصل الاحتجاجات ضد التهميش في عدد من المناطق.

وانقسم الرأي العام أمام الصور التي تسربت من عطلة أخنوش في جزيرة “سردينيا” الإيطالية، التي تعد أكبر الجزر في البحر الأبيض المتوسط ويقصدها الأثرياء. وبينما يرى البعض أن الأمر يدخل في إطار حياته الخاصة، اعتبر آخرون أن “ظهور صور مرتبطة بالبذخ في هذا التوقيت يكرس الفوارق الاجتماعية، ويعمّق التناقض بين الخطاب الحكومي الداعي إلى تشجيع السياحة الداخلية والممارسات الفعلية لرئيس الحكومة”.

حديث “فيه مبالغة”

وفي هذا الصدد، يعتبر الأستاذ الجامعي خالد البكاري أن الحديث عن قضاء رئيس الحكومة لعطلته رفقة عائلته خارج المغرب “فيه مبالغة”، إذ أن كثيرًا من رؤساء الدول والحكومات حول العالم “يقضون عطلًا خارج بلدانهم، بمن فيهم الملك محمد السادس، دون أن يثير ذلك أي نقاش مجتمعي”، باعتبار أن ذلك يدخل في الحياة الخاصة للمسؤول “التي ليس لها أي تماس مع تدبير الشأن العام”.

ويرى البكاري، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن هذا الأمر “كان يمكن أن يكون محط انتقاد لو كانت السياحة في المغرب تمر من أزمة خانقة”، أو كان هناك توجه حكومي نحو تشجيع السياحة الداخلية”.

ويشير إلى أن انتقاد رئيس الحكومة فيما يخص السياحة، “كان يجب أن ينصب حول السياسات الحكومية لدعم هذا القطاع، وتقويته، وجلب الاستثمارات”، إضافة إلى الفشل في تحويل المغرب “إلى وجهة منافسة للمحطات الكبرى على المستوى المتوسطي مثل إسبانيا وتركيا”، أو حول “فشله في محاربة أوجه الريع التي عطلت تطوير قطاع السياحة”.

“أما أن يقضي عطلته في أي دولة”، يقول البكاري: “أعتقد أن ذلك قرار شخصي وعائلي، لا علاقة له بتدبير الشأن العام”.

بدوره، يؤكد الناشط الحقوقي عمر أربيب، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه “لا ينبغي النقاش في حرية التنقل لأي مواطن مغربي أو قضاء عطلته في أي مكان، حتى وإن قضاها أخنوش في نيويورك”، مشيرًا إلى أنه مثل أي موظف “له الحق في عطلته السنوية”.

الانتقادات.. التناقضات

ويرجع أربيب، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الانتقادات التي تم توجيهها لعطلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش في الجزيرة الإيطالية، إلى التناقضات التي تورط فيها خلال ولايته الحكومية، كما تورط فيها عدد من المسؤولين الوزاريين من قبل، بمن فيهم وزيرة السياحة الحالية نفسها.

ففي الوقت الذي يطالب فيه المسؤولون المغاربة بدعم السياحة الداخلية، “لا يعكس السلوك العملي لرئيس الحكومة هذه التصريحات على أرض الواقع”، خاصة إذا كان ينفق أموالًا “يشتبه في كونها غير مشروعة نتيجة قضايا تضارب المصالح وغيرها، في اقتصادات دول أخرى”.

ويرى أربيب أن هذا الجدل سببه أن المغاربة يريدون أن يروا رئيس حكومة بلادهم في نفس الوقت “يسهر على أن تكون السياحة في المغرب بخدمات جيدة وأثمنة معقولة”، داعيًا أخنوش إلى “المقارنة بين ما يلقاه في تلك البلدان مع الأوضاع التي يعيشها المغرب عند العودة”.

وقال: “قارن أنت يا رئيس الحكومة نوعية الخدمات التي تقدم لك هناك، مع نوعية الخدمات التي تقدمونها أنتم للسائح أو للمهاجرين المغاربة الذين يأتون لزيارة وطنهم”.

ويشدد أربيب على أن رئيس الحكومة “مطالب بأن ينظر للوضع السياحي في المغرب، ويقدم حلولًا للإشكالات الحقيقية المرتبطة بالغلاء وسوء الخدمات، بما فيها ما يقدم لفائدة المهاجرين”، مطالبًا بعدم النظر إليهم “كمورد للعملة الصعبة، بل كمواطنين يستحقون شروط التنقل والسياحة في بلادهم بأثمنة معقولة، بدءًا من تذاكر الطائرات إلى نوعية الخدمات”.

وتوقف أربيب عند مفردة “تامغربيت”، كأحد أبرز الشعارات التي يرفعها رئيس الحكومة. وقال إنها “تُستعمل للاستهلاك الإعلامي، وقد تتحول أحيانًا إلى خطاب شوفيني يطالب الناس بالصبر على الفقر والجوع، بدعوى الدفاع عن الوطن، في الوقت الذي يلتقط فيه هو الصور بالجزيرة الإيطالية”، معتبرًا أن ذلك ما يجلب انتقادات المغاربة، الذين يرون أنه “ليس لهم الحق في التكلم عن التوزيع العادل للثروة والعيش الكريم”.

تصرفات “تكرس التناقض”

ومن جانبها، تشدد مريم أبليل، باحثة أكاديمية متخصصة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، على أنه ما دام رئيس الحكومة ينفق من ماله الخاص وليس من المال العام، فإن ممارسته لحياته الخاصة تبقى شأنًا شخصيًا.

وترى أبليل، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الجدل يظهر عندما تنتشر هذه الممارسات في الفضاء العام، “إذ تتحول إلى مادة للنقد، خاصة في ظل السياق الاجتماعي والاقتصادي الحالي المتمثل في غلاء الأسعار وارتفاع البطالة”.

ومن جهة أخرى، تعتبر المتحدثة ذاتها أن مثل هذه التصرفات “تكرس التناقض بين الخطاب الحكومي الذي يشجع على السياحة الداخلية، وبين الممارسات الفعلية التي يقوم بها رئيس الحكومة نفسه”.

ولأن عزيز أخنوش من أغنى أغنياء المغرب، فإن مثل هذه الأحداث “ترسخ لدى عامة الشعب الإحساس بعمق الفوارق الاجتماعية، وتثير تساؤلات حول مدى قدرة رئيس الحكومة الثري على استيعاب معاناة الفئات الضعيفة”.

وتؤكد ابليل ضرورة حماية الحياة الخاصة، ومع ذلك ينبغي على المسؤولين السياسيين، تضيف الباحثة الأكاديمية، “أن يعززوا تواصلهم مع الشعب في مناسبات غير رسمية”. إذ أن المسؤول غالبًا “لا يظهر إلا في الإطار الرسمي أو الحزبي، ومن يتابع الشأن العام يلاحظ أن الأنشطة التواصلية للحكومة ورئيسها قليلة”.

وتوضح المتحدثة أنه لو كان هناك تواصل عفوي ومستمر طيلة الولاية، يشعر من خلاله المواطنون أن المسؤول أيضًا إنسان وله حياة يومية طبيعية، “لكان تقبّل مثل هذه الصور أكبر ومرورها عاديًا”. لكن عندما تظهر صور تدل على البذخ في ظل ضعف التواصل، “هنا تبرز المشكلة” تقول المتخصصة في القانون الدستوري والعلوم السياسية مريم ابليل.