بوزرارة: هذا ليس وجه “الأسود” الحقيقي والوقت كافٍ لتصحيح المسار

بين أداء مقلق في وديتي تونس والبنين، وتصاعد الغضب الجماهيري على مواقع التواصل الاجتماعي، وجد الناخب الوطني وليد الركراكي نفسه وسط موجة انتقادات حادة، خاصة مع اقتراب العد العكسي لبطولة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025، التي ستحتضنها المملكة شهري دجنبر ويناير القادمين.
ورغم أن النتيجتين لا تؤثران على المسار التنافسي للفريق الوطني، إلا أن الأداء وطريقة اللعب وكذا جاهزية المجموعة لهذا الاستحقاق القاري حركت نقاشًا واسعًا في الأوساط الكروية المحلية، حول أحقيقة استمرار وليد الركراكي على رأس المنتخب الوطني.
وفي هذا السياق، يرى الإعلامي الرياضي، جلال بوزرارة، أن أداء المنتخب الوطني المغربي خلال وديتي تونس والبنين لم يكن في مستوى التطلعات، لكنه دعا في المقابل إلى تحليل الأسباب الموضوعية التي جعلت الفريق يظهر بذلك الوجه المقلق، بدل الانزلاق إلى موجة الانتقادات المبالغ فيها التي اجتاحت منصات التواصل والإعلام.
وقال بوزرارة خلال حديثه مع صحيفة “صوت المغرب”: “لا أظن أن هناك من هو راضٍ عن أداء المنتخب الوطني في المباراتين الأخيرتين، لكن يجب أن نطرح سؤالًا مهمًا: ما الذي جعل المنتخب يظهر بهذا المستوى؟”.
وأرجع المتحدث ضعف الأداء إلى عوامل متعددة، على رأسها الغيابات البارزة في صفوف الركائز الأساسية وفي مختلف الخطوط، إضافة إلى التعب الذهني والبدني الذي أصاب اللاعبين بعد موسم طويل ومرهق لم ينته فعليًا بعد، خاصة مع اقتراب مشاركة بعض العناصر في كأس العالم للأندية الشهر الجاري بالولايات المتحدةالأمريكية.
وأضاف: “هذا الفريق، في ظل هذه الظروف، لا يبدو متماسكًا ولا يملك حاليًا تلك الشخصية القوية المعروف بها، وهذا طبيعي في هذا السياق. لكن لا بد من الإشارة إلى أن الغضب العارم في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي يبدو مبالغًا فيه. وعلينا أن نعترف أن جزءًا من هذا التفاعل العاطفي هو تعبير عن الحب والتعلق بالمنتخب، لكن هذا التعلق نفسه قد يتحول أحيانًا إلى ضغط مفرط سواء عند الفرح أو عند الغضب”.
وأشار بوزرارة إلى أن الهزات التي يعيشها المنتخب في هذه المرحلة لا تعني بالضرورة استمرار الوضع نفسه في المستقبل، مؤكدًا أن كأس إفريقيا للأمم ما زالت تفصلنا عنها حوالي ستة أشهر، وهو وقت كافٍ لاستعادة التوازن، لا سيما أن الظروف الحالية والتشكيلة البشرية مرشحتان للتغيير بشكل كبير قبل البطولة.
وفي ما يتعلق بالناخب الوطني وليد الركراكي، شدد جلال بوزرارة على أن طبيعة العمل مع المنتخبات تختلف جذريًا عن الأندية، موضحًا أن “الركراكي يدرب منتخبًا وطنيًا، وليس فريقا يمارس بالبطولة الوطنية”.
وأضاف “أن تدريب الأندية يتيح فرص التدارك بعد كل تعثر، أما في المنتخبات فالمواعيد متباعدة، والخيارات محدودة. ومن هنا تبرز صعوبة المهمة، خصوصًا أن التوقف المقبل سيكون مخصصًا للإعداد لكأس العالم”.
ورغم الانتقادات الموجهة إلى المدرب وليد الركراكي، رفض بوزرارة دعوات المطالبة برحيله، وقال: “أنا شخصيًا لا أتفق مع من يطالب برحيله، لأن أرقامه مع المنتخب مهمة وتتحدث عن نفسها. صحيح أن أغلب المباريات جرت داخل المغرب، ولم نواجه كثيرًا المنتخبات القوية، لكن لا يمكن إغفال المشاركة التاريخية في كأس العالم 2022 بقطر، والمستوى المميز أمام منتخبات من العيار الثقيل مثل البرازيل. حتى الإقصاء من ثمن نهائي كأس إفريقيا يبقى جزءًا من مسار التقييم، ولا يجب عزله عن السياق العام”.
وتابع بالقول: “نحن اليوم نحتل المركز 11 في تصنيف الفيفا، وحققنا 12 مباراة متتالية دون خسارة، ونقترب من دخول قائمة أفضل 10 منتخبات في العالم. هذه معطيات واقعية ولا يمكن تجاهلها”.
ومن جانب آخر، أكد الإعلامي الرياضي أن “أول من لم يكن سعيدًا بمستوى المنتخب هو المدرب وليد الركراكي”، لافتا إلى طموح واعتزاز هذا الأخير بتدريب منتخب بلاده، “ويحمل طموحًا كبيرًا بأن يقود المنتخب إلى مشاركة تاريخية جديدة في بطولة كأس العالم، ويعرف أن أنظار الجميع موجهة نحو المنتخب، ويشعر بمسؤولية مضاعفة تجاه الجماهير”.
وخلص جلال بوزرارة إلى الدعوة للتحلي بنوع من التوازن في الخطاب العام حول المنتخب الوطني، قائلًا: “نحتاج إلى القليل من الهدوء، وإبعاد الضغط الزائد. من حق الجمهور أن ينتقد، وهذا ما يؤمن به الركراكي نفسه، لكن النقد لا يجب أن يتحول إلى نوع من التهييج، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. لأن المنتخب في هذه المرحلة يستحق مساحة من الثقة والدعم الواعي”.