بنموسى: تحرير المحروقات تم بطريقة فتحت الباب أمام الفوضى واحتكار الأسعار

قال الخبير الاقتصادي محمد بنموسى إن قرار تحرير سوق المحروقات الذي اتخذته حكومة عبد الإله بنكيران في دجنبر من سنة 2015 كان “خطأ فادحاً”، مشيراً إلى أن القرار لم يُتخذ وفقاً لشروط وضوابط واضحة، مما أدى إلى “فتح الباب أمام فوضى السوق واحتكار الأسعار من طرف الفاعلين الاقتصاديين”.
وأوضح بنموسى، خلال حلوله ضيفا في برنامج “ضفاف فنجان” الذي تبثه منصات “صوت المغرب”، أن بنكيران اتخذ القرار بناء على وجود عجز في الميزانية العامة للدولة، إذ صرح آنذاك بأن عجز صندوق المقاصة بلغ 350 مليار درهم. وهو ما دفع الحكومة آنذاك إلى رفع الدعم عن المحروقات، الذي لم يكن محصورا فقط على الفئات الهشة والفقيرة فقط، بل كذلك الطبقة الميسورة والمقاولات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن القرار في حد ذاته لم يكن سيئاً، لكن تنفيذه “كان يجب أن يخضع لشروط وضوابط تضمن عدم استغلاله من قبل الشركات”، معدداً ثلاثة أخطاء قال إن حكومة ابن كيران ارتكبتها عند تنفيذ التحرير.
غياب مجلس المنافسة
أوضح بنموسى أن “تحرير الأسعار يجب أن يكون مصحوباً برقابة صارمة لمنع التلاعب والاحتكار، لكن المشكلة أن مجلس المنافسة لم يكن نشطاً آنذاك”، ونتيجة لذلك، “أصبح السوق فوضوياً ومفتوحاً أمام المجهول”، إذ تم تحرير الأسعار دون أي ضوابط، ما سمح للفاعلين في القطاع بتحقيق أرباح غير مبررة على حساب المواطنين.
تحرير بالتزامن مع إغلاق “سامير”
أشار بنموسى إلى أن توقف مصفاة “سامير” في غشت 2016 “ساهم بشكل كبير في تفاقم أزمة المحروقات”، إذ كانت المصفاة تلعب دوراً أساسياً في ضبط السوق ومنع الفاعلين من فرض الأسعار التي يريدونها.
وأوضح أن المصفاة “كانت تقوم بعملية التكرير وتحديد التكلفة الحقيقية للمحروقات، مما جعلها المرجع الأساسي لتحديد الأسعار، إضافة إلى امتلاكها محطات توزيع خاصة بها، وهو ما كان يساعد في خلق نوع من التوازن في السوق، إذ كانت تبيع الوقود بأسعار أقل كلما حاول الفاعلون الآخرون رفع الأسعار بشكل غير مبرر”.
وتابع أن السوق أصبحت، مع إغلاق المصفاة، “مفتوحة بالكامل أمام الشركات الكبرى التي فرضت أسعارها على المواطنين دون أي منافسة حقيقية”.
رفع الدعم دون تقنين الأسعار
أما الخطأ الأكبر كما وصفه بنموسى فهو رفع الدعم دون تقنين الأسعار، مشيراً إلى أن رفع الدعم عن المحروقات تم دون وضع آليات لضبط الأسعار وهامش الربح.
وأضاف أن “القانون كان يسمح للحكومة بتحرير الأسعار، لكنه لم يكن يُلزمها بذلك، حيث كان بإمكانها الإبقاء على تقنين الأسعار ومراقبة المستوردين وتحديد هامش ربح معقول”.
وأشار إلى أن البند الرابع من قانون حرية الأسعار والمنافسة يمنح الحكومة حق التدخل في حالة وجود توترات في السوق، إذ يمكنها إخراج منتج معين من لائحة المنتجات المحررة وتحديد أسعاره لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، مستدركا “لكن لا حكومة بنكيران، ولا حكومة العثماني، ولا حتى الحكومة الحالية لجأت إلى هذا الإجراء، رغم الارتفاع المهول للأسعار”.
سذاجة ومسؤولية ممتدة لليوم
وأكد بنموسى أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق عبد الإله ابن كيران، بل تمتد أيضاً إلى خلفه سعد الدين العثماني، والحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش.
وأشار الخبير الاقتصادي والسياسي في حزب التقدم والاشتراكية إلى أن تحرير الأسعار مباشرة بعد توقف “سامير” وغياب مجلس المنافسة لم يكن “مجرد صدفة”، معتبراً ذلك “شكلاً من سذاجة حكومة ابن كيران في التعامل مع هذا الملف”.
وأضاف أن ابن كيران يعترف أحياناً بأن بعض قراراته لم تكن محسوبة العواقب، مثل موضوع صندوق التنمية القروية، “الذي كان يضم 50 مليار درهم وتم التلاعب به”، وهو ما يعكس، وفق بنموسى، سذاجة الحكومة آنذاك، إذ أن عبد الإله ابن كيران “لم يكن يرى أحياناً التأثيرات الحقيقية لبعض القرارات التي اتخذها”.
لمشاهدة الحوار كاملا، يرجى الضغط على الرابط