بنعمر: استمرار اعتقال نشطاء الريف يتناقض مع شعارات الإنصاف والمصالحة

أكد الدبلوماسي المغربي جمال بنعمر، الذي شغل منصب نائب ومستشار الأمين العام السابق للأمم المتحدة، أن استمرار اعتقال نشطاء حراك الريف وكافة معتقلي الرأي في المغرب “يمثل خرقا واضحا للقانون المغربي وللقانون الدولي”، موضحا أن هذا الوضع يتناقض بشكل صارخ مع ما يروج من شعارات حول الإنصاف والمصالحة واحترام حقوق الإنسان.
وأوضح بنعمر، الذي شغل مبعوثا خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن، في ندوة دولية نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم السبت 06 شتنبر 2025، في إطار الحملة الدولية لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، أن الحملات الدعائية والإعلامية “لا يمكن أن تخفي الحقيقة المرتبطة بملف معتقلي حراك الريف”، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب صدرت في حقهم عقوبات وصلت إلى عشرين سنة سجنا لمجرد مشاركتهم في احتجاجات اجتماعية سلمية.
وفي هذا السياق، استحضر المتحدث مساره الشخصي باعتباره من مواليد الريف، مبرزا أن ذاكرة المنطقة “ما تزال مثقلة بأحداث قمعية تعود إلى سنوات 1958 و1959 ثم إلى يناير 1974”.
وأضاف أن وفاة أحمد الزفزافي، والد المعتقل ناصر الزفزافي، “أعادت إلى الأذهان صور القمع والمقاومة في الآن ذاته”، مبرزا أنه يشعر بالآلام نفسها التي يعيشها ناصر اليوم، بحكم أنه لم يتمكن من رؤية والده وهو في السجن لاثنتي عشرة سنة، كما فقد والدته وهو في المنفى منذ عشرين عاما دون أن يتمكن من وداعها.
وسجل بنعمر أن حراك الريف الذي اندلع سنة 2017 “كان حراكا سلميا بالكامل، ركز على المطالب الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن السلطات واجهته بحملة اعتقالات واسعة وصفت بالأكبر منذ الاستقلال”، موضحا أن أكثر من 1700 شخص تعرضوا للاعتقال، في حين أصدرت محكمة الاستئناف في يونيو 2018 أحكاما ثقيلة بحق 54 ناشطا، من بينهم ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وسمير إغيد، وغيرهم.
وأشار المتحدث إلى أن تقارير منظمات حقوقية وطنية ودولية “وثقت ما تعرض له هؤلاء من تعذيب وانتهاكات، في ظل محاكمات لم تستوف شروط المحاكمة العادلة”، مذكرا بأن حتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أقر بوجود خروقات، “لكنه لم ينشر تقريره النهائي، وهو ما أضعف الثقة في المسار المؤسساتي الرسمي”.
واعتبر الديبلوماسي المغربي أن التطور الأبرز في هذا الملف جاء من خلال موقف الأمم المتحدة، حيث أكد فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في تقريره الصادر في غشت 2024 أن اعتقال ناصر الزفزافي “تعسفي ويتعارض مع القانون الدولي”، داعيا إلى الإفراج الفوري عنه وعن باقي المعتقلين المرتبطين بالحراك، وهو ما وصفه المتحدث بأنه “ضربة قوية و قاضية لمصداقية الخطاب الرسمي المغربي”.
وفي ختام مداخلته، شدد جمال بنعمر على أن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية، منتقدا بشدة “بعض السياسيين الذين يحاولون دفع المعتقلين إلى طلب العفو الملكي”.
وخلص المسؤول الأممي السابق إلى أن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الملف “هو مضاعفة الجهود الوطنية والدولية للضغط من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع معتقلي الرأي بالمغرب”.
*أكرم القصطلني.. صحافي متدرب