بنعليلو: نرفض تقييد دور الجمعيات في التبليغ عن الفساد وسنواصل الدفاع عنها
أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أنها ضد التعديل القانوني الذي يقيد دور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن الفساد، معتبرة أن هذا التراجع لا ينسجم مع المكانة ينبغي أن يحتلها الفاعلون المدنيون داخل منظومة النزاهة.
وشدد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في ندوة صحافية أعقبت الإعلان عن الاستراتجية الخماسية للهيئة لمحاربة الفساد، على أن مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي يدخل حيز التنفيذ دجنبر الجاري ، سجل تراجعاً عن الموقع الذي كان يحتله المجتمع المدني داخل الترسانة القانونية الوطنية.
وأضاف بنعليلو: “نحن ندافع وسندافع دائمًا عن المجتمع المدني الجاد، الذي ينجز المهام المنوطة به بمسؤولية ومهنية”.
وأكّد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الهيئة كانت وما تزال تعتبر المجتمع المدني ركيزة أساسية في منظومة مكافحة الفساد، مشددًا على رفضها الواضح للتعديل القانوني الذي يقيد دور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن حالات الفساد.
وأوضح رئيس الهيئة أن هذا الموقف تم التعبير عنه بشكل صريح داخل البرلمان أثناء مناقشة التعديل، غير أن اعتماد القانون يجعل منه اليوم نصًا واجب التطبيق.
ورغم ذلك، يضيف بنعليلو، فإن القوانين “قابلة للتعديل والإلغاء والإغناء”، وأن الدفاع عن دور المجتمع المدني سيستمر ضمن مسارات المرافعة.
وأكد بنعليلو أن الهيئة تشتغل على مسارات موازية لتعزيز دور المجتمع المدني في ملفات جوهرية مثل التبليغ عن الفساد، مشدداً على أن موقف الهيئة من قضايا التصريح بالممتلكات، وتضارب المصالح، والإثراء غير المشروع “ثابت ومعلن”، وأنها ستواصل الدفاع عنه “في كل محطة من محطات اللقاءات الوطنية”.
وأعلنتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يوم الثلاثاء 9 دجنبر 2025، عن الاستراتيجية الخامسية لمحارية الفساد، والتي تمتد إلى 2030، مشيرة إلى أنها تقوم على ستة محاور كبرى تشمل تعزيز القيادة المعيارية والاستشرافية، وتمكين مختلف الفاعلين من آليات الوقاية، وإشاعة ثقافة النزاهة، إضافة إلى الانفتاح الدولي، والتحول الرقمي، وترسيخ الجاهزية المؤسساتية.
وقال محمد بنعليلو إن الاستراتيجية الجديدة تمثل نقلة نوعية في مقاربة النزاهة، إذ تراهن على بناء أنظمة قادرة على فهم الفساد وقياسه والتنبؤ به، بدل الاكتفاء بردّ الفعل أو معالجة الملفات بعد وقوعها.
وأضاف أن الأمر لا يتعلق بإطار نظري، بل بمنظومة متكاملة تضم 99 مشروعاً موزعاً على ستة محاور ومؤشرات دقيقة، تشكل أساس تحالف وطني واسع ضد الفساد.
وأكد بنعليلو أن الاستراتيجية “لا تنطلق من صفحات تقنية، بل من وعي عميق باللحظة الوطنية، ومن إدراك جماعي بأن المغرب يدخل مرحلة جديدة من مسار بناء دولة حديثة وعادلة وشفافة ونزيهة، تجعل من النزاهة رافعة مركزية لإعادة تثبيت الثقة وإعطاء الإصلاحات الكبرى معناها الحقيقي”.
وأوضح أن الوثيقة تمثل “فصلاً جديداً من فصول مؤسسة دستورية واضحة في خياراتها وقادرة على مواجهة الفساد في صيغته العلنية والخفية، الظاهرة والمستترة، الفردية والمنظمة”، مبرزاً أن “الفساد في كل تجلياته ليس موضوعاً قطاعياً ولا ملفاً تقنياً ولا شأناً إدارياً خالصاً، بل هو معركة وجود”.
ويرى المتحدث أن تسلل الفساد إلى دواليب الدولة “ينهك الاقتصاد، ويشوّه العدالة، ويُسكت صوت الكفاءة، ويؤثر في مستقبل الشباب، ويزرع الشك في النفوس”، مشددا على أن “الفساد ليس فقط خرقاً للقانون، بل هو فشل في الحكامة، واعتلال في العلاقة بين المواطن والمؤسسات، وانحراف عن المصلحة العامة، وتهديد مباشر لشرعية الفعل العمومي”.
وانتقد بنعليلو، في هذا الصدد، استمرار التعامل مع الفساد بمنطق ردّ الفعل، مؤكداً أن المواجهة “لا يمكن أن تظل مرهونة بالتدخل بعد وقوع الضرر وتحريك المساطر بشكل ظرفي ومناسباتي”، بل المطلوب اليوم “تحول مؤسساتي عميق قوامه الانتقال من منطق التصدي والمعالجة إلى منطق الوقاية الذكية والاستباقية، وجعل الفساد هدفاً استراتيجياً في المكافحة، والانتقال من الاكتفاء بإنتاج التقارير إلى بناء أنظمة قادرة على فهم الفساد وقياسه والتنبؤ به”.