بنعبد الله: الحكومة فشلت في تدبير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن “هناك معالم واضحة للاحتقان الاجتماعي بالبلاد، معتبرا أن “الحكومة فشلت في تدبير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”، وهو ما يستدعي، وفقاً له، “تغيير المسار بشكل عاجل”.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، أشار بنعبد الله في مقال له إلى أنه لا أحداً ينكر تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية، إلى جانب التقلبات التي شهدتها الأسواق الدولية، لكنه يتساءل عن “جدوى وجود حكومة إذا كانت تكتفي بجعل هذه العوامل مجرد شماعة تُعلق عليها فشلها الذريع، بدلاً من مواجهتها وإيجاد حلول حقيقية”.
وبناءً على ذلك، طرح المسؤول السياسي سؤالين جوهريين يرى أنهما يجب أن يوجَّها إلى الحكومة، بالنظر إلى الصلاحيات التي يمنحها لها الدستور، وهما: كيف ولماذا وصلت القدرة الشرائية إلى هذا المستوى غير المسبوق، بحيث أصبح موضوع غلاء الأسعار هو الشغل الشاغل للمغاربة؟ وكيف لم تنعكس الميزانيات الضخمة التي تم إنفاقها على مخطط “الجيل الأخضر” ودعم استيراد المواد الغذائية إيجاباً على تحقيق الأمن الغذائي؟
أزمة الغلاء
وأكد بنعبد الله أن “الإجابات على هذه التساؤلات أصبحت واضحة لدى الرأي العام، وتؤكدها أرقام رسمية، بل إن أصواتاً من داخل الحكومة والأغلبية نفسها أصبحت تعترف بوجود أزمة الغلاء وتكشف عن أسبابها، لكنه يلاحظ أن الحكومة، ولا سيما حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يترأسها، تستمر في التغني بإنجازات يعتبرها وهمية، وتتمادى في إنكار الواقع الصعب الذي يعيشه المواطنون تحت وطأة الغلاء، مفضلةً خطاب التبرير بدلاً من اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من حدة الاحتقان الاجتماعي”.
وتابع أن “الحكومة قد أخفقت في توجيه الدعم بعدالة وكفاءة لصغار ومتوسطي الكسابين، مما أثر على القطيع الوطني من الماشية”، معتبراً أن “هذا الفشل ليس إلا جزءاً من إخفاقها الأكبر في جعل مخطط “الجيل الأخضر” في خدمة العالم القروي والفلاح الصغير وتحقيق السيادة الغذائية”.
وأشار إلى أن “الامتيازات الضخمة التي وفرها المخطط، سواء التمويلية أو الضريبية أو العقارية، لم يستفد منها سوى كبار الفلاحين المصدِّرين، في حين استُنزفت الموارد المائية للبلاد، وبات المغرب يستورد معظم حاجياته الغذائية الأساسية، مما جعله خاضعاً بشكل غير مسبوق لتقلبات السوق الدولية”.
إثراء حوالي 18 مضارباً كبيراً
وأضاف في السياق ذاته، أن “الحكومة لم تنجح أيضاً في ضمان استفادة المواطنين من الدعم الذي تقدمه بمبالغ ضخمة لكبار المستوردين”، مشيراً إلى أن “غياب تسقيف للأسعار أو مراقبة للأسواق أدى إلى استمرار ارتفاع أسعار اللحوم بشكل صاروخي، ما أدى إلى إثراء حوالي 18 مضارباً كبيراً على حساب جيوب ملايين المغاربة، وفقاً لما صرح به أحد وزراء الحكومة نفسها”.
وإلى جانب ذلك، اعتبر بنعبد الله، أن الحكومة “فشلت في كبح جماح ارتفاع أسعار معظم المواد الاستهلاكية والخدمات، ويرجع ذلك أساساً إلى المضاربات والاحتكار”، مشيراً إلى أنها “لم تقم بأي مجهود حقيقي لمراقبة سلاسل التوزيع والتسويق، مما سمح لما وصفهم بـ”تجار الأزمة الكبار” باستغلال المواطنين دون رقيب، مبرزا أن قضية “الشاب مول الحوت في مراكش” ليست سوى مثال صغير على ظاهرة أكبر”.
وفي سياق آخر، أشار الأمين العام لحزب”الكتاب”، إلى أن “قطاع المحروقات يشهد بدوره ممارسات غير مشروعة، حيث تُحقق الشركات أرباحاً فاحشة على حساب المواطنين، وهو ما أكده مجلس المنافسة”.
ارتفاع معدلات البطالة
كما اعتبر أن الحكومة “فشلت في التصدي لارتفاع معدلات البطالة، بل إن سياساتها غير الكفؤة أدت إلى فقدان مئات الآلاف من مناصب الشغل، إلى جانب إخفاقها في جلب الاستثمار المنتج، وفي تطوير قطاع صناعي حديث ومتنوع، وفي دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة”.
تضارب المصالح
وفي السياق ذاته، يلفت إلى أن “الحكومة ورئيسها قد سقطا في ممارسات وصفها بالتضارب الصارخ للمصالح، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة دافع عن مصالحه المالية والاقتصادية الشخصية أمام البرلمان في قضايا معينة”، مستشهداً بصفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، معتبراً أنها “مثال واضح على استغلال مواقع المسؤولية لأغراض شخصية”.
كما يشير إلى أن “الحكومة لم تفِ بوعودها فيما يتعلق بتعميم التغطية الصحية وضمان الولوج العادل إلى الخدمات الصحية، على عكس ما تدعيه”، مضيفا أنها “لم تتمكن من تصحيح الاختلالات التي تشوب برنامج الدعم الاجتماعي المباشر”.
واعتبر في هذا الصدد أن “الإخفاقات الحكومية أصبحت أكثر من أن تُحصى، ورغم كل التنبيهات السابقة، فإن الحكومة لم تصغِ لأي منها، بل واصلت تبني خطاب الارتياح والرضا المفرط عن الذات، متجاهلةً معاناة المواطنين”، محذرا من أن هذا النهج الذي تتبعه الحكومة “يهدد تراكمات المغرب ومكتسباته، حيث اعتبر أنه سيكون من الخطأ الكبير الاستمرار في نفس المسار، لأنه قد يؤدي إلى وضع خطير لا قدّر الله”.
“وضع مريح”
إلى جانب هذه الإخفاقات، يؤكد بنعبد الله أن “الحكومة لا تُولي أي اهتمام للأبعاد السياسية والحقوقية، مشيراً إلى أنها تتعامل مع وجودها في السلطة وكأنها في “وضع مريح”، بفضل أغلبيتها العددية التي لا تمتلك أي وزن أو تأثير مجتمعي، كما أنها لا تتواصل مع المواطنين ولا تقوم بأي جهد لتأطيرهم سياسياً”، مبرزا أن “هذا الفراغ الذي تخلقه الحكومة في الساحة السياسية يترك المجتمع عرضة لمختلف التعبيرات العفوية أو المغرضة”.
وفي هذا السياق، اعتبر المصدر ذاته، أن “تعاطي الحكومة مع إصلاح مدونة الأسرة دليل آخر على غيابها السياسي، حيث يرى أنها لم تتحمل أي مسؤولية في تفسير مقترحاتها أو الدفاع عنها، بل اختارت الاختباء وعدم الدخول في أي نقاش عام حول الموضوع”.
وفي ختام تحليله، أكد بنعبد الله أن “مقاربة الحكومة الحالية تتناقض تماماً مع التوجهات التي نصّ عليها النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى “تحرير طاقات المجتمع”، في حين أن السياسات الحكومية الحالية تعمل، وفقاً له، على تقييد هذه الطاقات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحقوقية، مما يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وانعدام الثقة، وهو ما يستوجب، من وجهة نظره، تغيير المسار نحو بديل قادر على تحويل الفرص إلى تقدم حقيقي”.